الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن راشد : عالمنا العربي مليء بالطاقات ونحتاج إلى تبني منظور استباقي للتغلب على التحديات

محمد بن راشد : عالمنا العربي مليء بالطاقات ونحتاج إلى تبني منظور استباقي للتغلب على التحديات
14 ديسمبر 2016 13:05
محمود خليل (دبي) أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ،رعاه الله، أن التحولات السياسية والاقتصادية العالمية المتسارعة تحتم على العالم العربي الاستعداد بشكل جيد للمستقبل وأن الريادة العالمية لا تكون إلا للدول السباقة بتبني أدوات الاستشراف المستقبلي. وقال سموه إن «مستقبل العالم العربي سيكون أفضلا إذا تمكنت دوله من أدوات الاستشراف السياسي والاقتصادي واستعدت جيدا للمتغيرات والتحديات ، نريد لعالمنا العربي أن يكون مكانا أفضل للشعوب وهذا بحاجة إلى الإرادة السياسية أولاً واعتماد نموذج تنموي شامل يضم الشباب العربي الذين هم طاقة واعدة ومحرك للتغيير ومخزون استراتيجي يسترعي الانتباه والرعاية يقوم على إشراكهم وتمكينهم وتفعيل دورهم في استشراف المستقبل لرسم السيناريوهات وتحويل التحديات إلى فرص والفرص إلى إنجازات». وأضاف سموه: «عالمنا العربي مليء بالفرص والطاقات التي لو استغلت بشكل جيد سيتغير الواقع تماما، نحتاج أن نبدأ الآن بتبني منظور استباقي للتغلب على التحديات .. فقد استلهمنا من تجارب التاريخ أن الدول التي استشرفت المستقبل واستعدت له جيدا هي التي تقود التوجهات العالمية اليوم والدول التي تنتظر ما سيحدث ستظل تراوح مكانها في موقع المترقب». جاء ذلك خلال إطلاع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على « تقرير المنتدى الاستراتيجي العربي لحالة العالم في 2017 « الذي يستعرض أبرز الأحداث المتوقعة في المنطقة العربية والعالم سياسياً واقتصادياً والذي تم إعداده وفقاً لأدوات الاستشراف السياسي والاقتصادي التي يتبناها المنتدى. ويشهد المنتدى الاستراتيجي العربي هذا العام مشاركة نخبة من أبرز المفكرين وعلماء السياسة والاقتصاد في المنطقة والعالم بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون والمدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية ليون بانيتا ووزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي والمفكر السياسي البروفيسور غسان سلامة ونتاليا تاميريسا من صندوق النقد الدولي. كما يشارك في المنتدى الدكتور محمد العريان رئيس مجلس التنمية العالمية للرئيس الأميركي باراك أوباما ومعالي جورج قرم وزير المالية اللبناني سابقا والدكتور ممدوح سلامه خبير النفط العالمي وإيان بريمر رئيس مجموعة «يوروآسيا» المتخصصة في الدراسات والاستشارات السياسية. ويحضر المنتدى أكثر من 500 مفكر سياسي واقتصادي ليسهموا بخبراتهم وآرائهم في استشراف حالة العالم والعالم العربي سياسيا واقتصاديا في عام 2017 ويبحثوا في أهم القضايا الاستراتيجية التي قد ترسم ملامح العام المقبل. جدير بالذكر أن المنتدى الاستراتيجي العربي انطلق في العام 2001 تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كمنصة لاستشراف المستقبل والتعرف على حالة العالم والتوجهات المستقبلية سياسيا واقتصاديا في العالم والعالم العربي. ويركز المنتدى الاستراتيجي العربي على استشراف المستقبل وفهم أعمق للقضايا الجيوسياسية والاقتصادية الرئيسية المؤثرة على مستوى العالم العربي والمجتمع الدولي ويجمع مجموعة من قادة العالم