الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كيف يمكنك التغلب على مشاكل وهموم العمل المؤقت؟

كيف يمكنك التغلب على مشاكل وهموم العمل المؤقت؟
9 سبتمبر 2018 01:36

بقلم: إريك برند

يبدو الأمر وكأنه متناقض، ففي الوقت الذي تتدفق فيه الأخبار التي تؤكد حدوث ازدهار كبير في الاقتصاد في الولايات المتحدة ودول أخرى، ما ساعد على انخفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة إلى أقل من 4%، نجد أن هناك نحو 51 مليون أسرة أميركية تكافح من أجل تغطية نفقاتها العادية، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها منظمة «يونايتد واي أليس». فلماذا إذاً يوجد هذا التناقض الواضح للجميع؟
الجواب قد يكون له علاقة بدراسة أجراها الاقتصاديان لورانس كاتز وآلان كروجر، التي توصلت إلى أن أكثر من 90% من الوظائف التي تم إيجادها خلال 10 سنوات (من 2005 إلى 2015) تتضمن ما يسمى أحياناً «العمل المشروط».
و«العمل المشروط»، مصطلح يشمل كل أنواع الموظفين غير التقليديين، مثل العمال المؤقتين، أو العمال الذين يعملون بالقطعة فقط عندما يطلبهم أحد لمهمة محددة، أو العمال غير المتفرغين، وكذلك العمال المستقلون الذين يعملون لحسابهم الخاص.
ومثل هذه الوظائف توفر الاستقلالية، لكن الدخل غالباً ما يكون أقل، ما لا يوفر غطاءً آمناً يضمن تغطية تكاليف الأسرة، وقد ينتهي الأمر بالعمال إلى شغل وظيفتين أو أكثر في الوقت نفسه لمحاولة سد الهوة بين الأجور والمصروفات المطلوبة لتلبية الطلبات الأساسية لأفراد الأسرة.
وحسب الدراسة، فقد تزايدت نسبة التوظيف بنظام «العمل المشروط» على حساب الوظائف المستقرة ذات الأجور الجيدة التي تشكل الأساس للطبقة الوسطى في المجتمع.
ورغم الاحتفال بتحسن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، فإن أكثر من نصف العاملين في وظائف غير ثابته يقولون إنهم يفضلون وظائف دائمة تضمن دخلاً ثابتاً.
هذه المعضلة من تزايد العمالة المؤقتة تقترن بتدهور الآفاق اقتصادية للملايين الذين يصرخون من أجل إصلاح الأوضاع، لكن ما الذي يجب عمله؟ فبرامج إعادة التدريب على العمل لعبة لا نهاية لها من اللحاق بأحدث التقنيات.
وتشكيل المزيد من النقابات العمالية أمر شاق وسيؤدي إلى طرق متشعبة، وليس من المضمون أن يأتي بنتائج إيجابية، وقد يحتاج الأمر وقتاً طويلاً حتى يستطيع العامل أن يرى تحسناً في وضعه نتيجة جهود النقابات العمالية.
والإصلاح من أعلى إلى أسفل، مثل فرض قيود على التبادل التجاري، أو ضمان حد أدنى للأجور، قد يؤدي إلى نتائج غير مقصودة، سيتم إعاقتها من قبل القوى القوية التي تعارض تدخل الحكومة في السوق.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ماذا الآن؟ قد تكون الإجابة بالنسبة للعمالة المؤقتة هي في الاعتماد على دخل إضافي من منصات «تقاسم الاقتصاد» مثل العمل كسائق في «أوبر» أو في «إير بي إن بي»، وسر هذه الشركات هي أنها تسمح لمستخدميها بإطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية الخاملة في الأصول الشخصية، وتحديداً السيارات والمنازل. ولكن هذا مجرد خدش لسطح مشكلة «ما يمكن أن تكون عليه الحياة في اقتصاد العمل المؤقت». أو ربما ينبغي النظر إلى مثل هذه التطبيقات على أنها علامة على الطريق إلى إعادة الدمج الكامل للعمل والحياة ضمن مساحة واحدة، المنزل.
