الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حق الليلة ذكريات من «خريطة» الحلويات إلى التهنئة الإلكترونية

حق الليلة ذكريات من «خريطة» الحلويات إلى التهنئة الإلكترونية
4 يوليو 2012
تحيي الأسر اليوم ليلة النصف من شهر شعبان، ضمن مناسبة تسمى «حق الليلة»، بمظاهر تتنوع بين الدينية والاجتماعية، تحمل في طياتها العديد من الدعوات إلى التلاحم الأسري والتزاور وصلة الرحم، كما تشارك العديد من المؤسسات والجهات الحكومية في الدولة في إحياء المناسبة، التي تدرجت من زمن «الخريطة» المملوءة بالمكسرات، إلى سلال جميلة محملة بأفخر أنواع الشكولاته، التي تزينها عبارات التهنئة، وصولاً إلى تبادل التهاني عبر الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي. في المقابل، استعدت المحال التجارية للاحتفال، حيث يقدم الكثير من المواطنين والمقيمين على شراء حاجيات المناسبة من مكسرات وسكاكر وملابس وأزياء خاصة بها، تستحدث وتتطور كل عام. تختلف مسميات مناسبة الاحتفال بليلة النصف من شعبان بين الدولة، حيث تسمى في سلطنة عمان «قرنقشوه»، وفي الكويت والمملكة العربية السعودية «القرقيعان»، وفي مملكة البحرين ودولة قطر «قرنقعوه»، أما على المستوى المحلي، فحين يأتي موعد ليلة منتصف شعبان، تسود الاحتفال مظاهر تأثرت ببعض التغيرات الاجتماعية التي تصيب المجتمعات، وبقي منها بعض المعالم، التي تتمثل في استعداد كل فتاة وصبي بكيس تمت حياكته خصيصاً للمناسبة، بالإضافة إلى الملابس التراثية التي يحتفي بها خلال المناسبة. إلى ذلك، قالت أم عبدالرحيم موسى، إن المناسبة فرصة للفرح في زمن شحت فيه الأفراح من كثرة سماع أخبار القتل والحروب في المناطق المحيطة بنا، التي زادت خلال الفترة الماضية، كما أنها فرصة للتقرب إلى الله بصلة الرحم والتزاور بين الأقارب، حيث تدور الأحاديث خلالها عن فضل الشهر، وأنه شهر عظيم من أشهر الله، قل انتباه الناس إليه لأنه يتوسط رجب ورمضان. وعن معالم الاحتفال بالمناسبة، قالت، كان الصبية يحملون أكياساً ذات لون سادة مثل الأبيض أو الأزرق أو غيرهما، أما الفتيات فكانت الأمهات قديماً يفصلن لهن أكياساً من الأقمشة الملونة، وفي عصر ذلك اليوم وبعد أن يخرج الرجال والصبية من المساجد بعد صلاة العصر، تشرع أبواب المنازل ويخرج الأطفال منشدين أمام كل منزل. وصول الضيف وأضافت، منذ كنا أطفالاً كان أهلنا يخبروننا عن قرب انتصاف شهر شعبان بفرح، لأنهم ينتظرون قرب وصول أكرم وأعز ضيف، وهو شهر رمضان الذي يتحدثون إليه مخاطبين، وكأنه شخص يسمعهم، لقد قرب وصولك يا شهر الخير يا أبو البركات، يا مقربنا من العفو والمغفرة. وأضافت فاطمة أم سيف: أن الأهل عندما ينتصف شعبان يقولون لنا سنصنع لكم أكياس حق الليلة، وستخرجن مع إخوانكن أو مع صديقاتكن، لأن كل بيت سيوزع الحلوى فرحاً بانتصاف شهر شعبان نحو أبو الخير والكرم رمضان، وحين يخرج الأطفال في جماعات، بكل منطقة أو فريج مجموعة، يرددون، “أعطونا من حق الله جدام بيتكم وادي والخير كله ينادي”، وكان الجميع يخرجون جماعات، بنين وبنات، ولكن كانت كل مجموعة تنتمي لعائلة واحدة أو لعائلات بينها قرابة، وفي النهاية يتلاحمون في الطرقات بين البيوت وقد يقفون