تامر عبد الحميد (أبوظبي)
تطرق مسلسل «أمنا رويحة الينة»، في حلقاته إلى جملة من القضايا الاجتماعية والإنسانية المتداخلة، ضمن توليفة من الكوميديا السوداء، وأحداث درامية مؤثرة، محورها الأمومة وعلاقة الأبناء بوالديهم وببعضهم بعضا في عصر باتت المشاعر الإنسانية والمنظومة الأخلاقية خاضعتين لسطوة الحياة المادية.
ردود إيجابية
جسدت الفنانة سعاد العبد الله في «أمنا رويحة الينة» الذي كتبته هبة مشاري حماده، وأخرجه محمد القفاص، دور الأم بشكل متميز، حيث أظهرت براعة تمثيلية، وأثرت كثيراً في المشاهد خلال الحلقات العشر الأولى من المسلسل، حتى جاءتها العديد من ردود الأفعال الإيجابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن خلال دورها تناولت الأحداث الأمومة بشكل مطلق، إذ سلط الضوء على الأم التي تهتم بأبنائها وترعاهم بشكل صحيح، وكذلك تلك التي تهملهم وتغيب عنهم فترة طويلة بسبب زواجها، فتجد بعد نحو ثلاثين عاماً أن الحياة هي من ربتهم بالإنابة عنها، لتحاول أن تصلح ما أفسده الزمن، وسط رفض تتعرض له من قبل أولادها الذين يلومونها ويرفضونها بعد هجرها إياهم عندما كانوا في أمس الحاجة إليها.
كوميديا سوداء
ثمة لعبة زمنية في المسلسل تتمثل من خلال قفزة تمتد حوالي ثلاثين عاماً تم تسخيرها في تقديم كوميديا سوداء، إذ تبدأ الأحداث سنة 1983، بكل ما في تلك الفترة من أدوات بصرية تلامس جوانب محببة من الماضي، إلا أن تلك المرحلة لا تتجاوز الـ 16 مشهداً في النص، إذ تنام بطلة القصة «فطوم» وحولها أطفالها السبعة الذين تقوم على تربيتهم ورعايتهم في شقة قديمة ومهترئة الجدران، وعندما تستيقظ تجد نفسها في عام 2014 وقد كبرت مع أولادها الذين أصبحوا أغراباً عنها، ما يطلِق تساؤلات كثيرة ضمن سياق درامي مليء بالإسقاطات على الواقع.
حالة درامية
تحمل شخصية الأم التي لعبتها سعاد العبد الله في المسلسل إسقاطاً وطنياً وإقليمياً واجتماعياً، إلى جانب سبع شخصيات تمثل شرائح حالات مجتمعية مختلفة، إذ يمر كل من الأبناء بحالة درامية خاصة، وتكون الأم هي المخلصة، وذلك على الرغم من النقمة الموجودة عند الأبناء إثر غياب والدتهم عنهم بإرادتها لمدة تناهز ال30 عاماً، بينما لا تذكر «فطوم» كل تلك الأعوام الثلاثين بسبب تعرضها لعارض صحي مفاجئ يتسبب في مسح جزء من ذاكرتها، وهو الجزء المتعلق بفترة غيابها عن أولادها منذ اتخاذها قرار الزواج.
تعليقات إيجابية
وعن تجربتها في «أمنا رويحة الينة»، أبدت العبد الله سعادتها بالتعليقات الإيجابية وردود أفعال الناس التي أتتها بعد متابعة حلقات المسلسل في أسبوعه الثاني تقريبا، مسترجعة ما حققه المسلسل من صدى كبير إلى فريق العمل المتميز الذي عملت معه، ومشاركة نخبة من نجوم الكويت ودول الخليج الذين أضفوا على العمل الكثير من الاحترافية، مضيفة: أهم ما يميز «أمنا رويحة الينا» أنه يتحدث عن الأمومة بشكل مطلق، مسلطا الضوء على نموذجين مختلفين، بل متناقضين من الأمهات.
قسوة وحنان
وعن سبب قبولها هذا الدور الجدلي والمليء بالقسوة والحنان في آنٍ واحد، قالت سعاد: الجنة تحت أقدام الأمهات، وبالتالي فإن مثل هذا الموضوع هو حتماً محبب للجمهور، فضلاً عن كونه ا يسلط الضوء على قضية شائكة ومهمة وذات مضمون أخلاقي، لافتة إلى أنها جسدت دور الأم في أعمال درامية سابقة، إلا أنها سعدت كثيراً بشخصية «فطوم»، لاسيما أن هناك تغييرا جذريا في الشخصية وطبيعة تعاملها كأم في أحداث المسلسل.
تبني المواهب الشابة
أشادت الكاتبة هبة مشاري حمادة بالمبادرة التي تتخذها سعاد العبد الله في كل عمل فني تشارك فيه، بدعم وتبني المواهب التمثيلية الشابة في أعمالها، واحتضانها لهم وإعطائهم الكثير من خبرتها الواسعة، وهو ما ينعكس على حالة أي مسلسل تقوم ببطولته إذ تغلب عليه سمة البطولة المشتركة الجماعية، وذلك إدراكاً منها بأن الدراما هي لعبة جماعية.
عدد اليوم