والمفكرين لمناقشة أهم القضايا الملحة في هذا الصدد. ويمثل المنتدى شبكة للتواصل تضم مجموعة من الجلسات التي تساعد على فهم أفضل للتوجهات المستقبلية جيوسياسياً واقتصادياً على صعيد المنطقة والعالم بهدف الوصول إلى عالم أفضل. وقدم التقرير الذي أعدته مجموعة يورواسيا للمنتدى الاستراتيجي العربي تصوراً غير مريح لحالة العالم ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سياسياً واقتصادياً وأمنياً، خلال عام 2017، متوقعاً ارتفاع منسوب الأعمال الإرهابية في المنطقة ودول العالم، علاوة على تزايد الهجمات الإلكترونية على المصانع والسدود ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ومصافي النفط، بما يتعين على حكومات المنطقة إجراء تقييم معمَّق لنقاط الضعف. ضغوطات مالية وأعرب معدو التقرير عن توقعاتهم بأن تواجه الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضغوطات مالية حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، وأوصوا دول المنطقة بعدم التعويل كثيراً على احتمالية أن يؤدي اتفاق تجميد إنتاج النفط أو حتى خفضه إلى دفع أسعار النفط للصعود، بما يتعين عليها تعزيز قدرتها على توفير الأموال من مصادر غير نفطية أو اللجوء إلى خفض الإنفاق الحكومي بشكل عاجل، خاصّة إذا ما تبنت مُجتمعة فكرة بقاء أسعار النفط منخفضة خلال الفترة المقبلة. وتطرق التقرير إلى تداعيات انتخاب الرئيس الأميركي ترامب على العالم ودول المنطقة اقتصادياً وسياسياً، كما تناول تأثيرات خروج بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي، وغياب تأثيرات الدور الأوروبي في أزمات العالم والمنطقة. وقدم التقرير تصورات حول انعكاسات احتمالات التغيير في القيادة الصينية في ظل الاستعداد لانعقاد مؤتمر الحزب الحاكم على العالم سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فيما تناول بشرح مطول حول تداعيات الأزمة السورية وطرد «داعش» من الموصل، فضلاً عن تناوله للتطورات داخل إيران وتركيا. وحول الواقع العربي، رأى التقرير أن الخلافات بين القوى الإقليمية ستضعف من جهود الوحدة العربية، ومن آفاق تعزيز التعاون الاقتصادي في عام 2017، لا سيما أن الربيع العربي أدى إلى انهيار المنظومة الأمنية في المنطقة، لافتاً إلى أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج نجحت في ملء الفراغ مؤقتاً. تحديات حقيقية وأشار التقرير إلى وجود تصدعات جديدة في العلاقات بين الأنظمة العربية بدأت تطفو على السطح، إذ تقوم مصر بدور جوهري في إعادة تحديد التحالفات الإقليمية، مبيناً أن حالة التشرذم في العالم العربي ستشكل تحديات حقيقية أمام تعزيز فرص التعاون الاقتصادي، وخاصة بين مصر ودول الخليج العرب. ورأى التقرير أن القيادة المصرية تعمل حالياً على تطوير سياسة خارجية أكثر استقلالية من ذي قبل، التي تُفضل إعادة تأسيس جامعة الدول العربية بوصفها المؤسسة العربية الأكثر أهمية، لافتاً إلى أن المسؤولين المصريين رفضوا التقارب مع الحكومة التركية، باعتبارها قوة خارجية تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. وإلى جانب ذلك، فإن مصر لا تدعم إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على العكس من الموقف السعودي. ومع ذلك، ستظل العلاقات بين مصر والسعودية علاقات بناءة، ولكن المسافة بين الدولتين ستزداد. وذكر التقرير أن غياب الغطاء السياسي القوي سيؤدي إلى جعل الفرص الاستثمارية خارج