لينظر كل طفل إلى كيس الآخر، ليرى إن كان يضم أكبر قدر من الحلوى. وأشارت إلى أن ربات البيوت والأمهات يضعن النقود المعدنية مثل الدراهم أو أنصاف الدراهم، وقديماً كان يتم وضع الأرباع حسب الحالة المادية لكل أسرة، فكان الأطفال يتباهون بمن في كيسه حلوياته أكثر وعدد كبير من النقود، وحين يقف الأطفال أمام منزل أبوابه مغلقة، فإنهم يقلبون بيت القصيد الذي ينشدونه فيقولون، «أعطونا من حق الله جدام بيتكم طاسه ووجوهكم محتاسه»، ومعناها وجوهكم ملتوية، وكانوا يتضاحكون وهو ينشدون ذلك لأنهم إنما يفعلون ذلك من باب الدعابة، ومن باب قول جمل لم يعتادوا على ذكرها في حياتهم اليومية، وتلك الضحكات والفرحة لا تبدأ منذ تلك اللحظة، لكنها تبدأ من الوقت الذي تبدأ فيه المحال بعرض أطنان من مختلف أنواع الحلويات والمكسرات. وشاركت أم مروان في الحديث بقولها، تعرض المحال مجموعة كبيرة من الحلوى والمكسرات، منها ما يباع بالكيلو ومنها ما يكون معبأ في أكياس بأنواع مختلفة جاهز للشراء، دون الوقوف لاختيار ما هو معروض بالكيلو، فكان الأطفال يرافقون أهلهم، لمشاهدة آلاف الكيلوجرامات من الحلوى والمكسرات، والمشاركة في مشهد شراء مستلزمات حق الليلة، أما اليوم فقد بدأت هذه العادة وكأنها غريبة، وبدأت صورتها تبتعد، فهناك عوامل عدة ساهمت في ذلك، لأن العائلات والأهالي يقولون إن من أهم أسباب اختفائها، أن حارات أو مناطق كاملة لم يعد يشاهد فيها الأطفال في تلك المشاهد الجميلة. وقالت إن الجيل الذي كان يغذي هذه العادة لم يعد موجوداً، وهم جيل الأجداد والآباء، والسبب الثاني أن معظم العائلات مؤمنة بأن هذه العادة لا يجوز فعلها لخوفهم من أن يكونوا يحيون بدعة، كما أن هناك أسباباً أخرى ومنها أنها كما يقولون، إنها عادة تعلم الطفل التسول، ونحن نؤمن أن ذلك غير صحيح، لأن شخصيات فاعلة في الدولة ولها مناصب وقد أصبحوا أجداداً، ومنهم من حملة الشهادات العليا قد خرجوا للمشاركة باحتفالات حق الليلة في صغرهم. تغير العادات وأشارت إلى أن البعض غير مقتنع بذلك، لأنه يعلم أن تربية الأطفال تبعدهم عن أن يتعودوا على التسول، لأن الصغار يعيشون في نعمة وليسوا بحاجة لذلك، موضحة أن هناك من يرى أن الحياة في الإمارات تغيرت وتباعدت البيوت وكثر وجود جنسيات مختلفة تحيط بالأسر، ويقف كثير من المتطفلين لمشاهدة البيوت المفتوحة، حيث تحرج النساء من الوقوف لمنح الأطفال الحلوى، ولذلك قل الاحتفال بهذه المناسبة. وتكمل أم مروان، عند آذان المغرب تتوقف تلك الحركة أو تلك القرقعات الصادرة عن الأطفال، وما تحويه أكياسهم من نقود وحلوى مفضلة تسمى «الصبيعات» وهي سكاكر محلية ملونة، ومن تلك القرقعة جاءت تسمية أهل الكويت والسعودية لها بالقرقيعان أو قرنقعوه في البحرين وقطر. من جهة أخرى، اعتمدت بلدية رأس الخيمة خطة حملات التفتيش على المحال التجارية للتأكد من مدى التزامها بقوانين وإشعارات البلدية فيما يخص عمليات النظامة وصلاحية حلويات حق الليلة. من جهتها، استعدت منافذ البيع والمحال التجارية في رأس الخيمة للاحتفال بليلة النصف من شعبان، حيث همّ سكان في الإمارة بشراء حاجيات المناسبة من مكسرات وسكاكر وملابس وأزياء خاصة بها، تستحدث وتتطور كل عام عن