الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شيخة السويدي: أول كاميرا اشتريتها كان ثمنها «10 دراهم»

شيخة السويدي: أول كاميرا اشتريتها كان ثمنها «10 دراهم»
6 يوليو 2013 01:31
تقول الأسطورة القديمة إن «نرسيس» أغرق في الماء، لأنه فُتن بالصورة، وذابت مهجته فيها، ليجسد أول حالة افتتان المرء بالصورة على مر التاريخ، وبدء خوض تجارب تحويلها إلى واقع. لكن المصورة الفوتوغرافية الإماراتية شيخة السويدي والتي تحب أن يناديها الجميع بـ«أمي شيخة»، بدأت التصوير في عمر مبكر لتعد بذلك أولى مصورات زمن الأولين، ولم لا فهي أبدعت في التقاط أكثر من صورة للماضي القديم، تأخذنا نحو سر هذا الافتتان من خلال مشاهداتها وإن اختلفت وتعددت الرؤى إلا أنها تبرز ما تتمتع به من حساسية بارعة تجاه اقتناص اللحظة المناسبة في مشاهد الحركة وإيقاعاتها البصرية في تطور ضوئي تميز بتنوع التجارب الإبداعية في القرن الماضي. شخصية اتصفت بالطيبة، لا يفارق البرقع وجهها ولا الابتسامة محياها، فهي من جيل النساء القدامى، عشقت التصوير الفوتوغرافي وصورت العديد من اللقطات التي مازالت ذاكرتها تدور في مخيلتها، فبدأت من وجوه الجيران والأصدقاء إلى حركة السفن، وإشراقه الشمس، ترصد بكاميرتها لحظة ضوء تجسدها ومضة خافتة لتسافر بنا إلى مشاهد مصورة بدقة وحنكة، تنم عن عين بصرية تتمتع بسرعة اغتنام اللحظة وتكثيفها في مشهد بصري يجسد صورا لحياة الأجداد. رحلة البداية في ترحال ضوئي إلى فضاءات أرحب في مشوارها الفوتوغرافي تنطلق شيخة السويدي، لتحكي لنا عن بداياتها مع عالم التصوير، ولتسافر بنا إلى ذلك المكان لتنسج من خلاله من دون أن نشعر رواية لما شاهدته، ولتخلق في نفس الوقت الشوق لكل صورة التقطتها في لحظات الزمن البعيد، والتي لم تدعها تعبر دون أن تترك شيئا من عبقها. تسرد السويدي رحلة البداية وتقول «بعد وفاة والدي عندما كنت في عمر 9 سنوات، تأزمت أوضاع العائلة، فانتقلنا من فريج المرر إلى بر دبي، منطقة شارع الفهيدي حاليا، لأنضم أنا ووالدتي إلى منزل محمد شريف الملقب باسم أرباب وكيل الشيخ سعيد. الرسم بـ«الصخام» وتواصل السويدي بداية شغفها بعالم الضوء والتصوير قائلة: «واصلت تعليمي حتى الصف الخامس، وخلال تلك المرحلة كنت شغوفة بالرسم، حيث كنت أرسم بعض الأشكال والوجوه «بالصخام» يعرف حاليا بالفحم الأسود، حينها تمكنت يداها من التحكم بعمق أكثر في رسم اللوحة، لكن مشاهداتها للصحف والجرائد التي ترسل إلى الدولة من الخارج وتُلف بالخبز والتمر كانت تضم مجموعة من الرسومات، فكانت ترسم الصور التي في الجرائد، فرأى رسمتها أحد الجيران وهو «خليل ملا قمبر» وهو أول من اكتشف موهبتها، حيث كان يعمل في مكتب كرمكنزي. فأخذ الرسمة إلى وكيل كرمكنزي جورج جابمان، «بريطاني الأصل»، الذي أعجب برسوماتها كثيرا فأعطاها لوحة أكبر لكي ترسمها فرسمتها بجدارة وانتهت منها في نفس اليوم. بداية التصوير تسترجع السويدي شريط ذكريات تلك الأيام والانطلاقة، لتؤكد أنها تعلمت التصوير حين كانت تعمل في مكتب مسؤول عن خروج ودخول السفن من الميناء التابع للشيخ سعيد آل مكتوم حاكم دبي «رحمه الله»، من خلال توصيل البرقيات التي تأتى عبر السفن من أوروبا والهند إلى مكتب الشيخ سعيد آل مكتوم، بعد أن يقوم شخصا بترجمتها إلى العربية. وتذكر السويدي أن المكتب الذي كانت تعمل فيه يضم شابا مواطنا وبريطانيين، وشخصين هنديين