الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفراط في تنظيف السيارة مؤشر على خلل نفسي

الإفراط في تنظيف السيارة مؤشر على خلل نفسي
22 يناير 2014 10:18
هناء الحمادي (أبوظبي) - يحرص الشاب عيسى حميد على تنظيف سيارته حرصا شديدا، ولا يكاد يمر يوم حتى ينظفها على الأقل مرتين، بصرف النظر عما إذا كانت تحتاج إلى غسل أم لا. وهو لا يقودها إلا حين يتأكد من نظافتها من الداخل والخارج، وإن وجدها غير نظيفة ومرتبة فإن حالته المزاجية تنقلب رأسا على عقب. وحال عيسى تنسحب على كثير من الشباب تحديداً ممن يفرطون في تنظيف سياراتهم لحد الهوس، ما ينجم عنه مشاكل أسرية وربما يتطور الأمر بشكل يتطلب معه أن يلجأ مثل هؤلاء الأشخاص إلى استشارة نفسية. ميزانية شهرية جاسم الملا، شابا يملك سيارة ذات دفع رباعي، يهتم بتفاصيل نظافة سيارتها فيخصص ميزانية شهرية لشراء أنواع من مساحيق لتنظيفها، بغض النظر عن أهميتها. إلى ذلك، يقول الملا «لم يمر يوم لم أنظف فيه سيارتي، فهوس نظافتها يجعلني أخصص وقتا من لتنظيفها الداخل والخارج، فهي تعبر عن شخصيتي». ويوضح: «غالبا أخصص وقت العصر للاهتمام بنظافة السيارة وأنا لا أثق بعمال محطات غسل السيارات فهم لا يجيدون أساسيات نظافة السيارات، لذا أقوم بتنظيفها بنفسي في كراج البيت للتأكد نظافتها بها وخاصة تحت المقاعد وفي أماكن قد لا تصل لها اليد». ولا يقتصر الأمر على ذلك، حيث يتجه هوس الملا إلى أبعد من ذلك فما أن يضع يديه على جير السيارة أو مقود السيارة حتى يعقم يديه سريعاً من خلال المناديل المعقمة خوفا من انتشار الأتربة على يديه. أما الشاب ناصر الظاهري فمن المستحيل أن يركب سيارته دون تنظيف، فتنظيف السيارة شغله الشاغل، ويزداد الهوس لديه عندما تكون حالة الجو غير مستقرة ومحملة بالغبار والأتربة، فيكون هذا اليوم مثل الطامة الكبرى التي تجعله يشعر بالاكتئاب والضيق، إلى ذلك، يقول: «حالة الجو وخاصة إن كانت محملة بالأتربة والغبار يجعلني أشعر بالضجر لأن سيارتي ستتسخ»، موضحا «محطة غسيل السيارات القريبة من منطقتنا السكنية هي المكان الدائم واليومي لغسيل سيارتي، ورغم طابور الانتظار، والزحمة التي تستمر لمدة ساعتين أنتظر دوري». ويؤكد «من سابع المستحيلات أن أركب السيارة وهي في حالة من الفوضى، كما أنبه على أبنائي بعدم إلقاء المناديل، أو علب العصائر في السيارة، فهذه تجعلني عصبيا». وعن شعوره بعد تنظيف السيارة، يقول الظاهري «عندما تخرج سيارتي من محطة غسيل السيارات وتكون أكثر لمعانا ونظافة فإن ذلك يجعلني أشعر بالفرح والسرور، وقد وضعت صندوقا صغيرا بالسيارة يضم كل أدوات النظافة استعمله في حالة قيام العائلة بنزهة في منطقة قد لا يوجد بها محطة غسيل سيارات، فاضطر لتنظيفها بنفسي». مشاكل عائلية قد تسبب النظافة الزائدة لدى البعض من المهووسين العديد من المشاكل بين أفراد العائلة، ومن الممكن أن تصبح هذه المشاكل حادة ولا يسهل حلها. وتقول ابتسام الجابري متزوجة منذ 8 سنوات إلا إنها منذ اليوم الأول من زواجها لاحظت كم أن زوجها مغرم بنظافة سيارته بشكل غير طبيعي، تقول الجابري «عندما تزوجنا بدأ يلصق أوراقا على الجدران، وفي المطبخ وفي الغرف الأخرى مكتوب عليها إن النظافة مهمة بالبيت عامة، وفي السيارة خاصة، وهذه الأخيرة ركز عليها كثيرا». وتضيف: «من المستحيل أن يترك زوجي الأبناء يتناولون أي شيء في السيارة ومن