الذي سبقه وتتفاوت في الأشكال والأسعار. ويعتبر التجار وأصحاب المحال التجارية أن المناسبة فرصة جيدة لإنعاش تجارتهم وبيعها، التي تكون في أكثر الأحيان مرتفعة وباهظة عن سعرها الحقيقي على لسان المستهلكين. ويقوم عدد من الباعة في هذه الفترة من السنة بعرض البضائع والمنتجات الخاصة بالمناسبة، وبالأخص في السوق القديم المجاور لسوق السمك وسوق المعيريض وأماكن تجمع الأهالي، ما يعرض المنتجات للتلف وانتهاء صلاحيتها. ويقول خميس الطنيجي إن التجار بدؤوا في استغلال المناسبة بشكل كبير من خلال رفع الأسعار، ويضطر الأهالي لشراء كميات كبيرة ما يكلفهم أسعاراً تتراوح ما بين 1000 إلى 1500 درهم، موضحاً أن المناسبة أصبحت لدى عدد من الأسر وسيلة للتباهي، فنرى الأم تريد أن توزع المخلوط من المكسرات والحلويات بماركات فاخرة ومعروفة لكي تكون هي الأفضل وتضع بطاقة تهنئة تحمل اسم ابنها أو ابنتها عليها. وعن المناسبة والاحتفال بها، يقول محمد حسن الشميلي إنه على الرغم من تغير الزمن في كل نواحي الحياة، لا تزال مجتمعاتنا الخليجية تهتم بالاحتفال بهذه المناسبة على الرغم من اختلاف مسميات هذه الليلة من بلد لآخر، وبعد زمن الأكياس «الخريطة» المملوءة بالمكسرات، أصبحت الحلويات، والمكسرات، والهدايا توضع في سلال جميلة، وتوزع على الأقارب والأصدقاء في بيوتهم، محملة بعبارات الود والمحبة مثل، عساكم من عواده، وكل وأنتم بخير، أو الطفل «الفلاني» يبارك لكم بالمناسبة وغيرها من العبارات، مشيراً إلى أن الجديد هذا العام هو عروض أكياس وسلال وأشكال وأزياء “حق الليلة” التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي أصبحت بينها ومحال البيع منافسة كبيرة يضيع بينها المشتري والمستهلك. وتقول أم راشد إن فرحتها لا تكتمل بهذه المناسبة من دون أن تتوجه إلى منافذ البيع التي عرفت في رأس الخيمة لشراء مستلزمات المناسبة والتي يقوم الأهالي والمواطنون خلالها بشراء المكسرات والحلوى والألعاب، وغيرها، بالجملة من محال السوق القديم، على أن يعاد تعبئتها في أكياس قبل توزيعها على الجيران والأقارب، وتتفاوت الكميات حسب قدرة كل مشتر، والتي قد تكون في أكثر الأحيان مرتفعة الثمن ولكنها عادة لا بد منها. بالمقابل، يؤكد التجار أنهم يحرصون في هذه المناسبة على الاستعداد لها قبل الأوان بأسابيع، بتوفير مختلف الألعاب وجلب التحف والسلال والملابس وغيرها، خصوصاً مع المنافسة الكبيرة التي نشطت في السنوات الأخيرة. ويشير حسين حكيم، تاجر، إلى أنهم كانوا يبيعون في السابق قبل 15 سنة مكسرات متنوعة تتضمن “الميز والنخي والزبيب والفول السوداني والجوز وعين الجمل وبعض الحلويات الصغيرة وملبس بيض الحمام أو بيض الصعو بألوانه الأزرق، والسماوي، والوردي، والأبيض” والتي تخلط جميعاً مع بعضها و تباع “بالمن”، وكان الأهالي يتسابقون لشرائها بكميات كبيرة، وكانت تفرح الأطفال على الرغم من أنها لا تحتوي على حلويات مثل الآن، وكان يباع معها أحياناً عصير الشربت وبالهلوان ، واليوم تغير الوضع بشكل كبير وأصبحت الألعاب والحلويات والسكاكر هي الرئيسية في التوزيعات إلى جانب الشيكولاته.
المصدر: دبي، رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©