السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اسكندنافيا» ليست «مدينة فاضلة»

18 يناير 2015 22:36
تعيش الولايات المتحدة حالياً ما يمكن وصفه بموجة هوس بكل ما هو اسكندنافي، وهو أمر يعزى جزئياً إلى المرتبة المتقدمة التي تتبوأها السويد وجيرانها الذين يتمتعون أيضاً برخاء وازدهار ومساواة في الحقوق والفرص – الدانمارك والنرويج وآيسلندا وفنلندا – في التصنيفات العالمية لكل شيء من السعادة إلى قلة الفساد، مروراً بالمساواة بين الجنسين واستهلاك الخضراوات العضوية. صحيح أن قبائل «الفايكينج» القديمة كانت متفوقة في العديد من هذه المجالات، ولكنني أخشى أن الأضواء القطبية الشمالية أبهرتنا – نحن غير الاسكندنافيين – وأعمتنا عن بعض الحقائق. ولنتأمل هنا التقارير الدالة والمعبرة حول المدارس الفنلندية (التي تُعد الأفضل في العالم، حسب مجلة سميثسونيان، وإنْ كانت أحدث التصنيفات تشير إلى أنها أخذت تتراجع)، والسجون النرويجية («الجيدة»، وفق مجلة «ذي أتلانتيك»- ولا شك أن حقيقة أن النرويج بالكاد تتوافر على سجناء تساعد على ذلك)، والسلامة على الطرق النرويجية يذكر هنا أن عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو يرغب في استنساخ التجربة، وإنْ كنتُ أشك في أن المخالفات على السرعة التي ترتفع مع الدخل لن تحظى بشعبية واسعة في مانهاتن). ثم هناك الإعجاب بالمطبخ الاسكندنافي. وهل هناك صحيفة أو مجلة أميركية لم تكتب عن الشيف الدنماركي رينيه ريدزيبي؟ إنني أعيش في الدانمارك، ورغم أنه تم تجاوزها على ما يبدو كأسعد بلد في العالم من قبل بنما أو كوستاريكا أو فيجي، يعتمد ذلك على أي قائمة تعتمد، إلا أنها ما زالت بلداً عظيماً ورائعاً، وخاصة لتربية الأطفال. بيد أن اسكندنافيا ليست «المدينة الفاضلة» كما يصورها في كثير من الأحيان الليبراليون الأميركيون أو الـ11 مليون أميركي من أصل اسكندنافي، تماماً مثلما أنها الجولاج أو معسكر العمل شبه الشيوعي الخاضع لسيطرة الدولة، كما يريدنا بعض اليمينيين أن نعتقد. والواقع أن جملة من الأحداث العالمية والداخلية تضافرت لتجعل الحياة غير أكيدة أكثر بالنسبة لشعوب اسكندنافيا الذين كانوا يحققون نتائج ومعدلات جيدة من قبل. فانخفاض أسعار النفط، على سبيل المثال، أصاب النرويجيين بقلق وتوتر. ذلك أن طفرة النفط التي بدأت في أوائل السبعينيات حوّلتهم من موضوع للسخرية والتندر إلى أغنياء الشمال؛ غير أن العائدات أخذت تتراجع الآن وبدأ الاقتصاد يترنح لأول مرة منذ عقود. والنرويج أيضاً تواجه مشاكل؛ حيث تعاني من ازدياد التوتر العرقي – مثلما يشير إلى ذلك إلقاء قنبلة حارقة على مسجد في إيسكلستوناون يوم عيد الميلاد. وقد شهدت البلاد مؤخراً صعوداً للجناح اليميني؛ حيث فاز حزب «الديمقراطيين» السويدي، الذي تعود جذوره إلى حركة النازيين الجدد، بـ13 في المئة من الأصوات في الانتخابات العامة في سبتمبر الماضي. صعود يعزوه البعض إلى سياسة «الباب المفتوح» التي تبنتها السويد في مجال الهجرة؛ بينما يشير آخرون إلى ضعف إدماج المهاجرين وما ينتج عن ذلك من معدلات كبيرة في الجريمة والبطالة. ومن جانبها، تعرضت الدانمارك لضربة أكبر من جيرانها عقب الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، والتي زادت الضغط على نظام الرعاية الاجتماعية، الذي يُمول من الضرائب الأعلى في العالم. وعلاوة على ذلك، هناك شك متزايد في أن التعليم الحر والرعاية الصحية اللذين نتلقاهما ليسا جيدين مثلما يفترض؛ حيث تحتل المدارس الدانماركية مراتب غير متقدمة في التصنيفات الدولية من حيث الأداء، كما تسجل البلاد أعلى معدلات للإصابة بالسرطان. وعلى غرار النرويجيين، يبدو أن الدانماركيين قد تأثروا بانخفاض أسعار النفط. ذلك أنهم أيضاً عاشوا طفرة نفطية، بلغت أوجها في الثمانينات، كما أنهم يعملون، إلى جانب النرويجيين، أقل عدد من الساعات سنوياً مقارنة مع أي شعب أوروبي. مايكل بوث * * كاتب بريطاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©