الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

التشيلي راؤول زوريتا: الشعر قبل الكتابة والإنترنت

التشيلي راؤول زوريتا: الشعر قبل الكتابة والإنترنت
19 يوليو 2014 01:51
جهاد هديب (أبوظبي) صدر مؤخرا عن دار النشر الأميركية كوبر كانيون، ومقرها واشنطن و تحظى بشهرة عالمية لتخصصها في نشر الشعر دون سواه، ترجمة إلى الانجليزية لمنتخبات شعرية ، للشاعر راؤول زوريتا، من تشيلي ، تحت عنوان «ثقوب في الليل». حدث ذلك منذ شهور قليلة، غير أن ردود الفعل النقدية ما زالت تتواصل هنا وهناك على مستوى الدرس النقدي الأكاديمي، بسبب تلك الفرادة الشعرية التي يمتلكها هذا الصوت هو الذي يعتبر الآن أحد أبرز الأصوات الشعرية الناطقة باللغة الإسبانية وليس أحد أهم الشعراء التشيليين أو أكثرهم شهرة فحسب. وبمناسبة صدور «ثقوب في الليل»، أجرت الشاعرة الفلسطينية ناتالي حنظل ولدت في تشيلي وتتنقل بين نيويورك ولندن حوارا مع راؤول زوريتا ونشرت ترجمته إلى الانجليزية في الدورية الأدبية الأميركية «مركب شراعي مرج» مرفقة بعدد من قصائد «ثقوب في الليل». في مطلع هذا الحوار تشير ناتالي حنظل إلى أن أهمية راؤول الحقيقية تنبع من استكشافه للجغرافيا: جغرافيا الأرض والجسد والروح، وتعتبر أن «قصائده هي مزيج من العظام والنهر والروح، قد نسجت في السماء والصحراء معا، وكلماته تمنح عيوننا أن نرى الأزرق والأبيض، وتلك المسحات اللانهائية من الترابي والفضي، ألوان تلك الصحراء التي عاد إليها. إنه ثورة في اللغة. غنائي وملحمي. أسطوري وفاتن». ويصف زوريتا مواطنه الأشهر بابلو نيرودا بأنه ذلك «النهر العظيم الذي لا يوجد في بلادنا الضيقة، إنه الميسيسبي الذي يخصنا، وإذا كان شعره مسموعا ويقرأه آلاف الآلاف، ويُغنّى فذلك بسبب أنه قدّ أوَّل أحلام وآمال العصر الذي عاشه بعمق أكثر مما فعل أي شاعر آخر، إن قصائده هي توق ذلك العصر إلى الحب، وغالبا ما كانت صادمة». أما راؤول زوريتا، فيقول في هذا الحوار: «ولد الشعر مع الإنسان. إنه أكثر قِدما من الكتابة ومن الكتاب ومن الإنترنت، وسوف يستمر متخذا الملايين من الأشكال الجديدة حتى يموت فيما يتأمل آخر إنسان المغيب الأخير». تعقب ناتالي حنظل على ذلك بالقول: «زوريتا هو جملته الشعرية الطويلة». وبالفعل، فإن قارئ القصائد الأربع التي رافقت الترجمة يلحظ هذا الأمر فما من صورة شعرية تقوم على التشبيه أو الاستعارة أو المجاز، كما هي حال الشعر العربي مثلا، بل هناك المشهد الشعري، أي أن السرد وبنيته جذرين أساسيين في «هوية» شعره. وفي ما يلي ثلاث مقاطع من قصيدة طويلة تحمل عنوان «صحراء آتاكاما»: المقطع الأول لا تحلم السهول القاحلة ما من أحد في أي وقت مضى قد رأى خيال هذه السهول. 1 يقترب المشهد ثم يبتعد في صحراء آتاكاما. 2 - فوق هذا المدى من تقارب وتباعد، يبدو مشهد مشهد تشيلي متقاربا ومتباعدا في صحراء آتاكاما. 3 - وهذا سببُ لماذا «ما لم يكن» هناك «لم يعد» هناك، وإن كان قد ظلّ «حيث هو» فسوف يرى حياته تنقلب وتتحول حتى تصير خيال سهول متصحرة مضاءة بالتلاشي مثل حيواتهم. 4 وعندما تتقارب وتتباعد مشاهد صحراء آتاكاما هذه فإنها تكشف بنفسها أن تيشلي كلها كانت تحيا «الماوراء الموت» لأنه بسبب آتاكاما التي بلا شَبيهٍ لها تمتد هذه المشاهد بنفسها حتى كأنها حلمِ صحراواتٍ يخصّ كائنا خرافيا، هناك في سهول الجحيم هذه. المقطع الثاني الحديث هنا عن الصفير في آتاكاما الريحُ تمحو، كما الثلج، لونَ ذلك السهل. 1 - سَمَتْ صحراء آتاكاما فوق لا متناهي الصحارى كي تكون هناك 2 - مثل الريح، تشعر بها تصفر عندما تمرّ عبر آوراق الشجر. 3 - أنظر إليها كم أصبحت بعيدة وشفّافة وعادلة برفقة الريح. 4 - لكن احذر: جوهريا، لأن صحراء هي ليست حيث ينبغي لها أن تكون فإن العالم كله سوف يبدأ بالصفير خلال أوراق الشجر عندما نرى أنفسنا في الصفير الشفاف أبدا، في الريح فيما تبتلع لون السهل. المقطع الثالث 1 - إذن، دعـنــا، بعــد ذلك، ننظر إلى صحراء آتاكاما. 2 - دعنا ننظر إلى عزلتنا في الصحراء. وهكذا، قبل أن يتشكل المشهد، أصبح القفر يمتد عبر تشيلي كلها وعزلة صورتي آنذاك رأت الخلاص من الصور الأخرى: خلاصي في الصحراء. 3 - إذن، مَنْ سيتحدث عن الخلاص من صورتي. 4 - مَنْ الذي سوف يقول شيئا عن عزلة الصحراء هكذا، بدأت صورتي تمَسُّ صورتك، وصورتك تلك صورة أخرى من هذا القبيل حتى أن تشيلي كلها ليست شيئا سوى واحدة بذراعين مفتوحتين: صورة مديدة تُوِّجتْ بالأشواك. 5 - بالتالي، لن يكون الصليب شيئا سوى الذراعين المفتوحتين لصورتي. 6 - لذلك، سوف نكون تاج الأشواك في الصحراء. 7 - بالتالي، صُلِبتْ صورةٌ على صورةٍ مثل صليب امتد فوق تشيلي سوف نبقى نشاهده أبدا ذلك النفَسَ العزلوي الأخير لصحراء آتاكاما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©