السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند: «المدن الذكية».. أحلام أم أوهام؟

29 يونيو 2015 23:57
يجتذب مزار صوفي شهير، يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، ويقع في مدينة أجمير الهندية، ملايين الزوار من كل أنحاء العالم كل عام. وقد دشنت المدينة في الآونة الأخيرة موقعاً جديداً على الإنترنت يطلق عليه اسم «أجمير الرائعة». ولكن الحياة في هذه المدينة القديمة التي تقطنها 550 ألف نسمة في شمال الهند أبعد ما تكون عن الروعة. فالمياه الجارية لا تتوافر إلا ساعتين كل يومين. ولا يتصل بشبكة الصرف الصحي إلا 130 منزلًا فقط من بين 125 ألف منزل في المدينة. ومياه الصرف الصحي تتدفق في قنوات مكشوفة في الأحياء المكتظة. والبحيرات أصبحت مقالب قمامة. والمباني غير المصرح بها والأحياء العشوائية تتكاثر في المدينة. ولا يعمل من إشارات حركة المرور إلا اثنتان. ولكن على رغم كل هذا ثمة الآن مؤشرات في الآونة الأخيرة على أن «أجمير» قد تتحول إلى «مدينة ذكية» للقرن الحادي والعشرين، وهو مصطلح للتخطيط الحضري لمدن متروبوليتانية مستقبلية متألقة يريد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن يقيمها بحلول عام 2022. وهذه المعجزات الحديثة ستعمل فيها شبكات المياه والكهرباء والتخلص من النفايات وحركة السير والمستشفيات والمدارس وفق تكنولوجيا المعلومات لتدار فيها هذه الخدمات بكفاءة أكبر. وقد خصصت الحكومة 7,5 مليار دولار لتحقيق هذا المشروع ودشن «مودي» رسمياً البرنامج، الأسبوع الماضي، ولكن من المهم أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أن سكان «أجمير»، وهي واحدة من 100 مدينة يراد لها التحديث، ما زالوا غير مستعدين تماماً لهذا. وعلى رغم أنها أصبحت كلمة كثيرة التداول، ما زال كثير من الناس لا يفهمون بوضوح ما الذي تعنيه عبارة «مدينة ذكية». ويشكك آخرون في إمكانية أن تتجسد في الهند أحلام «مودي» عن المدن الذكية كتلك الموجودة في كوريا الجنوبية والصين وأبوظبي. وقد ذكر أحد حراس المزار ويدعى سيد حسين أن «أسعار العقارات ارتفعت بشدة منذ أن بدأ كل هذا الحديث عن المدينة الذكية.. إننا مدينة مشهورة عالمياً، ولكننا مازلنا ننتظر حتى نصبح مدينة على مستوى العالم». ويعتقد محللون أن المشروع الطموح يمثل تحولاً ملحوظاً في السياسة الهندية. فعلى مدار عقود هيمنت ثقافة القرية والريف على القرارات السياسية والاقتصادية، وهو ميراث راسخ يعود إلى تأكيد المهاتما غاندي الدائم، على أن «الهند تعيش في قراها». ولكن الآن يعيش أكثر من 350 مليون هندي في المدن. وقد ذكر تقرير لمعهد «ماكينزي» الدولي أن التوسع الحضري سينمو في السنوات القليلة المقبلة بمعدل غير مسبوق في الهند. وبحلول عام 2030 سيعيش أكثر من 600 مليون هندي في مدن مكتظة، والبنية التحتية فيها متهالكة. وفي مقام التدرج في التطوير، سأل مدرس متقاعد يدعى سوريس ماتور من سكان المدينة «هل نستطيع أولًا أن نصبح مدينة ناجحة قبل أن نطمح إلى أن نكون مدينة ذكية؟ نحن نفتقر حتى للخدمات الأساسية التي يجب أن تقدمها أي مدينة نمطياً!» وفي تغير جذري عن تركيز الحكومة السابقة على المناطق الريفية في العقد الماضي، يريد «مودي» أن يدعم المدن، باعتبارها محرك النمو الاقتصادي. ويقول مسؤولون، إنه بحلول عام 2030 يتوقع أن تكون المدن مسؤولة عن نحو 70 في المئة من الناتج الاقتصادي الهندي. وقال «مودي» العام الماضي: «لقد بنيت المدن في الماضي على ضفاف الأنهار، والآن تبنى على امتداد الطرق السريعة. ولكن في المستقبل ستبنى على أساس توافر شبكات الألياف البصرية والبنية التحتية للجيل المقبل». وفي السنوات الثماني الماضية، شاعت كلمة «المدن الذكية» وسط مخططي المدن العالميين الذين يريدون استخدام التكنولوجيا الرقمية والبيانات الكبيرة لإنشاء نظام ذكي خاضع لمراقبة شديدة يتحكم في الطريقة التي يعيش بها الناس، ويتم بها استهلاك الطاقة والذهاب إلى العمل والحفاظ على الصحة والسلامة. وقد تضمن برنامج الهند تجديداً جذرياً للمدن المتهالكة، وأيضاً إقامة بلديات جديدة تماماً مشابهة لحي «وول ستريت». وعندما اجتمع مودي والرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن في سبتمبر الماضي اختارت الشركات الأميركية ثلاث مدن هندية، من بينها «أجمير» لتكون مدناً ذكية. والشهر الماضي اجتمعت «أي. بي. إم» و«أوراكل» وشركات عدة أخرى مع مسؤولين في «أجمير» لمناقشة التكنولوجيا الذكية لحل بعض تحديات المدينة في المياه وحركة السير والتخلص من النفايات. وفي متاهات الطرق المزدحمة المؤدية للمزار الصوفي في «أجمير»، تكثر الأحاديث والنكات عن التصميم الجديد للمدينة. وبالقرب من مزراب مكشوف للصرف الصحي، غطى أحد الزوار أنفه بكوفية وتهكم قائلًا «متى ستصبح مدينتكم ذكية؟». راما لاكشمي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©