الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل تناقش هجمات «دفع الثمن»

7 يوليو 2013 22:25
ويليام بوث وروث إيجلاش أبو غوش استيقظ إبراهيم حمزة قبل انبلاج ضوء النهار. وعندما ركب شاحنته، اعتقد أن الأمر يتعلق فقط بإطار في حاجة لبعض الهواء. غير أن حمزة، الذي ينتمي إلى واحدة من العائلات المسلمة المؤسِّسة التي استقرت في أبوغوش البلدة الواقعة غرب القدس قبل قرون، سرعان ما أدرك أن 28 مركبة أخرى مركونة على شارعه تعرضت إطاراتها للثقب. وقبل أن تبدأ وسائل الإعلام -إلى جانب الشرطة ثم الرئيس الإسرائيلي لاحقاً- في الوصول إلى البلدة، وجد حمزة وجيرانه عبارات بالعبرية مرسومة برذاذ الطلاء على الجدران: «العنصرية أو الرحيل». والواقع أن ترجمتها العربية لا تنقل المعنى بشكل دقيق، الذي يقترب من شيء أشبه بـ«ارحلوا وإلا». والتخريب الذي وقع في بلدة أبو غوش قبل أسبوعين يعد جزءاً من ظاهرة متنامية في إسرائيل والضفة الغربية تدعى هجمات «دفع الثمن». في البداية، كانت أعمال التخريب هذه -استعمال رذاذ الطلاء على جدران المساجد، وتدنيس المقابر، وإحراق المصاحف، وقطع أشجار الزيتون- جزءاً من حملة يُعتقد أنها تشن من قبل متطرفين يهود، للانتقام والثأر للإجراءات التي تُتخذ ضد المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وكانت الفكرة تتمثل في أنه متى قام الجيش الإسرائيلي بإزالة «مستوطنة عشوائية» غير قانونية، أو هاجم مقاتلون فلسطينيون مستوطنين، فإن شخصاً ما سيدفع الثمن. ولكن الهجمات أخذت تزداد اليوم، وكذلك الحال بالنسبة للأهداف، التي لم تعد تشمل المسلمين في الضفة الغربية وإسرائيل فحسب، وإنما النشطاء اليساريين أيضاً، إلى جانب المدارس والكنائس والأديرة المسيحية، التي أخذ المخرِّبون يستهدفونها برسوماتهم وكتاباتهم على الجدران. وحسب منظمات للحقوق المدنية، فإن هجمات «دفع الثمن» تحولت من بضع هجمات في عام 2008 إلى 23 هجوماً حتى الآن هذا العام. وقد أحصت إحدى المنظمات أكثر من 20 حادثاً استهدفت مساجد وكنائس منذ عام 2010. وفي شهر يونيو فقط، سُجلت ثلاثة حوادث من هذا النوع وقعت في أحياء وبلدات حول القدس. وفي هذه الأثناء، يتصارع المجتمع الإسرائيلي حول الكيفية التي ينبغي تسمية هذه الهجمات بها. فهل هي «إرهاب» أم نوع من أنواع «الشغب»؟ أم هي «حوادث إجرامية ذات دوافع وطنية»! مثلما تسمى الآن؟ ولكن بعيداً عن الدلالات اللغوية، فإن ما يزيد من الطابع المُلح للسؤال هو حقيقة أن عدداً قليلاً من مرتكبي هذه الهجمات تعرضوا للتوقيف، على رغم براعة وقوة الجيش والشرطة وأجهزة الاستخبارات في إسرائيل. ففي بلد حيث كاميرات المراقبة موجودة في كل مكان، وحيث يتم إعداد ملفات ضخمة حول الشبان الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة، فإن الكثير من الإسرائيليين يشتبهون في أن سبب عدم توقيف عدد أكبر من المخرِّبين اليهود يكمن في حقيقة أن الدولة ليست مهتمة كثيراً بالقيام بذلك. يشار هنا إلى أن استطلاعاً للرأي أجرته القناة العاشرة في إسرائيل ونشرت نتائجه