الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عودة صلاح الدين

عودة صلاح الدين
5 يوليو 2013 19:27
تقول النكتة أن إماما كان يدعو، في صلاة الجماعة، إلى عودة صلاح الدين ليقودنا إلى النصر ويحرر القدس، وبما أنها مجرد نكتة ولا مبرر لمنطقية الأحداث فيها، فقد تمت الاستجابة إلى دعواته المتكررة، فتجسد صلاح الأيوبي أمام المصلين جميعا، وكما هو مفترض ، فقد شرع في دعوتهم إلى القتال من أجل تحرير الوطن، ودعاهم لبناء جيش تحت قيادته من أجل التحرير . هنا، اختلفت وجوه المصلين ، وصاروا يتهربون من صلاح الدين الأيوبي، ويختلقون المبررات من أجل عدم الانتظام في جيش التحرير المرتقب ...هذا يقول بأن زوجته ستلد اليوم ، وليس عندها أحد سواه ، وذاك يقول بأن أمه مريضة وهو يقوم بشؤونها ..وآخر يدعي بأنه مصاب بـ «الغرغرينا»، وآخر بالسرطان وثالث بالإيدز. أعذار في أعذار في إعذار، حتى خلا الجامع من جميع المصلين ، بمن فيهم الإمام، ولم يبق سوى صلاح الدين الأيوبي وحيدا. في صلاة الجماعة التاليـة، قام الإمام بتعديل دعائه بالقول: «اللهم أعد لنا البطل صلاح الدين الأيوبي ..وجيشه الذي كان معه». بالمناسبة، أنا متفائل، متفائل بقوى الشعب الحية، وبقدرتها على اجتراح المستحيل من أجل الخروج من مستنقع الهزيمة الآسن. أنا متفائل بقدرة الناس على تجاوز الخلافات المذهبية السخيفة التي تمت إعادة استنساخها وتوزيعها على كافة أنحاء العالم العربي الكبير. لكن هذا التفاؤل مشروط بالوصول إلى مرحلة الوعي بالمشكلة ، الوعي الذي يولّد الإرادة وليس القنوط. ومن أجل الوصول إلى هذه الدرجة من الوعي، فإن علينا أن ندرك تماما. أن ندرك تماما، أننا في جميع أنحاء العالم العربي، بلا استثناء، نعاني من انهيار تام وكامل وأكبر بكثير من الانهيار الذي كنا نعاني منه عشية الخامس من حزيران عام 1967، لا بل أننا كنا نمتلك إرادة القتال آنذاك، وكنا على استعداد كبير لتضحية في سيل التحرير، وكنا متفقين على ذلك جميعا ، من قوميين واشتراكيين ودينيين ويساريين ومتدينين وبرجوازيين وعمال وعاطلين عن العمل .... كنا جميعا ..حكومات وشعوبا، وإن كانت الشعوب اكثر صدقا وطهارة . الآن، ماذا أقول لكم ، فأنتم تعرفون أكثر مني: سوريا والعراق ومصر والأردن والسعودية، دول المواجهة ..أضعف بكثير مما كانت عشية الخامس من حزيران، أضعف، ليس بمعنى أن الأسلحة أقل عددا وعدة، لا بل لأن الواقع متهتك فيها، والتفكك يفتك بها، والصدأ يعلو جميع براغي الأنظمة، والجماهير مرتبكة ومفككة، وعاجزة عن الفعل الحقيقي ...لا داعي لتطويل الشرح ، فقد نزّلت الدمعة من عيني. في مقابل ذلك ، فإن العدو الصهيوني صار أقوى استراتيجيا وعسكريا –بفضلنا طبعا- ويمتلك علاقات استراتيجية وتكتيكية مع الكثير من دول العالم، أكثر بكثير مما كانت لديه عشية الخامس من حزيران. أرجو من كل من يعتقد عكس ما قلت أن يراجع مصادره، فأنا أعرفها جميعا، وهي انتصارات وهمية أو إعلانية وإعلامية، وهي اضعف بكثير من أن تؤثر على ميزان المعركة في الميدان مباشرة. هل نحتاج إلى هزيمة أخرى بحجم هزيمة حزيران حتى نصحو مثل المضبوع الذي يرتطم رأسه بصخر المغارة؟. أما أننا نستطيع- إذا عرفنا واقعنا- أن نبحث عن أدوات الرفع والوحدة، من أجل صنع الإرادة الفاعلة القادرة على الشروع في النهوض ؟. هذا ما علينا أن نقرره جميعا، قبل فوت الأوان. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©