السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدارة أوباما في 2013... شرق أوسط متغير

إدارة أوباما في 2013... شرق أوسط متغير
1 يناير 2013 23:14
دان مرفي بوسطن - الولايات المتحدة قبل قرابة أربع سنوات، خاطب الرئيس الأميركي باراك أوباما جمعاً غفيراً ومتحمساً في جامعة القاهرة واعداً بـ«بداية جديدة» بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي. في ذلك الخطاب، رسم أوباما الخطوط العريضة لرؤية عهد جديد من التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط، عهد يتميز بدعم أميركي ثابت للديمقراطية وبإعادة ترتيب الأولويات. وقال أوباما حينها: «لقد أتيتُ إلى القاهرة سعياً وراء بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين عبر العالم، بداية تقوم على المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل». وإذا كان أوباما قد أنهى الحرب في العراق وفق جدول وضعه سلفه بوش الابن، فإن العديد من الوعود التي وردت في ذاك الخطاب لم يتم الوفاء بها. ذلك أن السجن العسكري في خليج جوانتانامو لم يغلق، والتقدم بخصوص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يتحقق، والتنمية الاقتصادية الموعودة لأفغانستان، المحاصرة بحرب يبدو أوباما اليوم مصمماً على إنهائها في عام 2014، لم تترسخ. غير أنه بعد أربع سنوات، حصل أوباما على بداية جديدة – ليست من صنعه، وليست البداية التي كان يتخيلها أو يريدها عندما قدم سلسلة وعوده المثيرة في القاهرة. ذلك أن إقدام محمد البوعزيزي على إحراق نفسه ثم موته في تونس في ديسمبر عام 2010 أدى إلى أكبر تحول في الشرق الأوسط منذ الستينيات، وقد عززت أحداث العام الماضي في مصر وسوريا وتونس وليبيا واقعاً جديداً راديكالياً سيتعين على أوباما التعاطي معه في ولايته الثانية. ورغم كل الحديث عن تحول الاهتمام الاستراتيجي الأميركي إلى آسيا، فإن الشرق الأوسط الذي عرف تحولاً دراماتيكياً يبدو مصمماً على الاستئثار بنصيب كبير من الجهد والاهتمام الدبلوماسي الأميركي في السنوات المقبلة. ولكن الأنماط القديمة والمريحة للتعامل مع زعماء مثل مبارك في مصر وبن علي في تونس تعطلت إلى حد كبير، حيث فاز الإسلاميون، الذين طالما كانوا يثيرون مخاوف الولايات المتحدة، في انتخابات حرة في مصر وتونس، كما أنهم اليوم من بين أولئك الذين يقاتلون النظام العلماني في سوريا. وقد حصدت الحرب الأهلية في سوريا أرواح أكثر من 40 ألف شخص، وهناك تهديدات للمصالح الأميركية سواء في موت نظام بشار هناك أو في بقائه. غير أنه مع اقتراب عام 2012 من نهايته، أخذت الولايات المتحدة تتجه على نحو متزايد نحو تقديم دعم كامل لعناصر من الانتفاضة ضد الأسد رغم أنها صنفت واحدة من مجموعات المعارضة المقاتلة والأكثر فعالية -جبهة النصرة - منظمةً إرهابية أجنبية. ولكن نهاية الأزمة هناك، عندما تأتي، من الممكن جداً أن تكون لها تداعيات سلبية على لبنان والعراق المجاورين. كما أن مخزونات سوريا من الأسلحة الكيماوية تمثل واقعاً لا يمكن تجاهله، واحتمال سقوط تلك الأسلحة بين أيدي مجموعات جهادية دفع إدارة أوباما إلى وضع مخططات طوارئ لتدخل ممكن. وعلاوة على ذلك، فإن إسرائيل، ولئن جمعتها حرب باردة طويلة مع سوريا الأسد ومازالت تحتل مرتفعات الجولان، إلا أنها تخاف من احتمال ظهور نظام إسلامي سُني آخر، بدلا من نظام قومي علماني، على حدودها. النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني أخذ ينتقل أيضاً إلى مياه خطرة جديدة؛ ذلك أن ما يسمى بعملية السلام التي بدأت مع اتفاقات أوسلو في عام 1993 ماتت كلياً تقريباً. وكان أوباما قد دعا في عام 2009 إلى وضع حد لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وضغط