المنطقة أكثر جذباً. كما سيُعيد القطاع الخاص النظر في استراتيجيته، إذ سيخشى الرؤساء التنفيذيون من أن تُشكّل التوترات التي تحدث في منطقة تُعاني من أطر تنظيمية ضعيفة مصدر خطر لا يمكن تجاوزه وقال التقرير، إن دول الخليج العربي ستفقد حماسها تجاه الاستثمار في مصر، إذ ستترك وجهة النظر السعودية تأثيراً كبيراً على دول الخليج الأخرى. وإلى جانب ذلك، سيكون للتعقيدات التي تُصاحب تنفيذ الإصلاحات السياسية في مصر دور سلبي في هذه العملية. ويمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تبني سياسة فريدة حيال علاقاتها الاقتصادية مع مصر، إلا أن احتمالات الدخول في شراكة أعمق وأكثر استدامة بين دول الخليج ومصر ستضعُف ورأى التقرير ضرورة أن يسعى قادة المنطقة إلى إعادة بناء إطار تعاون بعيد المدى لتطوير القطاع الاستثماري وإرجاع الاستقرار للمنطقة. الصراع في سورية وحول مستقبل الصراع في سوريا، ذكر التقرير أن النظام الحاكم في سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد سيستعيد شرعيته، وذلك بفضل استعادة السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية تمتد من دمشق إلى حلب. ودون أن يعني هذا وضع حد للحرب الأهلية الدائرة هناك منذ سنوات عدة، لافتاً إلى أن القيادة السورية ستكون في وضع أفضل يمُكنها من استعادة السيطرة على الجزء الغربي من البلاد. وذكر أنه ورغم إصرار المجتمع الدولي على استخدام القوة العسكرية والسياسية لإجبار نظام الأسد على تشارك السلطة، إلا أن القوى الدولية ستُدرك أن الحكومة السورية تمثل السلطة الصالحة الوحيدة المتبقية في الدولة. ورأى التقرير أن انتصار النظام واستعادته السيطرة على كامل مدينة حلب سيكون بمثابة إنجاز كبير للنظام والقوى الخارجية الداعمة له؛ وأهمها روسيا وإيران. كما سيفقد المتمردون قاعدة أساسية في الشمال إلى جانب أهميتها السياسية. وإلى جانب ذلك، ستُعزِّز قدرة النظام السوري على إعادة تأسيس العلاقات التجارية والاقتصادية بين الشطرين الشمالي والجنوبي من الدولة. وقال إن المجتمع الدولي سيعترف بأهلية النظام وقد تُعيد بعض الدول علاقاتها مع الحكومة السورية في دمشق، وإن على نطاق محدود. أما على الصعيد الإقليمي، فستكون الدول التي اتخذت موقفاً وسطياً، ولم تتبنَّ موقفاً عدائياً من نظام الأسد، مثل مصر والجزائر وتونس، في وضع أفضل يُمكنها من استئناف العلاقات مع دمشق وذكر التقرير أن النظام سيظل عاجزاً عن تأمين جميع أنحاء الدولة، وستستمر الولايات المتحدة الأميركية في دعم الثوار بغية إيجاد توازن عسكري ومنع الأسد من فرض شروطه للوصول إلى تسوية سياسية. ومع ذلك، يبدو أن روسيا عازمة على مساعدة النظام في الدخول في مفاوضات من موقف قوة لا ضعف. ومن غير المحتمل كذلك أن يلجأ الثوار المعتدلون إلى النأي بأنفسهم عن التيارات الإسلامية المتشدّدة التي ما تزال تشكل القوة العظمى المناهضة لنظام الأسد في سورية. دور فاعل ورأى التقرير انه ينبغي بقادة دول المنطقة لعب دور أكثر فاعلية في الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة. ورغم معارضة بعض الدول لاستعادة النظام السوري لشرعيته، لن تُظهر دول أخرى تلك المعارضة الشديدة لها. كما لن يكون بمقدور المجتمع الدولي دعم الخطط الهادفة إلى تغيير نظام الأسد إذا ما نجح الأخير في السيطرة على مفاصل الدولة المهمة. ويجب أن تدعم الوساطة العربية شمول المعارضة المعتدلة في السلطة، ناهيك عن موقع