هذا الأسبوع وجد أن قرابة 60 في المئة من المستجوَبين توافق على أن الحكومة «لا ترغب حقاً في القبض» على مرتكبي هجمات «دفع الثمن». ولكن كانت ثمة بعض الاعتقالات. وآخرها يوم الاثنين، عندما تم اعتقال إسرائيلي في الثانية والعشرين من العمر على علاقة بهجوم استهدف «دير الرهبان الصامتين» في اللطرون في سبتمبر. وكان المهاجمون أحرقوا أبواب الدير، وكتبوا بواسطة رذاذ الطلاء عبارة مسيئة للمسيح، إضافة إلى كلمة «ميغرون»، في إشارة إلى «مستوطنة عشوائية» غير مرخص لها تم إخلاؤها بالقوة من قبل الجيش الإسرائيلي في سبتمبر. وهذا الصيف، دخل النقاش حول الكيفية التي ينبغي التعامل بها مع ظاهرة هجمات «دفع الثمن» البرلمان الإسرائيلي، حيث تدفع وزيرة العدل تسيبي ليفني بتشريع لاعتبار جرائم «دفع الثمن» أعمالًا إرهابية، وهو ما من شأنه منح الأجهزة الإسرائيلية صلاحيات كبيرة للتنصت على الهواتف، والتفتيش بدون مذكرات، واعتقال مشتبه فيهم بدون توجيه تهم إليهم. وفي يوم الاثنين، أعلن وزير الدفاع يوشي يعلون أن هجمات «دفع الثمن» في إسرائيل يمكن أن تعرَّف باعتبارها «تنظيماً غير قانوني»، ما يعني أن مرتكبيها اليهود يمكن أن يواجهوا العواقب القانونية نفسها التي يواجهها «إرهابيون» فلسطينيون. ويمكن أن يصدر القضاء في حقهم أحكاماً قاسية -ليس مجرد بضعة أشهر، وإنما سنوات في السجن. غير أن العديد من الإسرائيليين يعتقدون أن في ذلك كثيراً من المبالغة. وفي هذا الإطار، قال داني دايان، المدير السابق لمجلس «يشا»، وهو المظلة التي تنضوي تحت لوائها مجالس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، إن هجمات «دفع الثمن» تُرتكب عادة ضد الممتلكات، ولذلك ينبغي التعامل معها باعتبارها «شكلاً متطرفاً من أشكال التخريب»، أو حتى «جريمة كراهية». أما الإرهاب بالنسبة للإسرائيليين، يقول دايان، فهو «وجود انتحاري في مركز تجاري مكتظ أو شخص يطلق النار على الناس». ويرى أن هجوماً من هجمات «دفع الثمن» تُستعمل فيه القوة المميتة -على غرار الهجوم الذي ألقى فيه متشددون يهود قنبلة حارقة على جنود إسرائيليين- ينبغي اعتباره إرهاباً؛ ولكن ليس الكتابة على الجدران بواسطة رذاذ الطلاء أو ثقب الإطارات. ويقول في هذا الإطار: «إنه لا مجال للمقارنة بين هذا والإرهاب الفلسطيني»! وفوراً بعد ثقب الإطارات في أبو غوش، أسرع السياسيون والوزراء الحكوميون الإسرائيليون للاعتذار والوعد بالقبض على المذنبين. كما ذهب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى منزل إبراهيم حمزة وقال إنه آسف لتعرض البلدة لهذه الجريمة. لكن جابر يشدد على ضرورة أن تقبض السلطات الإسرائيلية على الفاعلين، ويقول: «إنه أمر لا يصدق كون إسرائيل تستطيع القبض على الأعداء، وعلى أعداء متطورين جداً في الخارج، ولكنها لا تستطيع القبض على مجموعة من المجرمين الذين يعيشون هنا»، مضيفاً أن هذه الهجمات تحدث في جو لسان حاله يقول: «لا بأس، لا تخشوا شيئاً لأنه لن يُقبض عليكم أبداً». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©