الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إماراتيات يبدعن منتجات تراثية بأفكار عصرية

إماراتيات يبدعن منتجات تراثية بأفكار عصرية
28 سبتمبر 2018 00:31

أحمد النجار (دبي)

حرفيات إماراتيات يحركهن شغف احتراف الفنون والمشغولات اليدوية، لصنع الأثر وإحداث الفارق في خدمة مجتمعهن، هُن يعرضن منتجاتهن التراثية ضمن منصات وأكشاك «المعرض التراثي لأصحاب الصنعة»، الذي احتضنته ساحة دبي مول، بدعم وتنظيم ورعاية وزارة تنمية المجتمع بدبي، وشهد إقبالاً كثيفاً من قبل الزوار من مختلف الجنسيات والثقافات، حيث وجدت المنصات إقبالاً على المقتنيات والهدايا التي يفوح منها عبق التراث المحلي بأمثاله الشعبية وقصائده الشعرية ونفحاته الثقافية الأصيلة، والتي تعبر في جوهرها عن ماضي الآباء والأجداد وسيرة حياة الأولين.

سوق مفتوح
خلال جولة مصورة لـ «الاتحاد» في أرجاء المعرض، الذي تضمن مشاركات عشرات السيدات من صاحبات الصنعة، أكدن أن المرأة الإماراتية قادرة على تأمين مصدر دخل لها ولأسرتها من خلال بعض الحرف اليدوية والمشغولات الفنية والإبداعية، لكنها في نفس الوقت تأمل إلى مزيد من الاهتمام المستمر، والدعم اللازم لتوفير «سوق تراثية مفتوحة» مخصصة للأسر المنتجة وأصحاب المشاريع الصغيرة، يتم تأجير منصاتها بكلفة معقولة، تشجيعاً للمرأة على العطاء والإبداع والتمسك بحرفتها وإنتاجياتها واستمرارها في حماية تراثها والترويج لها والاحتفاء به.
ليلى الهاشمي مدربة معتمدة في فن الديكوباج، من الأسر الإماراتية المنتجة، وأعمالها عبارة عن ديكورات منزلية وأدوات للزينة، ومنها دلال القهوة وفناجين ومباخر وشموع وأزياء وعطور تراثية مصنعة يدوياً، وتصف منتجاتها بأنها مقتنيات ثمينة توحي بعراقتها وطابعها القديم، وتميزها رسومات ومنمنمات من الأمثال الشعبية والحكم والأقوال المأثورة والقيم التي سار على نهجها «جيل الطيبين» كما يحلو لها توصيفه.

مدربة معتمدة
بدأت ليلى الهاشمي، بالخياطة عام 2010، عبر تجارب إنتاج أعمال يدوية بأنواعها، ثم قررت احتراف وتعلم فن الديكوباج، بعد أن وقعت في غرام هذا الفن المعاصر، وعلى مدى سنوات التحقت بدورات مهنية في الإمارات والكويت، ودرست في أكاديمية «sb» البريطانية، ونالت شهادة معتمدة كمدربة للعمل اليدوي في فن الديكوباج، لتصبح حرفية ماهرة برتبة مدربة معتمدة، وساهمت في نشر ثقافة فن الديكوباج بين أوساط السيدات الإماراتيات، وسخّرت خبراتها كمعلمة متطوعة في العديد من المشاغل الخاصة في إمارة دبي، لصالح تعليم فتيات هاويات ونساء مهتمات بتطوير مشاريعهن، وقدمت ورشا تعليمية متخصصة في مدارس ثانوية محلية ومراكز ثقافية أبرزها مركز الأميرة هيا بنت الحسين الثقافي الإسلامي.
وأوضحت ليلى، أن شغفها قادها إلى تطوير موهبتها وقدراتها مهنياً وإبداعياً لتتحول من ربة بيت إلى سيدة منتجة، تهدف من خلال حرفتها إلى إرضاء طموحها وخدمة مجتمعها، من دون أن يفوتها الإشارة إلى حجم الدعم الذي نالته من وزارة تنمية المجتمع بدبي لتشجيعها على مضاعفة وتيرة إنتاجها وتوفير منصات مهمة لإبراز أعمالها في معارض مختلفة.

مصدر دخل
وقالت الهاشمي، إنها تعتمد على حرفتها كمصدر دخل أساسي لأسرتها، مشيرة إلى إنها لا تتردد في تقديم تجربتها وتعليم هذه الحرفة لمن يطلبها، ويتحول بيتها إلى فصول دراسية لاستقبال السيدات الإماراتيات الشغوفات، وفي رصيد ليلى مبادرات إنسانية ومسؤولية مجتمعية، حيث قدمت دورات وورش خاصة لأصحاب الهمم في مراكز مختلفة، وأضافت: «وجدت متعة كبيرة في التعامل معهم وتعليمهم، ولمست في عيونهم إصراراً وشغفاً على التعلم والحماس لامتلاك زمام حرفة تحرر قدراتهم وإبداعاتهم.

