الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"بلومبرج": تورط قطري في حملات قرصنة وتجسس إلكتروني

"بلومبرج": تورط قطري في حملات قرصنة وتجسس إلكتروني
20 سبتمبر 2018 00:11

دينا محمود (لندن)

فجرت شبكة «بلومبرج» الإخبارية العالمية الشهيرة فضيحة جديدة لنظام الحمدين من العيار الثقيل، بعد أن كشفت عن تورط النظام القطري في حملات قرصنةٍ وسطوٍ إلكترونيٍ ضد مئات الأشخاص، من بينهم ساسة ورجال أعمال مناوئون لها في الولايات المتحدة، وكذلك مشاهير عرب، مثل الملياردير المصري نجيب ساويرس ولاعبي كرة قدم مصريين لم يُكشف عن هويتهم، ونشطاء حقوق إنسان سوريين. وجاء افتضاح أمر ضلوع الدوحة في هذا المخطط واسع النطاق، على يد فريقٍ من المحامين والخبراء التابعين لرجل الأعمال الأميركي البارز إليوت بريودي - الصديق المقرب من الرئيس دونالد ترامب - الذي يحاول أن يميط اللثام عن تفاصيل الحملة المشبوهة التي شنها «نظام الحمدين» ضده طيلة الشهور الماضية بهدف تشويه سمعته، باعتباره أحد أبرز الرافضين للسياسات القطرية التخريبية والطائشة.
وفي هذا الإطار، يجري الفريق تحقيقاتٍ مكثفةً لكشف أبعاد عملية القرصنة المعقدة وواسعة النطاق التي تعرض لها بريودي - وهو أحد أبرز جامعي التبرعات لصالح الحزب الجمهوري الحاكم في الولايات المتحدة - على يد عملاء للنظام القطري وجهوا رسائل تبدو بريئة المظهر إلى عناوين حسابات بريدٍ إلكترونيٍ تابعةٍ له، وذلك بغرض السطو على كلمات المرور وغير ذلك من المعلومات السرية الخاصة بها.
وتشكل هذه العملية محوراً لدعوى رفعها رجل الأعمال الأميركي أمام إحدى محاكم الولايات المتحدة، ويتهم فيها الدوحة بـ«الاستعانة بشركة جلوبال ريسك أدفيزرز التي تعمل في مجال تقديم الاستشارات الخاصة بالأمن الإلكتروني، وذلك لتنسيق حملة القرصنة هذه»، والتي أفضت إلى السطو على بعض الرسائل الخاصة به، وتسريب تفاصيلها إلى وسائل الإعلام بعد تحريفها وتغيير بعض التفاصيل الواردة فيها، للإيحاء بأنه سعى للتأثير على ترامب ودفعه لاتخاذ سياساتٍ متشددةٍ حيال قطر، لخدمة مصالحه الخاصة.
وفي سياق جهود بريودي لإثبات التورط القطري في هذه العملية، تمكن خبراء متخصصون يعملون لحسابه - حسبما كشفت «بلومبرج» - من التعرف على عددٍ من الشركات الضالعة فيها واستصدار مذكراتٍ باستدعاء ممثليها، ومن بينها شركة «تايني يو آر إل» التي ساعدت في التمويه على العناوين الحقيقية للمواقع التي استُخْدِمَتْ في قرصنة الحسابات البريدية وسرقة المعلومات السرية الخاصة برجل الأعمال الأميركي.
وقالت الشبكة في تقريرٍ أعده «إلي ليك»، إن تتبع هذه الشركة وغيرها بدا بمثابة «منجم ذهب» لـ«بريودي» ومساعديه حيث أتاح لهم الفرصة لـ«كشف النقاب عن النمط الذي اتُبِعَ للاحتيال على رجل الأعمال الأميركي، وكذلك عن قائمةٍ تضم أكثر من ألف عنوان حساب بريد إلكتروني آخر، تمت مهاجمتها بالأسلوب نفسه» الذي اتبعه عملاء قطر مع القيادي الجمهوري.