الدول العربية الذي يخولها لفهم تعقيدات المجتمعات العربية والمساعدة في إقناع النظام بأن المصالحة هي الحل لضمان مستقبل سوريا. ومن شأن استعادة الاستقرار في أجزاء من سورية أن يُؤسس لخطة لإعادة اللاجئين بغية تخفيف الضغوطات التي تأن تحت وطأتها حكومات إقليمية. ورأى التقرير بوجوب أن يبدأ القادة في المنطقة بالتفكير في دعم تحرك إقليمي يهدف إلى إصلاح الفكر الإسلامي، إذ أدت المؤسسات الدينية المتطرفة إلى تدمير دول في المنطقة، وأضعفت الثقة بين مختلف المجتمعات العرقية والطائفية، وتركت تأثيراً سلبياً على صورة الدول العربية لدى الغرب وفي سياق توقعاته الاقتصادية في الشرق أوسط وأفريقيا، رأى التقرير أن ارتفاع عوائد النفط وتحسن مناخ الأعمال في إيران لن يكون له دور في تبني طهران موقفاً إقليمياً وعالميًا أكثر جزماً، لافتاً إلى أن ضرورة أن لا يغيب عن البال بان من يُحدد مواقف السياسة الخارجية الإيرانية، ومستوى تدخلاتها الإقليمية والدولية، هو النخبة الحاكمة المُحافظة، مبيناً أنه ليس من الضروري أن تحتاج إيران أن تكون دولة غنية حتى تكون أكثر جزماً. *انتخاب ترامب وركود عالمي وحول تداعيات السياسات الاقتصادية للرئيس ترامب على الاقتصاد الأميركي العالمي خلال عام 2017، توقع التقرير أن تتجاوز نسبة التضخم في الولايات المتحدة الأميركية 2%، مما سيؤدي إلى مزيد من خطر الركود محلياً وعالمياً، فيما رأى أن السنة الأولى من رئاسة ترامب ستتسبب في ضعف الدور القيادي العالمي الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية خلال عام 2017. وقال التقرير، إن هناك احتمالاً كبيراً ألا تلجأ إدارة الرئيس ترامب إلى الانقلاب التام والمفاجئ على التحالفات الأميركية طويلة الأجل، بينما توقع إن تؤدي السنة الأولى من إدارة الرئيس ترامب إلى تدني مستوى الثقة في نظام إدارة المال والتعاملات المصرفية ونظام السوق العالمي الحر، مما قد يُعجِّل في تحول النظام العالمي الأميركي الوحيد إلى نظام عالمي بديل متعدد الأطراف.ونصح معدو التقرير صناع القرار في المنطقة ونظراً للطبيعة الانتقالية لأجندة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تجاه العالم، بتحديد إمكانية الوصول إلى اتفاقات مع واشنطن تُرضي جميع الأطراف. وفي الوقت الذي سيشعر فيه بعض الحلفاء بالانزعاج بسبب رئاسة ترامب ومدى الالتزام الولايات المتحدة بتعهداتها، فإن الإدارة الأميركية الجديدة لن تتخلى عن العلاقات التاريخية الخارجية بشكل كامل. خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتوقع التقرير ألا يتم الانتهاء من إجراءات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي خلال عام 2017، ما سيؤدي إلى تعزيز حالة عدم الثقة في الأسواق العالمية بما يتعين على قادة دول المنطقة إيلاء اهتمام خاص بمستقبل العلاقات التجارية البريطانية مع الشركاء غير الأوروبيين، خصوصا وان هناك احتمالات لأن تكون أوروبا سبباً في عدم الاستقرار الاقتصادي خلال العام المقبل. وقال إن الالتزامات النقدية والمالية الأوروبية سينتج عنها مخاطر تتعلق بالنمو والاستقرار المالي لأوروبا والعالم ككل عام 2017، مشيراً إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي ترى أن البنوك الأوروبية عانت انخفاض أسعار أسهمها بنسبة تجاوزت 10% منذ اتخاذ القرار البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ورأى التقرير أن أي أزمة مصرفية أوروبية سيكون لها