الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تدريس التاريخ و العربية بلغة أجنبية يهدد الهوية

28 يونيو 2006 01:24
تحقيق - سامي أبو العز: ألسنة عربية تتحدث بلكنة أجنبية تطعم الكلام بمفردات تفقد معناه وتسلبه روحه ورونقه·· إذا سألت أصحابها عن أبسط قواعد اللغة العربية هزوا روؤسهم يميناً ويساراً وأجابوا بالإنجليزية· يستطيعون أن يقيموا حواراً بكل اللغات أما اللغة العربية فلا يملكون منها إلا أسماءهم وملامحهم الشرقية· هذا باختصار حال أجيال كاملة دفع أهلهم الثمن والغالي حتى يضمنوا لهم مستقبلاً باهراً علي حسب الهوية العربية التي باتت تتوارى في الأفق البعيد ما يؤثر سلباً على مكتسبات الأجيال· تخيلوا أن الكثير من مساقات العلوم الإنسانية والاجتماعية مثل التاريخ الإسلامي واللغة العربية يتم تدريسها باللغة الإنجليزية في جامعاتنا وعلى أيدي أجانب يعتمدون على المراجع الأجنبية في هذا المجال· المسألة خطيرة وتداعيتها أشد خطورة على العملية التعليمية ككل فهل نتحرك سريعاً لهذا التحدي الثقافي قبل فوات الأوان؟ لاشك أن إجادة اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات مسألة ضرورية للانفتاح على ثقافة الآخر والاستفادة من إنجازه العلمي والمعرفي ·· ترى الدكتورة مريم لوتاه الأستاذ بجامعة الإمارات أن إجادة هذه اللغات يمكن أن يساهم في تدعيم علاقاتنا بالآخر المختلف عنا ثقافياً سواء في حوارنا معه أو في ترجمة إنجازنا المعرفي إلى اللغات الأخرى لتمكين القارئ الأجنبي من التعرف على هذا الإنجاز وعلى التقافة العربية من خلال ما يترجم عنها· الأكثر غرابة وأشارت الدكتورة مريم لوتاه إلى أن الأمر الأكثر غرابة يبدو في تدريس العلوم الإنسائية والاجمتاعية بلغة أجنبية حيث اللغة هنا ضروية جداً لاكتساب المعارف الإنسانية ولفهم القضايا المطروحة والتفاعل معها بشكل ايجابي·· وتساءلت: كيف أدرس التاريخ الإسلامي على سبيل المثال بلغة إنجليزية في بلد عربي؟ موضحة أن المدرس المتخصص موجود والمرجع موجود وباللغة العربية وهو أكثر أصالة وموضوعية عن المرجع الأجنبي في هذا المجال· وتساءلت مرة أخرى كيف أدرس المدخل إلى اللغة العربية والتراث العربي بلغة إنجليزية بل كيف يصمم هذا المساق في الخارج ومن قبل أساتذة أجانب لا صلة لهم باللغة العربية وبالترات العربي، وإن كانوا على دراية به، فإن خبرتهم وموقفهم من هذا التراث لن يكون كخبرة العربي وموقفه من لغته وتراثه· وأضاف أن هذه المسألة وإن بدت على درجة عالية من الغرابة والبعد عن المنطق·· إلا أنها في نفس الوقت مسألة خطيرة جداً ولها تداعياتها على العملية التعليمة ومستوى تحصيل الطالب في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتمكن خطورتها البالغة فيما تمثله من تأثير سلبي على الهوية الوطنية فكيف أغرس في الطالب اعتزازه بلغته وهويته العربية وفي نفس الوقت أدرسه بلغة أجنبية ومن قبل أستاذ أجنبي وكأنني أقول له ضمناً إن لغتك لم تعد لغة معرفة ولم تعد لغة صالحة للتواصل الإنساني· وأوضحت الدكتورة (لوتاه) أنه بالنسبة لمجتمع الأمارات بتركيبته السكانية المعروفة، تبدو مسألة اللغة والحفاظ على ركائز الأمة كاللغة والدين والعادات والتقاليد في غاية الأهمية·· بل أن اللغة لا تعد ركيزة فحسب فإنها روح الأمة ولا وجود لأي أمة تفقد لغتها ومن ثم تفقد هويتها ووجودها· وطالبت المؤسسة التعليمية وكل المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي أن تأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار لكونها تمثل المخرج الوحيد لهذا التحدي الثقافي الذي تتعرض له الهوية العربية في الوقت الراهن· إن التدريس باللغة الإنجليزية لا بأس فيه فهناك غالبية العلوم تحتاج إلى أن يكون الطالب قوياً في اللغة الإنجليزية ومن هذا المنطلق يؤكد الدكتور سيف القايدي الأستاذ بجامعة الإمارات أنه من الضروري أن ينمي الطالب قدراته في اللغة الإنجليزية لكن ما يحدث الآن أن هناك اندفاعاً قوياً غير مبرر لاستخدام اللغة الإنجليزية بدون معرفة خصوصية مجتمع الإمارات حيث أن غالبية المؤسسات التعليمية في الدولة تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة أساسية للتدريس بل أن العديد من هذه الجامعات تدرس جميع المقررات باللغة الإنجليزية· وأضاف أن المشكلة تتبلور الآن في أن الطالب سواء كان خريج مدرسة خاصة أو حكومية ليس مستعد لأن يدرس مادة علمية بلغة غير لغته الأصلية فعندما يبدأ تدريس المقرر يضيع الطالب في العديد من الحالات حيث أنه يفقد عنصرا رئيسيا وهو التركيز في المحاضرة خاصة إذا كانت لهجة المتحدث باللغة الأجنبية من بعض اللهجات التي يصعب فهمها ما يؤثر على تحصيله العلمي بسبب اللغة· خسارة اللغتين وأوضح أن العديد من المدرسين يلجأون إلى التقليل من الجرعات التعليمية - المادة العلمية التي تدرس للطالب - ما يجعل الطالب يفشل في الوصول إلى الفلسفة الحقيقية لهذه العلوم وفي نهاية المطاف يضطر المدرس النزول إلى مستوى الطالب مرغماً عنه حتى يتسنى له توصيل المادة العلمية والمحصلة يتخرج الطالب ضعيفاً في التحصيل العلمي لأنه يدرس بغير اللغة العربية وبالتالي لن يتمكن من تقوية لغته الإنجليزية· وأشار الدكتور القايدي أن مثل هذه المؤسسات التعليمية قد تخرج طلاباً تحصيلهم العلمي محدود ولغتهم الإنجليزية ضعيفة بالإضافة إلى مستواهم المتدني في اللغة العربية فيخسر الاثنين معاً وسوف نجد هناك جيشاً من الخريجين من بعض هذه المؤسسات قد يتأثر مستواهم العلمي باستخدامهم اللغة الأجنبية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©