الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدراما السورية تدخل دائرة النجم الواحد على الطريقة المصرية

الدراما السورية تدخل دائرة النجم الواحد على الطريقة المصرية
28 سبتمبر 2010 22:14
اعتماد الدراما التلفزيونية السورية على البطولة الجماعية للممثلين في المسلسلات، هو ما ميزها خلال السنوات الماضية من ازدهارها وانتشارها، فلا يخفى على أحد الدور الكبير الذي لعبته حرفية الفنان السوري ومهارته في نجاح هذه الدراما وتطورها. لكن اتجاهاً جديداً بدأت مؤشراته بالظهور منذ العام الماضي وازداد وضوحاً في الموسم المنصرم، وهو لحاق الدراما السورية بشقيقتها المصرية في اعتمادها بطولة النجم الواحد، وذلك كنتيجة طبيعية للأجور العالية التي بدأ النجوم السوريون يطلبونها، بحيث إن ميزانية العمل التلفزيوني لم تعد تحتمل أكثر من نجم أو نجمين!. أرقام خيالية يصرخ عدد من المنتجين السوريين مطالبين بوضع حد لارتفاع أجور الفنانين، لأنها وصلت إلى أرقام خيالية برأيهم، بعد أن رفع معظم النجوم السوريين سقف أجورهم فتضاعفت مرتين بالنسبة لبعض الأسماء ووصلت إلى خمسة أضعاف بالنسبة لأسماء أخرى، وأصبح بعضهم يتقاضى مئتي ألف دولار عن المسلسل الواحد، بينما يشير البعض إلى أرقام خيالية تصل إلى حوالي مليون دولار عن المســـلسل!. وفي ظل التكتم الذي يحيط بأجور الفنانين فإنه لا يمكن ضرب أمثلة، وإن كان الجميع يقرون بهذا الارتفاع، وكأنه سر معلن، ويتداولون أرقاماً غير رسمية. ويرى عدد من المنتجين أن رفع سقف الأجور إلى هذه المستويات الجديدة، يهدد صناعة الدراما التلفزيونية السورية، ولاسيما أن الأسعار التي تدفعها المحطات الفضائية لمسلسلاتهم مازالت عند مستوياتها القديمة، مما يجعل النجم يلتهم الحصة الأكبر من ميزانية العمل، ويضطر المنتج للاعتماد على أقل عدد ممكن من نجوم الصف الأول، لأن ميزانيته محددة عند سقف معين، لا يستطيع تجاوزه، وإلا فسيتعرض للخسارة، ومن ثم يتوقف عن الإنتاج، ويفقد الممثلون أعمالهم. والمخرجون أيضاً! ويلفت بعض المنتجين إلى أن هذه الظاهرة بدأت بعد أن شارك عدد من الفنانين السوريين في أعمال الدراما التلفزيونية المصرية، ودهشوا بما دفع لهم مقابل مشاركاتهم، مما جعلهم يطالبون المنتجين السوريين بمستويات مماثلة من الأجور. متناسين أن المحطات الفضائية لا ترفع أسعارها بالنسبة نفسها، وأن الأعمال المصرية مازالت تحقق عائداً أعلى من نظيرتها السورية، بالنظر إلى حجم السوق المصرية وعدد شاشات العرض وقنوات التوزيع والسوق الإعلانية، التي لا تقارن مع السوق السورية التي تعتمد بالدرجة الأولى على القنوات الخليجية، كما يقول المنتجون. وما ينطبق على الممثلين ينطبق أيضاً على المخرجين، فمخرجو الصف الأول في الدراما السورية، رفعوا سقف أجورهم إلى أرقام تتراوح بين مائتي وثلاثمائة ألف دولار، وتشير بعض المصادر إلى أن أحد المخرجين تقاضى خمسمائة ألف دولار عن أحد الأعمال الضخمة. النجوم يعترضون ولا يتفق معظم النجوم مع ما يطرحه المنتجون، ويرون أن ما يطلبونه من أجور عادل ومنطقي، لا بل إنه بالكاد يوفيهم حقهم، بعد سنوات طويلة من الاستغلال، وخصوصاً أن أسماءهم تلعب دوراً مهماً في تسويق الأعمال، فالمعلن الذي يدفع التكاليف الحقيقية للمسلسل التلفزيوني بشكل غير مباشر، إنما يبحث عن النجم الذي يحظى بالشعبية والمسلسلات التي يشارك بها، لكي يضع إعلانه فيها، وبالتالي فإن هؤلاء الفنانين يحاججون بأنهم يقفون واقعياً وراء الأرباح التي يجنيها المنتج، ويتهمون المنتجين بإخفاء الأرباح الكبيرة التي يحصلون عليها، كنتيجة لجهود الممثلين والفنيين. ويضرب هؤلاء أمثلة من الدراما المصرية، فيشيرون إلى أن نجماً كيحيى الفخراني يتقاضى ثلث ميزانية العمل على الأقل، والتي تصل إلى حوالي ثلاثة ملايين دولار، بينما لا يتقاضى النجوم السوريون حالياً ربع ما يتقاضاه النجوم في مصر. ويطالبون بمساواتهم مع أشقائهم المصريين. وهم يؤكدون أن أسعار الأعمال السورية ترتفع يوماً بعد يوم، بشكل مطرد مع تنامي شعبية الفنان السوري، وهذا