بأسماء نساء
منصة أخرى، تقودها ثريا حديد، صاحبة مشروع «أمي ثريا» المختص بالتراث الإماراتي المطور، حيث تبدع «ماما ثريا» كما يحلو للجميع مناداتها، كونها من كبار السن، ولديها فلسفة فنية في صياغة أعمال يدوية بصبغة تراثية، تتضمن أعمالها «لفة طبقة»، وعلب مناديل للزينة، وديكورات وأغطية للدلال وأكياس لحفظ الحلويات والهدايا ومطرزات وحقائب وسواها، وقالت ثريا، إن كل أعمالي مصنوعة من ليف النخيل، وتحرص على مزج التراث مع أكسسوارات حديثة وخيوط صوفية لإنتاج عرائس بأشكال دمى.
وتطلق ثريا على أعمالها أسماء تراثية قديمة مثل صوغة والجدة عوشة، كما ترسم على ملابس البحارة مثل «الوزار والفنيلة» «مذكرة بحار»، مستشهدة بقصيدة الدكتور مانع سعيد العتيبة، التي تحفظها عن ظهر قلب: كان للوالد في البحر رفاق وسفينة/‏‏‏ صنعوها بالأيادي السمر شماء متينة/‏‏‏ رفعوا فيها شراع الحب لا شرع الضغينة/‏‏‏ فإذا الأمواج ثارت ولها صارت رهينة/‏‏‏ برز الإيثار فيهم وبطولات دفينة/‏‏‏ قهروها بثبات وإرادات مكينة.. إلخ.
وقد شاركت ثريا في معارض محلية وخليجية في مجال التراث، وكشفت أن حرفتها لا تعدو بالنسبة إليها بأكثر من مجرد هواية حيث تنفق أياماً لإنجاز قطعة من أجل غاية إنسانية، مشيرة إلى أن العائد المادي من ريع منتجاتها يذهب للعمل الخيري كوقف لتفريج كرب وقضاء دين المعسرين، لافتة إلى أن كثيراً من السياح يقتنون أعمالها خاصة بعض الصينيين، الذين يستنسخون أعمالها ويقلدون نفحاتها التراثية وخصوصيتها الجمالية.

ذوق الجدات
وديمة سعيد مصممة أزياء تراثية، دفعها عشقها للأزياء لاحتراف مهنة التصميم، ولديها معمل خياطة في منزلها، لإنتاج أزياء تراثية لكل الأعمار والمناسبات، مثل الثوب الإماراتي والمخورات والجلابيات وألبسة العرائس والميزع الذي تتميز به، وتتسم تصاميمها بنفحات فنية وتطريزات قديمة مع تطعيمات عصرية بسيطة، تستغرق تنفيذ القطعة الواحدة من يوم إلى ثلاثة أيام، وتستوحي أفكارها من الطبيعة والبيئة الإماراتية ولباس الجدات وذوق نساء «زمن لوّل»، مشيرة إلى أنها باحثة تراثية ميدانية، وموظفة في الأرشيف الوطني، وتركز في بحوثها على الأزياء التراثية القديمة، وتجلب موادها وخامات أقمشتها من محال قديمة بدبي.

محتوى تراثي
حمد فهد شهيل، حرفي في فن الرسم على الأواني بأنواعها، مثل الحرارات والطناجر وحافظات الخبز والطعام وصحون الحلويات واللقيمات وآنية التمور والرطب والدلال والأباريج بأشكالها، وترقى منتجات حمد إلى أعمال فنية، وتستخدم كديكورات منزلية وأدوات للاستخدامات الحياتية، وينتقي حمد كلماته جيداً قبل طباعتها على الأواني، بهدف إضفاء جماليات وألوان تراثية مختلفة لإرضاء جميع الأذواق، مشيراً إلى أنه يعشق هذا الفن منذ صغره، وقرر تحويل مشروعه من فكرة إلى منتجات فنية منذ عام 2004، وأضاف: أفكر في ابتكار اسم ماركة لأعمالي ذلك لأنني أشعر بأن المهنة تُسرق من يدي، من خلال الكثير من المقلدين الذي يطبعون أعمالي ويعيدون تصديرها، وغايتي إيصال المحتوى التراثي عبر الأواني إلى شعوب وثقافات العالم عبر ماركة محلية باسم «شهيل».

أناقة الزي التراثي
تسعى وديمة سعيد من خلال تصاميمها إلى ترسيخ فكرة أن الزي التراثي الإماراتي، ينافس في أناقته وجوهره الأزياء العالمية، التي يتأثر بها الكثيرون، مع أن بعض بيوت الموضة ودور الأزياء المرموقة، استلهمت من الأزياء الشعبية الخليجية قصات وتطريزات ونفحات فنية، كما تنصح وديمة جمهور المصممين المحليين بضرورة الحفاظ على أصالة الزي الشعبي واقتناص الفرص في الترويج له، وإبرازه في معارض أزياء عالمية. وكانت وديمة قدمت عروض أزياء تراثية مختلفة، أخرها في معرض العروس بأبوظبي، وأضافت: «ليس من السهل على المصممة العادية أن تمسك بخيط الحشمة والأناقة في الزي الشعبي، وتضيف تصورات تراثية ولمسات إبداعية عليه، وتأمل عودة المرأة الإماراتية لارتداء الأزياء التراثية القديمة، وإحيائها في المناسبات الاجتماعية والوطنية، كونها مرتبطة بالهوية والقيم والعادات وتقاليد الأولين.

علاج للاكتئاب
لفتت ليلى الهاشمي، إلى أن فن الديكوباج يمثل علاجاً ضد الاكتئاب والضغوط والتوتر الذي تعانيه غالبية النساء، حيث لمست حالات لجأت إلى تعلم الديكوباج، وبعد انسجامهن ذابت كل مشكلاتهن النفسية، كما وجدت أن طريقة الرسم بالفرشاة والتعامل مع الألوان وعبارات التفاؤل، وسط بيئة اجتماعية يسهم في تفجير طاقات إيجابية وأفكار ملهمة، تزيل التوتر وتبث الطمأنينة والألفة. والهاشمي تتبنى رسالة مجتمعية هادفة.
وأشارت إلى أن روح التراث حاضرة في أعمالها ومنتجاتها الفنية، وتهدف من خلالها إلى تعريف الأجيال الحالية بقيم الآباء وسيرة الأجداد عبر الرسم والكلمة لتوثيق الماضي في ديكورات منزلية عابقة بالأصالة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©