يجلب طعاماً بالخفاء أو يسبب فوضى بالسيارة فالويل له». وتبدي الجابري ضيقها من شدة هوس زوجها بنظافة سيارته، حتى وصل به الأمر قبل الذهاب برحلة عائلية لتنظيف السيارة بالماء والصابون، وبعد العودة يكرر التصرف ذاته، حتى أحسست إن سيارته يهتم بها أكثر من اهتمامه بأفراد أسرته. وتذكر: «برغم تنبيهاتي المتكررة لزوجي لهذا التصرف الذي زاد عن حده، والذي يصل بنا الأمر أحيانا كثيرا إلى مشاكل تعلو بالصراخ إلا إنه في كل مرة يقول لي أنه حر في تصرفاته، وأن نظافة سيارته من نظافته». وسواس النظافة تسيطر على البعض فكرة أنه لم يبلغ النظافة المطلوبة، فيكرر التنظيف ولا يصل لحالة الرضا، ويحاول أن يقاوم الأفكار إلا إنه يفشل، وهذا النوع يسمى في الطب النفسي بـ«وسواس النظافة»، ويقصد به الاهتمام الزائد على الحد الطبيعي بالنظافة، وهو فعل متكرر ودائم، ويأخذ شكل الطقوس كتكرار غسل الأيدي، والاستحمام، وتنظيف السيارة مرارا وتكرارا. في هذا الصدد، يقول الدكتور علاء مكاوي، استشاري الطب النفسي، في تحليله النفسي للمهووسين بالنظافة إن بعض الأشخاص يبالغون في النظافة ولكن ذلك لا يؤثر على الجوانب الأساسية في حياته سواء العقلية أو الاجتماعية، مؤكدا أنها في هذه الحالة لا تتعدى كونها صفات ملازمة للإنسان ولا يمكن اعتبارها مرضا. ويوضح «لكن إن انتقلت تلك الوساوس إلى شعوره بالألم والحزن، وبدأ ذلك يؤثر على علاقاته الإنسانية والاجتماعية وعلى بعض من الجوانب الأساسية في حياته يصبح ذلك وسواسا قهريا، ومن بينها ما يعرف بوسواس النظافة». ومن أهم علامات ذلك الاضطراب، يقول مكاوي «شعور الإنسان بالذنب وتهديدات الذات فيحاول الهروب منها بممارسة أفعال قهرية، ورغم علم الإنسان أن ما يقوم به تافها، إلا أنه يجد نفسه مجبرا على القيام به»، لافتاً إلى أن من يعاني من وسواس النظافة يتميز بإيذائه للآخرين وعدم احترامه لمشاعرهم، ويبدو غير مبال. نتائج معاكسة السعي وراء النظافة الكاملة يمكن أن تأتي أحياناً بنتائج معاكسة، هذا ما توصلت إليه دراسة أميركية حديثة أجرتها جامعة ميتشيجن، فالنظافة المبالغ فيها، حسب القائمين على الدراسة، يمكن أن تهدد وظائف جهاز المناعة لدى الإنسان، وتسبب أنواعاً مختلفة من أمراض الحساسية، كما أشارت دراسة أميركية أخرى إلى أن هوس النظافة قد يكون مرتبطا بارتفاع معدلات الاكتئاب، كما اعتبرت الدراسة أن الإفراط في التنظيف قد يعيق قدرة دماغ الإنسان على إنتاج بعض المواد الكيميائية التي تجعله سعيدا، ما ينتج عنه الاكتئاب الحاد. خطوات علاجية يقول الدكتور علاء مكاوي، استشاري الطب النفسي، «تتضمن الخطة العلاجية للتوقف عن ممارسة هذه الأفعال، والتي تبدأ بالاقتناع بأن الشخص يواجه مشكلة وأن عليه اللجوء إلى مختص. وتغير المعتقدات الخاصة عن معنى النظافة والجراثيم، وكيف يمكن التلوث بها، ودرجة تسببها في الأمراض. ومن ثم إجراء حوار داخلي مع النفس وترديد ذلك عالياً: »هذه الأفكار سخيفة! لن أجعلها تسيطر عليَّ! أنا أقوى من كل ذلك!« ثم التعامل مع مرض «وسواس النظافة» وكأنه خصم يسعى للنيل من رغبتك في معايشة سعادة الحياة، حاربه بقوتك وعزيمتك وإرادتك. ومعرفة أن الاستسلام لمظاهر هذا المرض بمثابة الوقود الذي يدفع للاستمرار، لذلك يجب الإعلان عن التخلي عن كل طقوس النظافة القهرية، وعدم السماح بالسيطرة عليك».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©