موجات ارتدادية تضرب الأسواق العالمية مبيناً أن تقديرات الصندوق النقد الدولي تشير إلى أن معدل النمو في القارة الأوروبية سينخفض خلال عام 2017 ليصل إلى 1.4%، فيما ذكر أن أوروبا لن يكون لها تأثير يُذكر على الساحة السياسية الدولية، خلال 2017 بسبب تركيز الدول القيادية الثلاث، ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، على قضاياها الداخلية، على حساب التعاون الخارجي، بما يحول من قدرة أوروبا على التعامل مع الأزمات الحالية مثل الأزمة الأوكرانية والأزمة السورية وأزمة اللاجئين وتنظيم داعش، بما يتعين على قادة المنطقة التخلي عن اعتمادهم على شركائهم الأوروبيين لتقديم الدعم الدولي لهم خلال عام2017. ترقب روسي وتغييرات صينية وذكر التقرير أن العام المقبل سيكون عام انتظار وترقب لروسيا، خصوصاً مع قدوم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ذات المواقف الأكثر تقارباً مع روسيا، والتي تبعث الأمل من جديد باتباع الطرق الدبلوماسية على جبهة السياسة الخارجية. أما على الصعيد الاقتصادي، فلن تكون هناك إجراءات حاسمة وهيكلية نظراً لكبر حجم المخزون المالي، فيما يبدو أن روسيا ستعزز من موطئ قدمها خلال عام 2017؛ ولذلك، قد يتعين على القادة في المنطقة تقييم قيمة التعاون الإقليمي طويل الأمد مع موسكو. تغيرات في القيادة الصينية وتوقع التقرير أن ينتج عن المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الوطني الصيني الحاكم، تغير كبير في صناعة السياسات في الصين، بما سيُشكل مرحلة تحول كبيرة من شأنها أن تهيمن على النظام السياسي للصين في عام 2017، وهو أمر سينطوي عليه المزيد من المخاطر الاقتصادية كون تداعيات هذا الأمر سينجم عنها انصراف انتباه صناع القرار في الصين وزيادة احتمالات سوء الإدارة الاقتصادية من جهة، وتقليل احتمالات تبني سياسة أمنية خارجية أكثر حزمًا من جهة أخرى النخبة الحاكمة ستركز فيما لن يشكل هذا الأمر مصدر خطر سياسي على العالم ومع هذا رأى معدو التقرير أن كل تداعيات التغيير في القيادة الصينية لن يكون لها أثر على معدلات النمو الصينية؛ إذ ستبقى قريبة من النسبة المستهدفة البالغة 6?5%، ولكنها لن تجعل من الاقتصاد الصيني محركًا مستدامًا للاقتصاد العالمي على المدى البعيد بأي حال من الأحوال. *اندحار «داعش» وتزايد التهديدات الإرهابية وتوقع التقرير أن تتطور التهديدات الإرهابية على المستوى الدولي وارتفاع عدد الهجمات الإرهابية خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2017، مبيناً أنه خلافاً للاعتقاد السائد، فإن المكاسب التي تم تحقيقها باستعادة أراضٍ كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا سوف تؤدي إلى تزايد الهجمات الإرهابية بدلاً من الحد منها. وقد عانى العالم بالفعل ارتفاع وتيرة الهجمات المرتبطة بهذا التنظيم خلال عامي 2015 و2016، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر خلال الفترة المقبلة ورأى التقرير أن ثمة الكثير من الأسباب لهذا النمو المتوقع في الهجمات، وتشمل: أولاً، تشجيع تنظيم داعش لمجنديه من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يظلوا في بلدانهم الأصلية ويقوموا بتنفيذ هجمات محلية؛ ثانياً، أن ما يُعرف بـ«المقاتلين الأجانب» الموجودين داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم قد يعودون إلى بلدانهم الأصلية وهم يحملون في جعبتهم خبرات متراكمة تُساعدهم على تنفيذ هجمات أكثر تعقيدًا. وثالثًا أنه سيكون لدى الجماعة الإرهابية حافز أكبر من أي وقت مضى لتأكيد استمراريتها بعد فقدانها السيطرة على موطئ قدمها في المنطقة. إن قائمة الدول التي ستكون أكثر عُرضة للتأثر بهذه السيناريوهات تشمل فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وإندونيسيا وماليزيا وأستراليا. ورأى التقرير أن تكثيف العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش التي تقودها قوى غربية وإقليمية، سيؤدي إلى تداعي سيطرته وآلته ونفوذه في سورية ولكن، ستصبح جميع المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش محوراً للتنافس بين مختلف الفصائل المتصارعة. وتوقع التقرير أن يفقد تنظيم داعش سيطرته على الموصل في بدايات عام 2017، وذلك بسبب التفوق العددي للقوات المشاركة في العمليات مقارنة بمقاتلي التنظيم. ومع ذلك، سيلجأ التنظيم الإرهابي إلى نقل الموارد التي لا تزال لديه إلى المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا. وتوقع التقرير أن يرد تنظيم داعش على خسارة الموصل وأجزاء كبيرة من العراق من خلال شن هجمات انتقامية تستهدف شركاء الولايات المتحدة في المنطقة. وإلى جانب ذلك، سيتم استغلال الهجمات الإرهابية للحفاظ على الدوافع التي تُشجع المسلمين المتطرفين على الالتحاق بالتنظيم للمحافظة على وجوده في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بيد أنه لفت إلى أنه يمكن للجهود الاستخباراتية القوية أن تحد من مخاطر وقوع مثل هذه الهجمات في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسنغافورة وروسيا، رغم أنها لن تكون قادرة على منعها بشكل كلي. نقطة صدام دولي إقليمي وتوقع التقرير أن تتحول مدينة الموصل بعد طرد تنظيم داعش منها إلى مركز للصراع بين القوى الإقليمية والقوى المحلية، حيث ستسعى مختلف القوى الإقليمية إلى صياغة المستقبل السياسي للمدينة والأحياء المحيطة بها. وإلى جانب ذلك، ستميل طهران إلى إيجاد ممر آمن إلى الأراضي السورية في الشمال. ولذلك، فإن الأجندات الإقليمية المتنافسة والمتنازعة ستكون مصدرًا لتأجيج النزاع بعد تحرير الموصل. فمن جهة، ستتنافس دول المنطقة من أجل تغيير ميزان القوى في شمال العراق. ومن جهة أخرى، ستتنافس الفصائل الكردية والشيعية والسنية بغية فرض سيطرتها على المدينة والمناطق المحيطة بها. وسينجح الوجود العسكري التركي شمال العراق في دعم النفوذ السني، ولكنه سيزيد أيضاً من تعقيد العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد ومن المحتمل أن يكون للحكومة العراقية والمليشيات الموالية لها اليد العليا في شمال العراق، ولكن المدينة ستظل مقراً للقوات ذات الأجندات والاستراتيجيات المتضاربة، مما يزيد بدوره من فرص التصادم فيما بينها. ويعود ذلك في جزء منه إلى الدينامكيات المحلية، كما يمثل ارتباط الفصائل العراقية وتبعيتها لمختلف التحالفات الإقليمية. وفي حين تسعى الحكومة المركزية في بغداد لإعادة الموصل تحت جناحيها، فإن الأكراد يسعون بدورهم للسيطرة على المرتفعات الواسعة المطلة على مدينة نينوى، ذات الإثنيات المتعددة والواقعة إلى الشرق من الموصل. وفي هذه الأثناء، تسعى المليشيات الشيعية إلى المحافظة على وجود دائم لها بغية إيجاد توازن مع القوى الكردية والسنية وحتى مع القوات التركية في العراق وتُشكّل الوساطة الأميركية وسيلة فعالة للحيلولة دون وقوع اشتباكات بين جميع الفصائل الموجودة شمال