وحمل التقرير عنوان «ليس القراصنة الإلكترونيون الروس وحدهم هم من يتعين أن نقلق بشأنهم»، في إشارة إلى الاتهامات الموجهة لموسكو بشن هجماتٍ إلكترونيةٍ للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. ونقلت فيه «بلومبرج» عن فريق محامي بريودي قولهم إن القراصنة الإلكترونيين العاملين لحساب «نظام الحمدين» بدأوا شن هذه العمليات اعتباراً من عام 2014 على أقل تقدير، وأن الضحايا المحتملين لها يشملون بالإضافة إلى ساويرس، مواطناً سورياً من أصلٍ أميركيٍ يُدعى معاذ مصطفى، يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسةٍ خيريةٍ تحمل اسم «قوة مهام الطوارئ لسوريا».
كما ورد في القائمة اسم رجل دين يهودي، وأسماء اللاعبين المصريين الذين برر تقرير «بلومبرج» وجود أسمائهم بكون قطر هي البلد المُنظم لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.
وفي إشارة إلى الأدلة الدامغة التي تثبت ضلوع الدويلة المعزولة وعملائها في عمليات التجسس هذه، قال التقرير إن منفذيها - الذين تخفوا وراء عناوين وهمية في غالبية هجماتهم الإلكترونية - غفلوا في عددٍ من المرات عن ذلك وهو ما أتاح الفرصة لربط العناوين التي استخدموها بـ«شركة أوريدو لتقديم خدمات الإنترنت، والتي تمتلك جهاتٌ حكوميةٌ قطريةٌ غالبية أسهمها».
وفي تأكيدٍ على الطبيعة التجسسية للهجمات الإلكترونية التي شنها العملاء القطريون، قالت «بلومبرج»، إنه في الوقت الذي يهتم فيه القراصنة الإلكترونيون عادةً بالتعرف على تفاصيل الحسابات المصرفية، ولكن «في هذه الحالة، بدت العملية كلها مُصممةً للحصول على معلوماتٍ سياسيةٍ استخباراتيةٍ تهتم بها الحكومة القطرية»، مُشددةً على أن «نطاق العملية وأهدافها يوحيان بأنها جرت على يد دولة».
ونقلت الشبكة الإخبارية الشهيرة عن «سام روبين»، وهو نائب مدير شركة «كريبسيس جروب» للأمن الإلكتروني - التي أطلعت على دراسةٍ أجراها محامو بريودي بشأن القضية - قوله إن حجم المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال هذه العملية «يتجاوز قدرات أي شخص»، مُشيراً إلى أن العملية نُظمت «بشكلٍ منهجي»، وشارك فيها فريق من القراصنة يعمل لحساب الحكومة القطرية، كما يؤكد رجل الأعمال الأميركي.
ووصفت «بلومبرج» من تستهدفهم الحملات الإلكترونية التي يشنها «نظام الحمدين» بأنهم «ضحايا لنوعٍ جديدٍ من الحروب ذات الطابع السياسي» التي قالت الشبكة، إن ملامحها تغيرت منذ عام 2014 بعد أن باتت الحكومات المتورطة فيها - في إشارةٍ واضحةٍ إلى قطر - لا تكتفي بالتجسس على مناوئيها فحسب، وإنما تعمل على تسريب أسرارهم بعد تشويه ملامحها كذلك.
وفي نهاية التقرير، شددت الشبكة على أن أهمية الدعوى التي رفعها بريودي على النظام القطري باتت الآن تتجاوز مجرد كونها تتعلق بمواجهة محاولةٍ لتشويه سمعة جامع تبرعاتٍ للحزب الجمهوري فحسب، في ضوء أنها تُظهر أيضاً كيف تحاول بعض الدول «المزج ما بين عمليات التجسس التقليدي والحرب المعلوماتية»، قائلةً، إن ذلك «لا يمثل مشكلةً لإليوت بريودي وحده بل للأميركيين جميعاً».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©