يقتضي رفع أجره، عاماً بعد آخر. ويشكو بعض هؤلاء النجوم، من أن عدم إنصافهم، سيجعلهم يستمرون في تقديم عدة أعمال في الموسم الدرامي الواحد، مما ينعكس سلباً عليهم إن كان من حيث الجهد المطلوب والتشتت بين أعمال كثيرة، أو من حيث مصداقية حضورهم على الشاشة. بينما يسمح رفع الأجور للفنان بالتركيز على عمل واحد، يضع فيه كل جهده واجتهاده. بين فكي كماشة! رغم احتجاجات المنتجين ومطالبات الممثلين، فإنه غالباً ما يتم التوصل إلى اتفاقات وسطية بعد مساومات طويلة، لأن المنتجين يريدون الاستمرار في الإنتاج، والممثلون لا يرغبون في التوقف عن التمثيل، وذلك يؤدي في النتيجة إلى ارتفاع أجور نجوم الصف الأول بشكل كبير. ويتخوف كثير من المتابعين من أن تؤثر هذه الارتفاعات في الأجور على كم الأعمال وجودتها، ولاسيما أن ميزانية المسلسل السوري تتراوح بين مليون ومليوني دولار في أحسن الأحوال. لكن أكثر ما يخشاه البعض ومنهم ممثلون أن تزداد الضغوط على ممثلي الصف الثاني، أو الفنانين الشباب الذين يتمتعون بمواهب متميزة وإمكانات واعدة، حيث يجد هؤلاء أنفسهم بين فكي كماشة، فالشركات المنتجة تضغط تكاليفها، والنجوم يلتهمون الميزانيات!. وهم لا يحصلون على ما يستحقونه، أو ما يتناسب مع ما يقدمونه، مما سينعكس سلباً على رفد الدراما التلفزيونية السورية بدماء جديدة. تصنيفات مختلفة ورغم أن نقابة الفنانين السوريين تصدر تصنيفاً سنوياً للممثلين، لكن أحداً من شركات الإنتاج أو الفنانين لا يأخذ به، ولا يعتبره ملزماً. كما أن بعض الفنانين يضعون الكثير من الملاحظات عليه، أهمها أنه لا يعتمد معايير واضحة وعادلة في الحكم، تراعي فروقات الموهبة والشعبية، كما يقولون. مما يجعل الأمور خاضعة لمزاج الشركات والسوق، ويخلق تبايناً شاسعاً بين أجور الممثلين في العمل الدرامي الواحد، وعوضاً عن هذا التصنيف الرسمي، يجري تداول تصنيف خاص بين الشركات والمخرجين، يستند إلى معايير تجارية وتسويقية. أما القطاع العام السوري، فيبدو أكثر عدالة في موضوع تحديد أجور الفنانين، فهو يستند إلى تصنيف خاص به، وفق معايير مختلفة، يراعي فيها عنصر القدم والخبرة، وإن كان يتجاوز هذه المعايير أحياناً عندما يحتاج إلى فنانين معينين. ورغم العدالة النسبية التي يحققها القطاع العام، إلا أن تأثيره ضعيف، لأن وزن مساهمة هذا القطاع في صناعة الدراما التلفزيونية لا تقارن بإنتاج القطاع الخاص، الذي يتفوق عليه في الكم والنوع بشكل كبير، فالقطاع العام لا ينتج في العام الواحد أكثر من خمسة مسلسلات في أحسن الأحوال، بينما يزيد إنتاج القطاع الخاص عن ثلاثين عملاً. وقد أُحدثت مؤخراً مؤسسة عامة مستقلة للإنتاج التلفزيوني، بعد أن كان الإنتاج الفني من مهام مديرية تخضع للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية، ويتفاءل كثيرون اليوم، بأن تسهم هذه المؤسسة بإرساء تقاليد فنية محترمة في الوسط الفني السوري، وأن تعمل على زيادة إنتاج القطاع العام من المسلسلات سنوياً، بحيث تضمن زيادات منطقية في أجور الفنانين السوريين، دون أن تغمطهم حقهم، وتحقق في الوقت نفسه العدالة بينهم. تحذيرات ومخاوف المتابعون للشأن الدرامي السوري يبدون تخوفهم من تنامي ظاهرة ارتفاع أجور النجوم في الدراما السورية، واتجاه المنتجين إلى دراما النجم الواحد، مما يفقد الدراما التلفزيونية السورية واحدة من أهم النقاط الإيجابية في مسيرتها. ويأسفون من أن النجاح الذي تحقق حتى الآن مهدد، من قبل أصحابه، وكأنه “سيف ذو حدين”، ويدعون إلى معالجة هذا الموضوع، من قبل لجنة صناعة السينما والتلفزيون ونقابة الفنانين، باعتماد تصنيف ملزم للشركات المنتجة والفنانين، حتى لا يتحول الفن إلى سوق للمضاربة، القوي فيها يأكل الضعيف، وإن كان الجميع يقرون بأهمية أصحاب الأسماء الكبيرة والمواهب الخلاقة في الدراما السورية، وضرورة إنصافهم، ولكن على أن لا يأتي ذلك على حساب الممثلين الآخرين، أو يعوق رفد الدراما السورية بمواهب جديدة، أو يهددها كماً ونوعاً.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©