الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ر.س.ت.و» يروون حكاية القرن الأميركي

«ر.س.ت.و» يروون حكاية القرن الأميركي
29 سبتمبر 2010 21:02
عنوان غريب غير مألوف من قبل، ودهشة بما سوف يقدم وعوالم تختلف عن بعضها في تقنية الفن وتشكل الرؤى، إلا أنها تتفق معاً في تمثل روح العصر الذي وجدت فيه. وتتساءل فعلاً هل هي أبرز الأعمال الفنية التي تمثل إبداع ما بعد الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين ضمن المشهد الفني الأميركي؟ وهل فعلاً تركت تلك الأعمال بصمات واضحة فكانت رموزاً للإنتاج الثقافي الغربي؟ تبدو هذه الأعمال، وبسبب غرابة فنها وغرابة قصة جامعها الأميركي لاري غاغوسيان قد حازت الاهتمام الاستثنائي. إنهم 6 فنانين أميركان، لمعوا في فنونهم وتمثلوا كل مظاهر التبدل في العالم ما بعد الحرب الثانية التي أفرزت ثقافات وأفكاراً وجماعات برؤى إبداعية قل نظيرها من أقصى الغرب إلى أقصاه ومن سهول السافانا الأميركية حتى جبالها منابع الأنهار الكبرى. الإدراك الحسي فنانون أميركان قدموا 72 عملاً فنياً اختيرت من بين 1000 لوحة يملكها جامعها لاري غاغوسيان، فنانون اشتغلوا على الإدراك الحسي للواقع وتأملات المستقبل، مال أغلبهم إلى اللوحة الكبيرة فتوسع في فضاء عالمها مكانياً وشكلياً فبدت احتفاء بالرسمة. هم إد روشاي، وروبرت روشنبرج، وريتشارد سيرا، وساي تومبلي، وآندي وارهول، وكريستوفر وول، وملخص أسماؤهم هو عنوان المعرض “ر.س.ت.و” الذي يضفي غرابة على الحدث. لوحات في التشكيل ومنحوتات وأعمال فوتوغرافية وأخرى كولاجية وطباعة على الشاشة الحريرية، جميعها توزعت على 5 قاعات في منارة السعديات في المعرض الذي أقامته شركة التطوير والاستثمار السياحي في أبوظبي الأسبوع الفائت. 6 فنانين شغلوا 5 قاعات. اجتمع في القاعة الأولى فنانان.. كنت أتساءل هل يقترب هذان المبدعان من بعضهما لكي يجتمعان في مكان واحد أم أن المكان كان سبباً لهذا الالتقاء؟ مزج روشنبرج من خلال عمله الذي يحمل عنوان “سرعة زائدة” (1963) الفن التعبيري التجريدي بأشياء حسية مستمدة من واقع الحياة اليومية، كما قام سيرا بإعادة تعريف فن النحت من خلال عمله التذكاري الدينوي الذي يحمل عنوان “مالمو رول” (1984)، بينما يعد عملان أبدعهما وارهول، وهما من الفن الشعبي أو ما يعرف بالـ”بوب آرت” بعنوان “بريليو سوب بادزبوكس” (1960) و”ماو” (1972) القوة الأكثر تأثيراً على تشكيل وتوضيح حقيقة الثقافة الإعلامية. بلا عناوين أولهم كريستوفر وول 1955 رسام إيحائي وتجريدي، باحث عن الخطوط والأشكال والألوان التي تمثل مع بعضها البعض العناصر الأساسية للوحة الفنية، إنه متعقب الشبكات المعقدة للأفكار في علاقتها الإنسانية بالميكانيكيا وفي رسوماته نبصر تقنيات الطباعة والتدوير والتنقيط والسحب ورذاذ الطلاء المتطاير فوق اللوحة من أجل تكرير العديد من النماذج للشكل الأصلي. تميزت أغلب أعماله المعروضة وهي 9 أعمال بأنها بلا عناوين وهي الفترة في نهاية التسعينات وبداية القرن العشرين مستخدماً ألوان الاكرليك والألمنيوم وحبر الطباعة بالشاشة الحريرية على لوحة من القماش. أما أندي وارهول 1928 فقد قدم 21 عملاً وهي “وعاء حساء كامبيل الكبير المحطم” (1962) وبدون عنوان “لفة من الدولارات” (1962) ومارلين بالأبيض والأسود (1962) وأربع صور