في بداية رئاسته بقوة على نتنياهو من أجل تجميد مؤقت على الأقل. ولكن توسع المستوطنات استمر من دون توقف، ويبدو أن إدارة أوباما فقدت الاهتمام في الدفع بهذا الموضوع. وفي هذه الأثناء، أُضعف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في الضفة الغربية، بسبب فشله في التفاوض حول إنهاء زحف المستوطنات الإسرائيلية المعتدية، بينما مازالت حركة «حماس»، في غزة، مترسخة. وفي نوفمبر، كانت إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من غزو غزة، غزو تم تفاديه في آخر لحظة من خلال اتفاق لوقف إطلاق النار متفاوض عليه. ومن بين الشخصيات التي لعبت دوراً في تجنب تلك الأزمة الرئيس المصري مرسي، الذي لجأت إليه الولايات المتحدة للوساطة مع «حماس». والواقع أن وجود «الإخوان المسلمين» في السلطة بمصر يعكس خطر هذه البداية الجديدة بالنسبة للولايات المتحدة. ذلك أن مرسي انتُخب في انتخابات حرة؛ ولكن دستور البلاد الجديد، الذي مرر في استفتاء أجري في ديسمبر، يحفل بعناصر مثيرة للقلق من حيث الحريات الشخصية وحقوق الأقليات. كما أن الحالة الاقتصادية للبلد تدهورت بشكل حاد بسبب الاضطرابات السياسية التي وقعت خلال العامين الماضيين، وشكلت الاشتباكات في القاهرة بين أنصار مرسي ومعارضيه في نوفمبر أحدثَ تذكير على أن الاستقرار السلطوي لسنوات مبارك قد استُبدل بشيء متقلب من الصعب التنبؤ به. واليوم، يشتكي العديد من الليبراليين والعلمانيين المصريين الذين استمعوا إلى خطاب أوباما في القاهرة بإعجاب كبير من أنه يدعم «الإخوان» في سعيهم إلى تعزيز سلطتهم والتأثير على البلاد. وعليه، فيمكن القول إنه سيتعين على أوباما، في السنة الجديدة وما بعدها، أن يقيِّم الانتقادات للقمع المصري للحريات المدنية من جهة، مقابل الرغبة في تعاون مصري في مواصلة احتواء حماس في غزة. وفي هذه الأثناء، تكافح ليبيا من أجل خلق نظام جديد بعد عقود من حكم القذافي، في وقت يزدهر فيه تهريب الأسلحة على طول حدودها الصحراوية، ومازال ينبغي إيجاد حل لخلافات قوية حول دور الإسلام في الحياة السياسية للبلد. بيد أن الثابت الوحيد في السنوات الأربع الماضية لا يبعث على الارتياح: إنه التقدم المضطرد والبطيء لبرنامج إيران النووي. فقد تزعم أوباما جهوداً غربية من أجل عزل إيران مالياً، من خلال قيود على مبيعاتها النفطية والصفقات المالية لبنكها المركزي، جهود تركت تأثيرها على الاقتصاد الإيراني، ولكنها لم تنل من التزام المرشد الأعلى للبلاد، بما يشدد على أنه برنامج نووي سلمي. وفي الوقت الراهن، مازالت إيران تشدد على حقها في تخصيب اليورانيوم، الذي تجادل الولايات المتحدة بأنه ينتج مواد يمكن أن تستعمل في صنع قنبلة نووية في نهاية المطاف. الوضع في أفغانستان وباكستان مشحون مثلما كان دائماً. صحيح أن بن لادن قُتل في غارة جريئة في باكستان على أيدي جنود أميركيين في عام 2011. ولكن ورغم مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية السنوية، فإن ذلك البلد مازال يشكل ملاذاً للمقاتلين؛ وشكيل أفريدي، الطبيب الباكستاني الذي ساعد الولايات المتحدة على رصد بن لادن في آبوت آباد، مازال يقبع في سجن باكستاني. أما في أفغانستان، فمازال الجيش يعتمد اعتماداً كلياً على التمويل والدعم التقني الأميركي من أجل الاشتغال؛ ويبدو أن «طالبان» اليوم ليست أضعف مما كانت عليه عندما وصل أوباما إلى البيت الأبيض. وبينما تنظر إدارة أوباما إلى عام 2013 وتحدياتها الجديدة، فإنها تنظر إلى شرق أوسط تغير كثيراً خلال السنوات الأربع الماضية. فالطرق القديمة للتعاطي مع المنطقة لم تعد فعالة من هنا فصاعداً. ولا بد أن أوباما سيفتقدها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©