وبينما كنت أدرس دور التكنولوجيا في المجتمع في معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا خلال تسعينيات القرن الماضي، قضيت الصيف في العيش والتعلم بين طائفة الـ«آميش»، وهم أساتذة لم يتم تقديرهم حق قدرهم في المزج بين العمل وفن الحياة.
ومعظم الاقتصاديين يرون الـ«آميش» كرمز للتخلف والعودة إلى الوراء، فهم في نظر رجال الاقتصاد مثل حي على التمسك بأشكال العمل القديمة مع رفض أي تكنولوجيا أو تطور في هذا المجال. ولكن عندما نظرت إلى جيراني عرفت أن هذه النظرة إلى الـ «آميش» ليست مُنصفة، فقد رأيت شخصاً يجمع بين التمارين الرياضية والهواء النقي وإنتاج الطعام والحياة الأسرية والتدريب المهني في آن، فلقد استفاد جاري السابق هذا أقصى استفادة ممكنة من الرصيد الذي يملكه وهو مزرعته، وبهذا يطبق بنداً هاماً يعرفه كل من يدرس أو يعمل في مجال الاقتصاد والاستثمار وهو «تعزيز الفائدة إلى الحد الأقصى»، ففي نهاية المطاف كنت أجده مجتهداً وسعيداً رغم أن دخله لا يتعدى عشرة آلاف دولار في السنة.
«يا له من استخدام فعال للوقت!»، هذا ما كنت أردده عندما كنت أنظر إلى جيراني «نحن نفعل فقط ما اعتاد عليه الجميع». وبفضل الابتكارات الجديدة خسرنا كثيراً بسبب تغير طريقة تفكيرنا في الأشياء التي نملكها وكيفية تحقيق الاستفادة القصوى منها. وفي الحقيقة قد لا يكون هذا الماضي بعيداً جداً، فهناك أمل في أن يدركه من يرغب في ذلك.
وفي السنوات التي تلت فترة إقامتي وسط الـ «آميش»، قمت بتطبيق ما تعلمته هناك على أسلوب عملي في مدينة سانت لويس التي أقيم فيها، وبرغم أن سانت لويس مدينة مزدهرة ومتطورة فإنني وجدت أن تطبيق أسلوب الـ«آميش» في العمل أمر يمكن تحقيقه.
واليوم، تأتي مصادر الدخل الرئيسة بالنسبة لي من صابون أصنعه يدوياً، وكتابة كتب ومقالات للصحف والمجلات. كل هذه الأنشطة مقرها في منزلي. ولكننا في المنزل نستفيد أيضاً بالتكنولوجيا الحديثة وهو الأمر الذي لا يقوم به الـ«آميش». فباستخدام الإنترنت، تقوم زوجتي، ماري، بالعمل كمحاسب بدوام جزئي من مكتبها في المنزل أيضاً.
ونحن الاثنين، نعمل نحو 35 ساعة في الأسبوع في أعمال تدر علينا دخلاً. وهذا يجلب نحو 25 ألف دولار في السنة، وقد لا يبدو هذا كثيراً. ولكننا نعيش في حي رائع، على مسافة قريبة من المطاعم والمحلات التجارية والحدائق العامة. وتبلغ مساحة منزلنا، 2600 قدم مربعة، وهو مبنى أقيم منذ 110 أعوام، وبالفعل سددنا كل أموال القرض العقاري. وإضافة إلى ذلك أرسلنا ثلاثة أطفال إلى جامعات خاصة.