أحدهما يُدعى «جيتاه»، وهو الآن صاحب فندق «امباسادور» في دبي، وكان يملك المذكور كاميرا صغيرة الحجم من نوع «أجفا» لكن حبها لمعرفة المزيد عن تلك الكاميرا ذات اللون الأسود دفعها للفضول بالاقتراب أكثر لمعرفة أسرار ذلك الجهاز، الذي وجدته أمرا غريبا في ذلك الوقت، والأغرب من ذلك خلال قيام «جيتاه» بالتقاط صور للسفن التجارية التي تمر عبر الخور، حيث تقول عن ذلك «خلال ذلك طلبت منه أن يعلمني التصوير وكان عمري حينها 17عاماً، فتعلمت منه أساليب التصوير الفوتوغرافي وكيفية التقاط الصور في وقت النهار والظل، بالإضافة إلى كيفية فتح العدسة وإغلاقها». رحلة التصوير وتضيف السويدي: لكي تظهر الصور بشكل أجمل وأكثر وضوحاً ونقاء، كانت تجهل طريقة تحميض الصور، فحبها لعالم التصوير لم يمنعها من تعلم المزيد بل وجدت ابنة الدكتور محمد حبيب آل رضا، هي الشخص الوحيد الذي يمكن أن تتعلم منها أبجديات هذا العالم الضوئي في تحميض الصور، وبالفعل تعلمت منها طريقة التحميض خاصة حين رأت الصحف التي تأتي من خارج الدولة، لتحول احدى الغرف في المنزل إلى معمل للتحميض وشراء كل المعدات اللازمة من الورق الأحمر الشفاف وأدوات التحميض، وتم تجهيز المعمل بالضوء الأحمر والمواد الكيميائية. وحول أول كاميرا اشترتها السويدي، تذكر أنها كانت من نوع «أجفا- أم الخرطوم»، وثمنها في ذلك الوقت لم يكن مرتفعاً، فقط «10دراهم»، وقد تم شراؤها من محلات «عبد الكريم كابتن» وهو أول وكيل للكاميرات في الإمارات في ذلك الحين، لتبدأ من هنا رحلة التصوير الفعلي من خلال التقاط صور للجيران والأصدقاء، ومناظر الطبيعة، لكن الصور التي مازالت لها ذكرى عالقة في ذهن السويدي هي صور الحريق الذي نشب في دبي أوائل الستينيات، واحترقت فيه معظم بيوت «العريش»، وامتد من متحف الفهيدي عند ديوان حاكم دبي حتى بحر الشندغة وراح ضحيته عدد غير قليل من الناس، بالإضافة إلى صور أخرى لغرق إحدى السفن التجارية في خور دبي، وصورة كذلك لأول بنك أنشئ في دبي وهو «البنك البريطاني». السويدي في سطور ? شيخة جاسم محمد السويدي من مواليد 1936، ولدت بفريج المرر بدبي، وتعلمت حتى الصف الخامس الابتدائي. ? تهوى الشعر النبطي وتحفظ عن والدتها أشعارا من الفصحى. ? تهوى الرسم والأنشطة اليدوية، وعمل مجسمات تراثية إضافة إلى هوايتها الأولى وهي التصوير الفوتوغرافي. ? 6 من أحفادها ورثوا عنها موهبة الرسم والتصوير. ? فازت ابنتها خلود عام 2010 «بجائزة العويس الثقافية» التي نظمت في لندن عن لوحتها «البرقع». معارض داخلية هذا الكم الهائل التي تحتفظ بها شيخة السويدي في صندوق ذكرياتها لصور باللون الأبيض والأسود لم تكن تدرك أهميته، باعتباره ثروة قديمة لابد من الحفاظ عليها، لكن ابنتها أمينة، التي تعمل في هيئة الأوقاف بدبي، دفعت بها للمشاركة في معارض داخلية لتبرز أهم الصور التي التقطتها والدتها في تلك الحقبة من الزمن، وأبرز تلك المشاركات المحلية التي شاركت فيها السويدي بصورها هو معرض «أيام في ذكرى عيد جلوس الشيخ محمد 2010» في دار ابن الهيثم في البستكية بدبي، وإقامة أول معرض صور فوتوغرافية عن «دبي القديمة»، والمشاركة أيضا في معرض بعنوان «من عبق الماضي» حيث ضم الأخير 30 صورة تعكس ملامح دبي القديمة، لتحصل على الدعم والمساندة من أشخاص وجهات عدة، باعتبارها أول مصورة من الإمارات».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©