الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطة سنغالية لتوطين الهايتيين في أفريقيا

خطة سنغالية لتوطين الهايتيين في أفريقيا
3 فبراير 2010 21:29
خلال الآونة الأخيرة، اجتمع القادة الأفارقة بمناسبة القمة الأفريقية التي انعقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لمناقشة قضايا متعددة من بينها اقتراح الرئيس السنغالي، عبدالله واد، بإعادة توطين الهايتيين الذين نزحوا من ديارهم بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في الشهر الماضي. لكن المقترح الداعي إلى فتح البلدان الأفريقية أمام الهايتيين، والذي قوبل في البداية بالذهول، بدا ببساطة غير قابل للتطبيق وبعيداً عن الواقع، إذ كيف يمكن لبلد تصل فيه نسبة الفقر إلى 54 في المئة توفير الأرض لأجانب طوح بهم اليأس على الجهة المقابلة للمحيط؟ إلا أنه ورغم هذه الحقيقة، أعلن "واد" في الأسبوع الجاري أن 50 هايتيًا قبلوا عرضه هذا في الوقت، الذي سينظر فيه قادة الاتحاد الأفريقي فيما إذا كانت هناك وسائل أخرى لمساعدة إخوانهم الأفارقة خارج القارة. الرئيس السنغالي صرّح للصحفيين في القمة الأفريقية بأن "الهايتيين يريدون المجيء إلى أفريقيا، حيث سُجل 25 منهم لدى قنصليتنا في جاميكا، و25 آخرون سجلوا أنفسهم عبر الإنترنت"، كما حث الدول الأفريقية على بذل المزيد من الجهد لاستقبال أكثر من مليون من سكان هايتي، الذين تهدمت منازلهم، قائلًا: "لذا لا أعتبر أن اقتراحي غير واقعي، فهم لديهم الحق في العـودة إلى أفريقيا، التي هي أرضهم الأصليـة، وإذا كانوا قد احتلوا من قبل الأميركيين، فإننا سنجد لهم الأرض في أفريقيا". وفي حين يرى العديد من الغربيين أن هايتي هي البلد الأفقر في الجزء الغربي من العالم، والتي تعاني من فساد قادتها الديكتاتوريين، إلا أنها تمثل بالنسبة للأفارقة النموذج الذي ألهم معركتهم التحررية وانعتاقهم من نير الاستعمار. فقد تخلص الهايتيون من الاستعمار الفرنسي في عام 1808، وأعلنوا أنفسهم أول جمهورية سوداء، وبعد قرن ونصف القرن على ذلك عندما بدأت المستعمرات الأفريقية تأخذ أولى خطواتها على طريق الاستقلال من الاستعمار الأوروبي، وجدوا النموذج والمثال في إخوانهم بمنطقة الكاريبي وأميركا، وأطلقوا على ذلك الوحدة الأفريقية باعتبارها مثالًا يلخص التضامن الأفريقي، الذي ألهم جيلًا كاملًا من القادة الأفارقة من بينهم عبدالله واد. ومع أن فكرة "الأخوة الأفريقية" وجدت لها صدى لدى بعض الأفارقة وجذبت الكثير من المهتمين، إلا أنها لم تقنع بعض الوجوه الثقافية من الأميركيين من أصول أفريقية مثل الروائي الأميركي"ريتشارد رايت"، الذي زار غانا في عام 1959 وكتب عن ذلك الالتباس الذي يشعر به الأميركي الأفريقي عند زيارته لأفريقيا قائلاً: "لقد وصفت أفريقيا لفترة طويلة بأنها شيء معيب ووحشي لأنها الأرض التي يمشي فيها الناس عرايا، والأرض التي باع فيها الأسلاف أصدقاءهم كعبيد، فلطالما سمعنا هذه الأمور إلى درجة تدفع المرء إلى الرغبة في النأي عن هذه الحقائق". ولكن رغم ذلك وانطلاقاً من الستينيات استجاب البعض في أميركا والكاريبي إلى نداء الدول الأفريقية المحررة حديثاً مثل غانا ونيجيريا والسنغال وإثيوبيا للاستقرار في أفريقيا واقتسام مهاراتهم ومعرفتهم ورؤوس أموالهم مع القارة السمراء. وعن هذا الموضوع يقول "جيمس شيكواتي"، مدير الشبكة الإقليمية للاقتصاد في نيروبي "هناك عامل نفسي في الاقتراح الذي طرحه الرئيس السنغالي بعودة الهايتيين إلى أفريقيا، فلو نحن نظرنا إلى دول أخرى مثل الهند لرأينا كيف استفادت من مهاجريها ووظفت خبرتهم لتحويل الهند إلى ما هي عليه اليوم، وهو ربما الجزء الأهم في الرسالة الرمزية التي يحاول الاتحاد الأفريقي توجيهها إلى الأفارقة خارج القارة". لكن المشكلة مع أفريقيا أنها جربت في السابق مسألة عودة الأميركيين السود إلى القارة السمراء، ولم تكن جميع الحالات ناجحة، ففي سيراليون التي أنشأتها بريطانيا عام 1787 كوطن للعبيد المحررين في الغرب، ظل الوافدون الجدد منكفئين على أنفسهم، واستخدموا تعليمهم ومهاراتهم للسيطرة على السكان المحليين، وهو ما حدث أيضاً في ليبيريا التي أقامها في العام 1821 عبيد أميركا المحررون، حيث سرعان ما ظهرت فجوة عميقة بين القادمين الجدد والغالبية الفقيرة، واندلعت كنتيجة لذلك العديد من التمردات كما شهد البلدان حروباً أهلية خلال التسعينيات، كان الدافع وراءها الانقسامات العرقية. وحول صعوبة استقبال الهايتيين في أفريقيا يقول "ريتشارد كورنويل"، المحلل السياسي المستقل في جنوب أفريقيا "رغم الرومانسية التي ينطوي عليها اقتراح الرئيس السنغالي، لكنه من غير المرجح أن يستميل قلوب المزارعين السنغاليين الذين ستؤجل طلباتهم بالحصول على الأرض". والأكثر من ذلك يؤكد "رايموند لو"، مدير تحرير "التقرير الجنوب الأفريقي" بجوهانسبورج أن الأهم في الاقتراح هو توضيح التفاصيل، إذ كيف لمزارع اعتاد على أراض استوائية غزيرة المياه في هايتي أن يتعامل مع أرض قاحلة في منطقة الساحل بأفريقيا؟ وكيف يمكنه النجاح والاندماج في المجتمع المحلي، قائلا "من الجيد أن يُعطى الهايتيون الأرض في أفريقيا، لكن ما لم يصاحب ذلك التدريب والموارد فإن التجربة مآلها الفشل". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: جنوب أفريقيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©