ما يهم أكثر من الموارد المالية، وهي أمر مهم للغاية أيضاً، هو ترتيب وقتنا، من خلال دمج العمل والحياة في بيئة حضرية، وتتفادى زوجتي ماري وأنا نفقات لا مبرر لها، والجهد المضاعف والتنقل ذهاباً وإياباً لأماكن العمل. وما نقوم به الآن يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف ويزيد أوقات الفراغ.
هناك أكثر من مسار لدمج الحياة بالاقتصاد، وهذا ما يقدم عليه بالفعل أصدقاؤنا وجيراننا الآخرون، فهناك ميكانيكي انتقل وأسرته للسكن في الطابق الأعلى للمتجر الذي يستأجره ويمارس فيه عمله.
ويعيش أحد معارفنا الآخرين وأسرته فوق مطعم شهير يمتلكه، ويترك خدمات التوصيل إلى شركات أخرى مثل «بوست ميتس» و«دور داش». وعمل صديق ثالث على تجميع طلبات للأغذية العضوية التي يزرعها في مزرعته الصغيرة من جميع أنحاء المدينة عبر منصة إلكترونية، ويقوم بترتيب الطلبات لإرسالها إلى المنازل والمتاجر.
وبالنسبة للعمال الذين لم يستفيدوا بعد بالانتعاش الاقتصادي فيجب أن يعلموا أن الحصول على فرصة استغلال ممتلكاته المتاحة مثل قيادة سيارته ضمن أسطول أوبر، أو طرح غرفة من منزله للإيجار، أو الحصول على فرصة نقل طلبات «أمازون» إلى مشتريها، فإن ذلك يعد نصف الطريق إلى المنزل ويتطلب الأمر خطوة أخرى أو اثنتين من أجل العمل من المنزل وتجنب تعقيدات التنقل في الشوارع للحاق بالأعمال المختلفة.
وضبط الأمور المالية الخاصة بالمنزل، سواء الدخل أو الإنفاق، هو الأساس فيما يتعلق بتحسين الأوضاع الاقتصادية للأشخاص، وربما هذا ما يفسر كلمة اقتصاد في اللغة اللاتينية القديمة والتي تعني عند ترجمتها حرفياً «الإدارة الأسرية».
وبالمناسبة قد يكون لديك أيضاً منزل خاص بك، ويفضل أن يكون منزلاً رخيصاً في حاجة إلى التجديد لتزيد قيمته، سواء عند الإيجار أو البيع. وهذا أيضاً نوع من الأعمال التي يجب أن تنظر إليها.
ونصيحة أخرى ممكن أن تُوضع في الاعتبار وهي أن تكون انتقائياً بشأن التقنيات التي تستخدمها، فيمكن للأدوات الجديدة تحسين ظروف الحياة المادية، ولكنها تمثل أيضاً استنزافاً للدخل، علاوة على أنها عامل رئيسي للاضطراب الاجتماعي.
أنا وماري ننظر إلى التكنولوجيا ذات العين الحذرة مثل الـ«آميش». فلقد تخلصنا من الهاتف الذكي، والتلفزيون، وحتى السيارة، وقللنا استخدام الإنترنت، واحتفظنا به في المقام الأول لأعمال ماري التي تدر دخلاً فقط. وإذا كنت بحاجة لاستخدام الإنترنت، فأنا أتحرك بالدراجة للوصول إلى المكتبة ولاستخدام هذه الخدمة هناك.
يعجب الأصدقاء بأسلوبنا البسيط، لكن كثيرون يرفضون التفكير في اتباع خطواتنا. ودائماً ما نتحدث مع الأصدقاء والجيران عن التزاماتهم تجاه الحياة المهنية، أو الديون، أو مصروفات المدارس، أو نمط الحياة في المدينة. وأعتبر أن هذه أغلال حديدية، وبما أنه لا توجد أي وكالة حكومية ستأخذ زمام المبادرة لتحسين أوضاع الأشخاص، فيجب عليهم أن يدركوا ذلك وأن ينتهزوا الفرصة بأنفسهم.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©