الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لامارتين: محمد فاتح أقطار الفكر ورائد الإنسان إلى العقل

لامارتين: محمد فاتح أقطار الفكر ورائد الإنسان إلى العقل
8 يوليو 2015 19:55
أحمد مراد (القاهرة) ألفونس دي لامارتين الشاعر الفرنسي المعروف، والمولود في منطقة ماكون، شمال مدينة ‏ليون العام 1790، درس في مدرسة اليسوعيين، وكان يحلم بمشروع ملحمة شعرية يكتبها، لذا ‏قرر زيارة الأماكن المقدسة في الشرق، فزار فلسطين وسورية ولبنان، وسجل هذه الرحلة في كتابه «رحلة إلى الشرق» اتجه للكتابات ‏التاريخية، وتوفي عام 1869. صفحات رائعة في كتابه «تاريخ تركيا» كتب لامارتين صفحات رائعة في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ووصف فكره ‏والثورة الاجتماعية التي قام بها، يقول: ما مِن إنسان مثله قط، إرادياً أو‎ ‎لا إرادياً، له هدف أكثر نبلاً من ذلك الهدف، طالما أنه ‏كان فوق طاقة البشر ألا وهو هدم الخرافات المتوضعة عائقاً بين المخلوق والخالق، وإعادة ‏الله إلى الإنسان والإنسان إلى الله، وإعادة تأسيس الفكرة العقلانية والمقدسة للألوهية في ‏خضم فوضى الآلهة المادية والمشوهة في عبادة الأوثان،‏ ما من إنسان مثله قط، وبوسائل ضعيفة للغاية، قام بعمل لا يتناسب إطلاقا مع قدرة ‏القوى الإنسانية، إذ لم يكن يملك وسيلة تساعده فيه إلا ذاته، سواء في المفهوم الفلسفي أو في ‏تحقيق، مثل هذا المصير العظيم، وكذلك لم تساعده سوى حفنة من البدائيين على ناصية ‏الصحراء،‏ وأخيراً، ما من إنسان استطاع إنجاز ثورة حققت، مثل هذا الانتشار الواسع في العالم ‏ودامت كل هذا الزمن، وذلك خلال فترة قصيرة جداً، إذ أنه وبعد أقل من قرنين على تبشيره ‏بالإسلام، انتشر الفكر الإسلامي التبشيري وسيطر على مناطق الجزيرة العربية ‏الثلاث، وفتح، بوحدانية الله، بلاد فارس وخراسان وترانزوكسيان «أوزبكستان وبلاد ما وراء النهر» والهند الغربية ‏وسورية ومصر وكل القارة المعروفة في إفريقيا الشمالية وعدة جزر في البحر ‏المتوسط وإسبانيا وجزءاً من بلاد الغال «فرنسا».‏ عظمة الهدف ويضيف لامارتين: وإذا كانت عظمة الهدف وضعف الوسائل والنتيجة الكبيرة التي تحققت هي المقاييس الثلاثة لعبقرية الإنسان، فمن يجرؤ بعد الآن على إجراء مقارنة إنسانية بين رجل عظيم من التاريخ الحديث وبين النبي محمد؟!، إن أشهر الرجال العظماء لم يهزوا إلا الأسلحة والقوانين والامبراطوريات، أما هو فقد حرك الجيوش والتشريعات والإمبراطوريات والشعوب والسلالات المالكة وملايين الناس في ثلث المعمورة، بالإضافة إلى ذلك، قد زعزع الأماكن المقدسة والآلهة والديانات والأفكار والمعتقدات والأرواح، لقد أسس على قاعدة القرآن الكريم، الذي أصبح فيه كل حرف يشكل قانونًا، هوية روحيةً تشمل شعوباً من كل اللغات والأعراق، وطبع بحروف لا تزول لهذه الهوية الإسلامية، الكره للآلهة المزيفة وعشق الله الواحد وغير المادي. طاقة البشر ويتابع قائلاً: حياته وتأملاته في خلوته وتحديه البطولي خرافات بلده، وجرأته في مواجهة حنق الوثنيين وثباته في تحمله له خلال ثلاثة عشر عاماً في مكة ، ودعوته المستمرة والحروب غير المتعادلة التي خاضها وثقته بالنجاح والنصر، وسكينته التي تفوق طاقة البشر في النكسات، وحلمه الصبور في النصر، وطموحه في تثبيت الفكرة فقط وليس في تحقيق الإمبراطورية بتاتًا، وصلاته الدائمة، وحواره الصوفي مع الله، وموته ونصره بعد دفنه، كل ذلك يشهد على أن هذا ليس ادعاء وإنما قناعة راسخة، لقد كانت هذه القناعة هي التي أعطته القدرة على إعادة تأسيس العقيدة، إنه فيلسوف وخطيب فصيح ورسول ومشرع ومحارب وفاتح لأفكار جديدة ومؤسس لعقائد عقلانية ولعبادةٍ دون صور، ومؤسس لعشرين إمبراطورية على الأرض ولإمبراطورية روحية واحدة هذا هو النبي محمد، فمن نجد أعظم منه إذا ما قيس بكل مقاييس العظمة الإنسانية؟!. وفي شهادة أخرى يقول لامارتين: إن ثبات محمد وشهامته وجرأته وصبره فيما لقيه من عبدة الأوثان دليل على أن وراءه يقين في قلبه وعقيدة صادقة تحرر الإنسانية من الظلم والهوان، وإن هذا اليقين الذي ملأ روحه هو الذي وهبه القوة على أن يرد إلى الحياة فكرة عظيمة وحجة قائمة حطمت آلهة كاذبة، ونكست معبودات باطلة، وفتحت طريقاً جديداً للفكر في أحوال الناس، ومهدت سبيلاً للنظر في شؤونهم، فهو فاتح أقطار الفكر، ورائد الإنسان إلى العقل، وناشر العقائد المحررة للإنسان ومؤسس دين لا وثنية فيه. قام بعمل لا يتناسب إطلاقاً مع قدرة ‏القوى الإنسانية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©