الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استقالة «جونز» ... واستمرار سياسة الأمن القومي

استقالة «جونز» ... واستمرار سياسة الأمن القومي
9 أكتوبر 2010 20:48
أعلن أوباما أول من أمس، عن استقالة مستشاره للأمن القومي جيمس جونز، وتخليه عن منصبه بنهاية الشهر الجاري، على أن يحل محله نائبه توماس دونيلون، في إطار خطوة انتقالية تؤمّن استمرار السياسات الأمنية نفسها، وخاصةً أن الحرب الأفغانية تدخل الآن مرحلة حاسمة. وفي مراسم احتفال وداع أقيمت بحدائق الزهور بالبيت الأبيض يوم الجمعة الماضي، أعرب أوباما عن امتنانه لعودة الجنرال جونز من تقاعده قبل عامين وانضمامه إلى فريق الإدارة الجديدة. ووصف أوباما جونز بأنه ظل "صوتاً ثابتاً" في جميع إطلاعات البيت الأبيض وفي الاجتماعات التي تعقد مع القادة الدوليين. كما أكد الرئيس "أن العمل الذي بذله الجنرال جونز في تحسين مستوى الأمن الإلكتروني والتصدي لخطر التغير المناخي، يعد خدمة لأولويات الأمن القومي الأميركي، كما يعتبر جزءاً لا يتجزأ من مهمة الإدارة الجديدة في عصرنا هذا". واستطرد أوباما قائلا: "لاشك أن تولي منصب مستشار الأمن القومي من أصعب المهام الحكومية. غير أن جونز أثبت قدرة عالية على التفاني في العمل العام، وظل وفياً لعمله ومسؤوليته، تماماً مثلما عرف عنه تفانيه حين كان مقاتلاً في صفوف المارينز"، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن جونز ظل صديقاً مقرباً له دائماً. وعلى رغم أن استقالة جونز كانت متوقعة، فإنها صادفت وقتاً حرجاً بالنسبة لأوباما الذي يستعد منذ الآن لإجراء مراجعة رئيسية لاستراتيجيته الأفغانية في شهر ديسمبر المقبل. وفي المقابل فإن تعيينه لتوماس دونيلون خلفاً لجونز، يؤكد استمرار وجود ذوي الخبرة الكبيرة، وكذلك وجود استقرار في صفوف القيادة العليا للأمن القومي. ذلك أن دونيلون هو أيضاً شخصية متمرسة في مجال السياسات الخارجية ومعروف في الأوساط السياسية الأميركية، على رغم أنه لا يحظى بشهرة كبيرة في عواصم الدول الأجنبية. يذكر أن الجنرال جونز -المتقاعد أصلاً من صفوف المارينز- تمكن من إضافة خبرة طويلة تمتد لعدة عقود في مجال الأمن القومي من خلال المنصب الاستشاري الذي تولاه في إدارة أوباما، فضلاً عن إعطائه نوعاً من المصداقية العسكرية لإدارة لم يحدث لأي من كبار قادتها المدنيين أن أدى الخدمة العسكرية. وخلال الفترة التي تولى فيها المنصب عمل جونز على توسيع مجلس الأمن القومي ليشمل عدداً من الوكالات المسؤولة عن الطاقة، وعن السياسات الاقتصادية والبيئية، لاقتناعه بأن من شأن هذه القضايا أن تؤدي دوراً كبيراً للغاية في تشكيل الاستراتيجيات الدفاعية والدبلوماسية الأميركية خلال العقود القليلة المقبلة. غير أن جونز وُوجه بمعضلة كبيرة تمثلت في عدم قدرته على التكيف مع الثقافة السائدة في مجلس الأمن القومي، الذي يسيطر عليه عدد من كبار قادة الحملة الانتخابية لأوباما، ممن توطدت علاقتهم به منذ سنوات طويلة. كما أن الشرط المبدئي الذي اشترطه جونز لتولي المنصب: أن يكون آخر من يقابل أوباما في أمر من الأمور الملحة المتصلة بالأمن القومي، لم يلتزم به أحد تقريباً. وعليه، فإن هناك من يعتقد من بين مسؤولي البيت الأبيض -الذين تحدثوا إلينا في هذا التقرير بشرط عدم ذكر أسمائهم فيه- أن الجنرال جونز قد تم التقليل من شأنه وقدراته، وأن البيت الأبيض لم يبذل جهداً لحل المشاكل التي ظل يواجهها الجنرال المستقيل لبضعة شهور. وخلال المراجعة التي تمت لاستراتيجية الحرب الأفغانية في خريف العام الماضي، تصدى جونز للتبريرات التي ساقها القادة العسكريون بهدف زيادة عدد قواتهم هناك، مستنداً في ذلك إلى خبرته الطويلة بصفته قائداً أعلى سابقاً للقوات الأميركية في أوروبا. وعلى عكس هذه المطالب العسكرية بزيادة عدد القوات، ظل جونز متمسكاً بموقفه القائل إن زيادة القوات لن تحدث فارقاً يذكر في مسار الحرب، ما لم تغلق باكستان الملاذات الآمنة على حدودها لتنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان"، وخاصةً أن عمليات التنظيمين يتم التخطيط لها وشنها من تلك الملاذات على الحدود الباكستانية. وفي المقابل، فإن تعيين دونيلون خلفاً له -وهو الذي ظل مستشاراً مقرباً لنائب الرئيس "جو بايدن" منذ فترة طويلة- فيه أيضاً ما يؤمّن استمرار سياسات الأمن القومي للإدارة الجديدة، وكذلك استمرار تجانس فريقها الأمني. وفي الخطاب الذي ألقاه أوباما في حدائق الزهور يوم الجمعة الماضي، أكد أن دونيلون سبق له أن خدم ثلاث إدارات، وأنه يصطحب معه خبرة طويلة ستفيده أثناء توليه لمنصبه الجديد في الإدارة الحالية. وفي الخطاب نفسه قال أوباما إنه لم يحدث لأي مسألة من مسائل الأمن القومي أن تخطت طاولة دونيلون. ومن ناحيته وصف الجنرال جونز زميله وخلفه دونيلون -الذي كان يقف إلى جانبه لحظة إلقاء خطابه القصير أمام الحاضرين- بأنه حليف استثنائي، وبأنه من أشد من عرفهم بأساً وعزماً وتفانيّاً في العمل. وكان قد نسب إلى دونيلون -خلال المراجعة الأخيرة للاستراتيجية الأفغانية في خريف العام الماضي- فضل الإشراف على مختلف مراحل تلك العملية الشائكة المعقدة، خاصة أنها هدفت للتصدي لمطالب القادة العسكريين المتعارضة مع ما يثيره مسؤولو البيت الأبيض المدنيون من شكوك وتساؤلات عن مدى جدوى الاستمرار في زيادة القوات في حرب تزداد معارضة الشارع الأميركي لها، وهي تدخل عامها العاشر دون أن تحقق تقدماً يذكر على الصعيدين الأمني والسياسي معاً. وكما سبقت الإشارة فإن مما يعرف عن دونيلون -على المستويين المهني والشخصي- قربه من "بايدن"، وتطابق رأيه معه تماماً فيما يتعلق باستراتيجية الحرب الأفغانية. ويتلخص رأي "بايدن" في أن يعتمد تطبيق استراتيجية الحرب على أقل عدد ممكن من القوات، مع زيادة عمليات مكافحة الإرهاب التي تستهدف قادة حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة". سكوت ويلسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©