العراق، في الوقت الذي يظل فيه تحرير الموصل هو الأولوية. ومع ذلك، فقد شهد الالتزام الأميركي تجاه العراق تحولات، مما يعني أن المسؤولين الأميركيين سيعانون من أجل ضمان مواءمة الأجندات المختلفة لحلفائهم في العراق. وإلى جانب ذلك، قد يزيد نمو الشعور القومي داخل العراق من تعقيدات المشهد فيه. *حل عربي للموصل وشدد التقرير على ضرورة أن يضطلع قادة المنطقة بدور قيادي للوصول إلى حل عربي لطبيعة الحكم في شمال العراق. ومع تزايد حدة التنافس بين أنقرة وطهران في شمال العراق، فإن كلا البلدين يعمل على تقويض سيادة العراق على أراضيه؛ ولذلك، يظل القادة العرب في موقع يؤهلهم ليس لدعم الحكومة المركزية في بغداد فحسب، بل ولتخفيف حدة سياساتها كذلك. إن اعتماد الحكومة العراقية على إيران هو نتيجة للخطط الناجحة التي نفذتها القيادة الإيرانية من جهة ولشعور بغداد أن الحكومات العربية لا تقدم الدعم الكافي لتعزيز استقرار العراق من جهة أخرى وقال التقرير، إن المجتمع الدولي لا يزال يفتقر لوجود شركاء حقيقيين لمساعدته في مواجهة تنظيم داعش في سورية. ورغم أن نظام الأسد لديه أعداد كبيرة من القوات العربية غير المتطرفة، إلا أن التعامل مع النظام السوري يظل ساماً سياسياً. وتُشكّل قوات سورية الديمقراطية، التي يتولى الأكراد قيادتها خياراً مناسباً من الناحية السياسية، إلا أن توسعها في مناطق عربية قد يخلق توترات طائفية في شرق سورية. ورغم أن مجموعات الثوار المدعومة من تركيا تُشكِّل خياراً مناسباً لنشرها على الحدود، إلا أنها تتسم بالضعف الشديد أو التطرف الشديد، مما يحول دون نشرها للمشاركة في معركة الرقة وشدد معدو التقرير على وجوب تذكير قادة دول المنطقة، أن الحرب على تنظيم داعش الإرهابي لن تنتهي بهزيمتهم على الأرض. ويجب عليهم التفكير فيما إن كانت الهجمات المتزايدة على دول خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستعزز من عزم هذه الدول على تعزيز التعاون الرامي إلى مواجهة هذه الجماعة الإرهابية أم ستضعفه. تضاعف الهجمات الإلكترونية وأعرب التقرير عن توقعات بتضاعف الهجمات الإلكترونية التي تستهدف أنظمة التحكم الصناعي، بما في ذلك المصانع والسدود ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ومصافي النفط بما يتعين على حكومات المنطقة إجراء تقييم معمَّق لنقاط الضعف التي تُعانيها أنظمة التحكم الصناعي وأنظمة التحكم الإشرافي التي تتحكم ببُناها التحتية الأساسية، وكذلك استقطاب شركاء دوليين من شركات الحماية الإلكترونية الرائدة، وأن تتأكد من أن الشركات الرائدة في البنى التحتية الأساسية هي أعضاء في تحالُفات وائتلافات تتبادل المعلومات الخاصة بالتهديدات الإلكترونية وأنها قادرة على الاستفادة من أفضل الممارسات في القطاعات وأكثرها تطوراً. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في قطاعات البنى التحتية ذات الصلة بالمياه والنفط، وذلك نظراً لموارد المنطقة والتزاماتها. نمو الاقتصاد العالمي لن يتجاوز 4% رأى التقرير أن نمو الاقتصاد العالمي في العام المقبل لن يتجاوز 4% بسبب تحديات إعادة الهيكلية في العديد من اقتصادات العالم الكبرى خلال عام 2017، ومعتبرا أن الأسواق الناشئة لن تتجاوز نمواً اقتصادياً كبيراً أو مفاجئاً على مستوى الديون العالمية وذلك لعدم وجود برامج إعادة الهيكلة. ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، فقد وصلت مستويات الدَّين إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2000، متجاوزة حاجز 225 %من الناتج المحلي الإجمالي. وحول الأثر العالمي لضعف النمو الاقتصادي قال التقرير إن بعض قادة بعض الدول سيشعرون بأنهم «قاموا بدورهم» لتنفيذ برامج إعادة الهيكلة فيما ستتخذ دول أخرى موقف انتظار للتعديلات الهيكلية لما ستنتج عنه الانتخابات السياسية في دولهم، وبعض الدول الأخرى ستتجنب أي تعديلات هيكلية لسياساتها المالية ومنها المملكة المتحدة كما ستلجأ تركيا إلى فرض ضغوط على القطاع الخاص، في ظل استعادة الحكومة التركية موازينها السياسية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة. ولفت التقرير إلى أنه وفي ظل الوضع الاقتصادي السابق للعالم فإن المجال سيكون مفتوحا أمام قادة دول المنطقة لاقتناص الفرصة في استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات والتي تبحث عن نمو اقتصادي مرن لتكون مصدر جذب للمستثمرين. واعتبر التقرير أن نمو القطاع التجاري في العالم خلال العام المقبل لن يتجاوز 3% ليبقى حول معدل النمو العالمي المتوقع للعام 2017 أو دونه، عازيا ذلك أسباب ذلك إلى مجموعة من العوامل الهيكلية والضغوط السياسية المستمرة التي ستحول دون انتعاش التجارة العالمية خلال عام 2017. وسيُشكّل ذلك تحدياً أمام النمو العالمي الذي اعتمد على التجارة منذ عقود طويلة ورأى التقرير انه ينبغي بقادة دول المنطقة، إذا ما أرادوا أن يبقوا في الطليعة، أن يتخذوا خطوات في التكامل التجاري شبيهة بتلك التي بدأت تترسخ في الأسواق المتقدمة، باعتبار أن التكامل التجاري أحد أهم المجالات التي يمكن من خلالها تحقيق المزيد من النمو في المنطقة. خفض إنتاج النفط وارتفاع الأسعار توقع تقرير المنتدى الاستراتيجي العربي أن يلعب اتفاق خفض مستوى إنتاج أوبك إلى نحو 33.0 مليون برميل يومياً، دورا أساسيا في دفع الأسعار صعوداً، إذ ستتراوح بين 50-55 دولارًا خلال النصف الأول من عام 2017، قبل أن تعاود الارتفاع في النصف الثاني، لكن دون أن تخترق سقف 60 دولارًا للبرميل ولفت التقرير إلى انه وفي ظل هذا السيناريو فان النفط الصخري الأمريكي سيعاود تحقيق نمو متواضع بحلول منتصف العام المقبل بيد انه سيحقق مزيدا من النمو في حال تجاوزت أسعار النفط حاجز 60 دولاراً للبرميل. وسيكون لهذه العقبة تداعيات كبيرة على الدول المنتجة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تحتاج لأسعار نفط أعلى بُغية تحقيق توازن في موازناتها. ورأى التقرير أن الانخفاض في عائدات النفط سيفرض على الدول التي تعتمد على تصديره مواجهة تحدٍ صعبٍ يكمن في المفاضلة بين اللجوء إلى خفض الإنفاق الحكومي المثير للجدل سياسياً من جهة، أو تأجيلها من جهة أخرى، وذلك لمواجهة خطر حدوث مزيد من التدهور الاقتصادي وتداعيات سياسية سلبية مستقبلاً. وأعرب معدو التقرير عن توقعاتهم بأن تواجه الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضغوطات مالية على حسب تقديرات صندوق النقد الدولي تُشير ، فيما أوصوا دول هذه المنطقة بعدم التعويل كثيراً على احتمالية أن يؤدي اتفاق تجميد إنتاج النفط أو حتى خفضه إلى دفع أسعار النفط صعوداً. وقد يتعين عليها كذلك تعزيز قدرتها على توفير الأموال من مصادر غير نفطية أو اللجوء إلى خفض الإنفاق الحكومي بشكل عاجل، خاصّة إذا ما تبنت مُجتمعة فكرة بقاء أسعار النفط منخفضة خلال الفترة المقبلة .  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©