لمارلين (1962) وليزففيه (1963) وثلاثية الفيس (1963) وكارثة سيارة الاسعاف (1963 ـ 1964) وكارثة خضراء (1963) وكارثة سمك التونة (1963) وبورتريه وأخطر الرجال المطلوبين للعدالة وزهور وصندوق صابون بريلوباد وغيرها الكثير. استعرض صور الأبطال الخالدين، مارلين مونرو، الوجه المتألق، الوجه المعشوق، والفيس برسلي إله الغناء الأميركي والدولار الأميركي الذي يشبه الآيس كريم والكوكاكولا حكاية العصر الحديث. ونتساءل هل كان وارهول الشاهد على العصر الأميركي المقبل؟ وهل تحققت رؤاه في سفر الدولار الأميركي وعشق العالم لوجهين دخلا التاريخ واختفيا بقصتين متشابهتين إلى حد بعيد؟ في زهور وارهول جمالية لا توصف حقاً وفي كرسي الإعدام مستقبل الحضارة وفي جمجمة 1976 تنبوء بالوحش القادم، أما لوحته “كارثة سمك التونة” فهي الانهيار الاقتصادي الذي أشار إليه قبل نصف قرن من الآن. الجمال البسيط من جهة أخرى حاول ساي تومبلي عبر 13 عملاً أن يقدم الجمال البسيط في منحوتاته التي حملت بدون عنوان ومدام دو، أما رسوماته فكان أشهرها “الوردات الثلاث” (2008) الملفتة للنظر بالأحمر الملتف بأكمام الورد وهو ينسرح من اللوحة، يذوب أسى وحزناً، لا يثبت في مكانه، إنه جمال لا يوصف وقد رسمت من الاكرليك على لوح خشبي بأكبر الحجوم 252*740سم. لوحة الوردات الثلاث تكفي هذا الفنان عبقريته، إنه يفترض المجاز الفني في اللوحة إذ نرى في فن تومبلي اهتمامه الأول بالشعر والميثولوجيا والتاريخ والبيئة، إنها جزء من حياته الملحمية والعاطفية. جسد في أعماله التي هيمن عليها “بلا عنوان” كل مفاصل ذوبان الجمال في عالم من الفن البارع. ومن جانب آخر حاول ريتشارد سيرا (1939) أن يقدم منحوتاته ذات الزوايا القلقة في إطار من التوازن والرزانة وهي ترتكز على الدور المحوري الفاعل. طبقات تتلمسها بيديك في “لوح خشبي مستند على عمود” (69 ـ 1983) من الحديد المعالج بالمرارة وفي “يمين يسار” (2001) وفي “مالموروك” (1984) وفي “رقم 5” عام 1969. المكان والزمان لقد كرس سيرا مفهومه للمكان وعلاقته بالزمان، حيث يعتبر الموقع جزءاً لا يتجزأ من الموضوعة، بل هو يجعل المشاهد محور موضوعه، في تأمله باحثاً عن المعنى وكأن المكان الخالي هو الهش الذي يشكل اللوحة/ المنحوتة. أما إد روشاي 1937 فقد كرس الفن الشعبي في “فوائض الحرب” و”روبن” و”ببلادونا” و”شارع النصر” و”حريق في متحف كاونتي في لوس أنجلوس” حتى وصلت أعماله المشاركة إلى 19 عملاً. اشتغل روشاي على الرسم والتصوير والتصوير الفوتغرافي فجسد الزوايا والأشكال والحروف والأرقام في جماليتها. في عمله الملفت “روبن” (1963) كان الطير الساكن المعلق على صفحة اللوحة الزرقاء آية في الجمال والصمت والكلام الذي لم يقل. وأخيراً روبرت روشنبرج (1925) الأستاذ البارع الذي بحث عن الفجوة بين الحياة والفن، رسوماته ومنحوتاته وملصقاته تحكي الكثير حيث الحركة الدلالية للفرشاة في الرسم التجريدي التعبيري مع الأشياء والصور. قدم 4 أعمال هي “سرعة زائدة” (1963) و”فلفل حلو” (1976) و”تعويم برتقالي” (1996) و”مسح أركادي” (1977) وهي تحكي قصصاً عن تاريخ أميركا الحديثة ويكفي أن نرى لوحة سرعة زائدة لنكتشف رؤية روشنبرج لمستقبل هذا العالم الذي بدا فيه الإنسان رمزاً كالأيقونة في خطاب مرمز.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©