السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتقان العمل سلوك المسلم الحق وسبيله إلى رضا الله

16 يوليو 2014 00:42
يؤدي الإتقان إلى الإخلاص في العمل لارتباطه بالمراقبة الداخلية، والتي تجرد العمل من مظاهر النفاق والرياء تعد قيمة «إتقان العمل» من أهم القيم التي أولتها الشريعة الإسلامية عناية فائقة لدرجة أنها لم تجعله أمراً دنيوياً تبتغي منه منفعة عاجلة فحسب، وإنما جعلته أيضاً أمراً تعبدياً يتقرب به المسلم إلى الله تعالى. يقول د.عبد الفتاح إدريس - أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: جعل الإسلام قيمة «إتقان العمل» فرض كفاية، فإذا ما قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد يأثم الجميع، ومن ثم يجب أن يكون بين أفراد الأمة الصانع والمنتج والفني والعامل المتخصص في مختلف المجالات، خاصة وأن غالبية المنتجات التي تحتاج إليها المجتمعات الإسلامية تصنعها أيد غير إسلامية، مما يجعل أمتنا عالة على غيرها، وهذا يؤخذ على أفراد هذه الأمة لتقاعسهم عن أداء ما أوجبه الله تعالى. ويشير إلى أن الله تعالى أمرنا بالإتقان ديناً ودنيا، وأمرنا بالعلم على أعلى المستويات لتحقيق نتائج مرضية، ولتحقيق المصلحة العامة والخاصة لأفراد المجتمع الإسلامي، وهو ما أكده الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه». والإتقان من الصفات التي وصف الله بها نفسه، وأمرنا الله أن نتقن عملنا لأنه سيعرض عليه ويجب أن يكون العمل على الصورة التي نحب أن يراها ربنا ورسوله. كما أن الإتقان هو الدرجة الأولى من درجتي الإحسان، وهو المعنى المشار إليه في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك»، كما يؤدي الإتقان إلى الإخلاص في العمل لارتباطه بالمراقبة الداخلية، والتي تجرد العمل من مظاهر النفاق والرياء، فكثير من الناس يتقن عمله ويجوّده إن كان مراقباً من رئيس له، أو قصد به تحقيق غايات له، أو سعى إلى السمعة والشهرة لأنه يفتقد المراقبة الداخلية التي تجعله يؤدي عمله بإتقان. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه، ترك كلمة «عملاً» من دون تعريف ولا تحديد لنوع العمل، إيحاء بأن الله تعالى يحب أن يكون الإتقان سلوكاً للمؤمن في كل أعماله، حتى يحسن القيام بمهنته وعباداته ومعاملاته، وهذا ما تؤكده الأحاديث النبوية الأخرى مثل قوله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته». خير العمل والكثير من المسلمين يهملون الوصية بإتقان العمل، مستهينين بمعناها وأثرها في رقي المجتمع وسعادته، حجتهم في ذلك الربط بين إتقان العمل والمقابل المادي، ويجب أن يعي الجميع أن غياب الإتقان والإحسان في العمل يؤثر على هؤلاء الأشخاص أنفسهم قبل غيرهم، فكم كان إتقان العمل سببا في ارتقاء الموظف في وظيفته، أو إكساب الطبيب أو المعلم سمعة طيبة بين الناس، الأمر الذي يعود عليهم بالمنفعة في الدنيا والأخرة، وفي المقابل كان غياب الإتقان سبباً في إكساب الكثيرين السمعة السيئة. والحضارة الإسلامية قامت في الماضي على التسابق والمنافسة بين الأعمال وإتقانها في أجمل صورة بعد أن تخلق المسلمون الأوائل بأخلاق الإسلام الحنيف الذي حث على الإتقان في كل عمل يقوم به المسلم، سواء كان عملاً بسيطاً أو كبيراً. والعمل في الدنيا أساس عمارتها، وعنوان حضارتها، والعمل المتقن ضمان للشرف والكرامة، وحماية من المذلة والمهانة، والسبيل إلى النجاح، وبالعمل المتقن نستخرج كنوز الأرض وخيراتها، وينال الإنسان حاجته من الطعام والشراب والكساء، وأكثر ما أساء إلى المسلمين تركهم إتقان العمل، مما أتاح الفرصة لغيرهم لأن يتقدموا الصفوف حتى أصبح المسلمون مستوردين من كل بلاد الدنيا إلا من بلاد الإسلام ومستهلكين غير منتجين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©