السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضغوط على النيجر... لتسليم «الساعدي»

7 يوليو 2012
قبل نحو شهرين، أقام الساعدي القذافي وحاشيته سهرة في مطعم راق بهذه العاصمة الرطبة الواقعة في غرب أفريقيا. وعندما قام الـ"دي دجي" بتقديم أغنية بلغة الطوارق تمجد والده الراحل معمر القذافي، قفز الساعدي وحاشيته من كراسيهم وراحوا يصفقون مع الإيقاعات. يقول صاحب المطعم جون إيف ريكو متذكراً: "ثم أخذوا جميعاً يرقصون". وفي واحد من مشاريع "الربيع العربي" التي لم تكتمل بعد، تسعى ليبيا إلى تسلم الساعدي الذي فر إلى هنا في سبتمبر الماضي بعد أن بسط الثوار سيطرتهم على العاصمة الليبية، وذلك من أجل محاكمته بتهم جرائم حرب. ابن القذافي الثالث المبهرج والممارس لكرة القدم، كان قائد القوات الخاصة في بلاده خلال الحرب الأهلية، وكانت الشرطة الدولية (الإنتربول) قد أصدرت "مذكرة حمراء" بشأنه تطلب فيها من البلدان الأعضاء توقيف الساعدي إذا وجدته على ترابها، تمهيداً لتسليمه. وفي مقابلات صحفية، قال مسؤولون من النيجر والولايات المتحدة إن الساعدي (39 عاماً) يوجد رهن الإقامة الجبرية في منزل ضيافة تابع للدولة في نيامي. لكن "منزل الضيافة" هذا هو عبارة عن منزل كبير وفخم أشبه بالقصر محاط بأسوار عالية، ويقع في واحد من أغنى أحياء العاصمة، على مقربة من سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا. ومنذ وصوله إلى هنا، يعيش الساعدي حياة عادية، حيث يأكل في المطاعم ويرقص في النوادي الليلية حتى الساعات الأولى من الصباح، حسب شهادات صحفيين محليين وأصحاب مطاعم ونواد ليلية يتردد عليها الساعدي. غير أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أمرت حكومة النيجر الساعدي بالحرص على الابتعاد عن الأنظار وعدم لفت الانتباه والبقاء في منزله الكبير، وذلك بعد تصريحات أدلى بها لقناة عربية قال فيها إنه على اتصال بأنصار القذافي ويريد استعادة السلطة في ليبيا. لكن في الوقت نفسه، رفضت حكومة النيجر تسليمه بدعوى أنه لن يتلق محاكمة عادلة، مما أثار توتراً مع حكام ليبيا الجدد. وفي هذا الإطار، قال وزير العدل النيجري مارو أمادو: "إننا لن نقبل هذا الطلب"، مضيفاً: "لن نقوم بتسليم شخص إلى حيث من المؤكد أنه سيواجه عقوبة الإعدام". وخلافاً لشقيقه الأكبر سيف الإسلام القذافي، فإن الساعدي غير مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. لكن إضافة إلى مذكرة الإنتربول، فإنه يشكل موضوع عقوبات صادرة عن الأمم المتحدة بسبب قيادته وحدات عسكرية استهدفت المحتجين خلال الثورة الليبية. كما أنه ممنوع من السفر إلى بلدان أخرى. هذا، وتدين النيجر لمعمر القذافي بالكثير، وهو مازال يحظى بشعبية كبيرة هنا. ذلك أنه مثلما فعل مع دول أفريقية أخرى، قام القذافي بتوجيه ملايين الدولارات من الاستثمارات والمساعدات نحو النيجر، حيث قام ببناء مساجد، مثل المسجد الرئيسي في نيامي، وطرق، إضافة إلى المبنى الذي تجتمع فيه الجمعية الوطنية للنيجر. كما سمح القذافي لأكثر من 100 ألف من مواطني النيجر بالعمل في ليبيا، والذين تعد تحويلاتهم المالية أساسية وهامة بالنسبة لعائلاتهم في النيجر، وهي إحدى أقل البلدان تنمية في العالم. وبعد أن زحف الثوار على العاصمة طرابلس في أغسطس الماضي، كانت النيجر وجهة رئيسية لأنصار القذافي. ففي الشهر التالي قامت قافلة كبيرة من المركبات المدرعة الليبية، التي تقل مسؤولين عسكريين وحكوميين -إضافة إلى سبائك ذهب- بالعبور من الصحراء الجنوبية الليبية إلى النيجر. وقد اعترفت حكومة نيامي لاحقاً باستقبال 32 شخصاً، بينهم أقارب وجنرالات عسكريون، وذلك لـ"أسباب إنسانية"، أبرزهم الساعدي القذافي. وحسب برقية لوزارة الخارجية الأميركية تعود إلى 2009، كشف عنها موقع ويكيليكس، فإن الساعدي لديه "ماض مضطرب" يشمل "مشاجرات علنية مع السلطات في أوروبا"، وتعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية، "والإفراط في إقامة السهرات والحفلات". وفي فبراير الماضي، قال الساعدي لقناة تلفزيونية عربية إن عودته إلى ليبيا باتت وشيكة، وإن "70 في المئة من الليبيين غير سعداء بالظروف الحالية"، وهو ما دفع "المجلس الوطني الانتقالي" في ليبيا إلى مطالبة النيجر بتسليمه "حفاظاً على علاقتها ومصالحها" في ليبيا. وثمة مؤشرات على أن حكومة النيجر باتت تضيق ذرعاً بالساعدي، فهي بحاجة إلى علاقات جيدة مع ليبيا، ذلك أن الكثير من مواطنيها يعتمدون على التحويلات المالية التي يرسلها أقارب لهم يعملون في ليبيا. وفي هذا الإطار، قال وزير العدل النيجري "مارو أمادو" إن مكتبه يجري محادثات مع نظيره الليبي، وإن النيجر كانت ستقوم بتسليم الساعدي إلى المحكمة الجنائية الدولية بسرعة في حال وجهت له هذه الأخيرة تهماً. وقال أمادو: "الواقع أن حتى محاميه يريده أن يغادر النيجر، وحتى نحن نريده أن يغادر"، مضيفاً: "نحن لا نرغب في أن تكون لدينا مشاكل مع ليبيا". وفي مطعم ريكو، الجميع يريد من الساعدي وحاشيته مغادرة النيجر. وفي هذا الإطار يقول صاحب المطعم: "كان من عادته القدوم أيام الجمعة والسبت، وحتى وسط الأسبوع، ويبقى أحياناً حتى الثالثة صباحاً"، مضيفاً: "كان يشرب وأصدقاؤه الكثير من الفودكا والجعة". ويذكر ريكو أن الساعدي كان يأتي برفقة خمسة أو ستة ليبيين، بينهم جنرال عسكري، كانوا "جد مهذبين". لكنهم كفوا عن القدوم إلى المطعم. ثم يضيف: "لقد مر أكثر من شهر منذ رأيته آخر مرة... الآن هو فعلاً قيد الإقامة الجبرية، على ما أعتقد". سودرسان راجفان نيامي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©