السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كلود مونيه.. واللعب في العالم الافتراضي

كلود مونيه.. واللعب في العالم الافتراضي
26 يناير 2018 21:18
أبوظبي (الاتحاد) عندما تزور متحف «اللوفر أبوظبي»، تبحث لسبب ما عن كلود مونيه (ولد في 14 نوفمبر 1840 في باريس - وتوفي في 5 ديسمبر 1926 في غيفرني)، الرسام الفرنسي، رائد المدرسة الانطباعية بلا منازع.. تبحث عنه وفي ذهنك تلك المشاهد المشرقة، الحافلة بالنور والزهور وغدران الماء والنساء، على النحو الذي مثّلته، مثلاً، لوحته «انطباع، شمسٌ مشرقة» عام 1872، وكانت علامة في المدرسة التي سيمثّلها صاحبها، والتي اشتقت اسمها من عنوان اللوحة: الانطباعية. وبمساعدة دليل المتحف المطبوع، سرعان ما ستجد ضالتك. هناك مونيه، أو لوحته على وجه الدقة بانتظارك. لكن لا شيء مما ترسخ في «انطباعك» عن الرسام الفرنسي. لا نور للشمس يضيء اللوحة، ولا زهور يانعة تكاد روائحها تفوح من بين خطوط الألوان، ولا غدران جارية، ولا نساء. ستجد من مونيه تلك اللوحة المسماة «محطة سان لازار» The Saint-Lazare Station، وهي واحدة من أكبر وأنشط محطات القطار في باريس. ألوان زيتية على قماش (الكانفاس)، بمقياس متواضع 75.5 * 104 سم. في اللوحة، المتميزة بعمق المشهد، تموج بحار من الدخان والبخار، في ظل إضاءة كابية. تبدو اللوحة وكأنها تعكس أجواء مشحونة من داخل محطة للقطار، تشهد على مدار الساعة، أو على مدار حركة القطارات، تأججاً للعواطف بين مستقبلين ومودعين. هنا على الرصيف، الذي تنقله ريشة مونيه، لا تظهر الأشياء المادية في وضوحها الجلي. تبدو كأنها خيالات خلف ضباب الدخان والبخار، تشبه في ذلك ما يعتمل داخل صدور الناس الذين يبدون في لوحة مونيه متماهين أكثر مع الحالة الدخانية. ولا يخفف من وطأة هذه التأويلات للوحة كونها مشهداً من سلسلة. فهي واحدة من اثنتي عشرة لوحة تحاول تصوير جوانب وتفاصيل أخرى من محطة سان لازار، غير تلك التي تنقلها اللوحة موضوع القراءة. الضوء، الذي يميّز أغلب أعمال الانطباعيين، يبدو في لوحة «محطة سان لازار»، عنصراً تأويلياً، أكثر منه واقع حقيقي. بإمكانك أن تفترض بأن المشهد تم رسمه في يوم باريسي مشرق، تسطع شمسه خارج مبنى محطة القطار. وعلى الأقل فإن هذا ما يوحي به اللون الأزرق، في الجزء العلوي من اللوحة. نفترض أن تلك الفسحة المزرقة هي سماء باريس. وأن إشراقة اليوم الباريسي، بالتالي، هو واقع افتراضي في ذهن الرسام، قبل أكثر من قرن على نشوء ظاهر الواقع الافتراضي الحالية. كلود مونيه، في هذه اللوحة، ولوحات السلسلة الأخرى، بدا وكأنه يريد أن يعطي درساً آخر من دروس المدرسة الانطباعية. فهي ليست مدرسة اللوحات المنشرحة على الدوام. ليست مدرسة المشاهد المستلّة من طبيعة باذخة ومغوية في ألوانها وتكويناتها (وبشرها)، هي مدرسة قد تستلهم ألوانها من أسقف الحديد في محطات القطارات، ومن غيوم البخار المنبعثة من عوادم القطارات، ولكنها قادرة على أن ترحل بذهن المشاهد إلى واقع افتراضي، قبل أن ينشأ عالم الديجيتال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©