الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاختيار

9 أكتوبر 2010 20:34
تحدثنا في العدد الماضي عن مفهوم الاختيار وأن هناك من لا يدرك معناه بالشكل الصحيح، ووضحنا أن للإنسان القدرة على الاختيار وهو من يختار كثيراً من أمور حياته وفق ما قدر الله تبارك وتعالى له، حيث قال جل وعلا في اختيار الإنسان لطريق حياته: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)(البلد:10). هناك من الناس من يعقد الأمور على نفسه ويضيق الخناق ويتشدد مع أن الخيارات موجودة والبدائل كثيرة والدنيا في سعة والأمور في معظمها يسر، فالسيدة عائشة رضي الله عنها تبين لنا منهاج النبي عليه الصلاة والسلام في هذا فتقول: «ما خُير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه». إننا عندما ننتقل من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية ندخل الجامعة أو الكلية التي نريدها، وندخل التخصص الذي نحبه ونتمناه، ونحصل على الدرجات التي نود الحصول عليها. فقد يقول قائل إنه دخل الجامعة التي لا يريدها والتخصص الذي لم يختاره ولا يحبه لسبب معين، فنقول له: «صحيح أن هناك عوامل أخرى دخلت في الأمر فأثرت على اختيارك ورغبتك، ولكن لا تزال أنت من اختار أن يكون في هذه الحالة». وفي الحياة العملية نختار مكان العمل الذي نريده والوظيفة التي نتمناها والقسم الذي يناسبنا. فقد يقول قائل إنه لم يختار المكان ولا الوظيفة ولا القسم الذي هو فيه، فنقول له: «صحيح أن هناك ظروفا أخرى أثرت في اختيارك ورغبتك، ولكن مع هذا كله فأنت من اختار أن يكون هكذا»، وهذا يعني أننا أمام اختيارين، إما قبول الوضع والتكيف معه وبالتالي ليس لدينا مشاكل معه، أو نغيره بالانتقال لحالة أخرى تتناسب مع وضعنا وإمكاناتنا، وهكذا نكون نحن من اخترنا لأنفسنا أوضاعنا. عزيزي القارئ أريدك أن تأخذ الأمر بروية وإيجابية لتفهم الفرق بين الاختيار وبين الرفض السلبي. فمثلاً إذا تعرض شخص لموقف فيه إهانة له فقابله بالسكوت ولم يفعل شيئا تجاه من يهينه، فإنه بهذا التصرف قد اختار أن يكون حليماً حكيماً ضابطاً لانفعالاته قادراً على التحكم في ردات فعله، فالحكمة تقول: «من الشجاعة أن تجبن ساعة»، فهو قد اختار مقولة «إن تجبن ساعة» ليس ضعفاً وإنما قوةً في الاختيار لإدارة الموقف. فلا تقل: «كان من المفروض عليه تأديبه وإيقافه عند حده»، فليس هناك مفروض وغير مفروض بل هناك اختيار لردة الفعل وللعاقبة. قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)(الفرقان:63)، فهؤلاء اختاروا أن يقولوا للجاهلين: «سلاما»، وللحديث صلة. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©