الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللغة قبل السادسة

27 سبتمبر 2010 21:49
يعاني المعلمون، في تدريس المواد المختلفة صعوبة بالغة في توصيل المعلومة باللغة الفصحى، بسبب وجود فجوة بين ما تعلمه الطالب في طفولته، وما يسمعه من المعلم، وما يقرأه بين دفتي الكتاب المدرسي. يتعلم الإنسان اللغة بالفطرة، ويبدأ ذلك منذ الطفولة، ومن الأشهر الأولى يتعلم الطفل اللغة بالسماع، ويتم تخزين اللغة المسموعة في الدماغ الذي يستطيع استيعاب أكثر من لغة في وقت واحد، وكل ذلك قبل السادسة من العمر! لذلك تعد الطريقة الفطرية من أفضل طرق تعليم اللغة، إذ يكشف الطفل فيها القواعد اللغوية ويطبقها دون معرفة واعية بها، ولكنها ترسخ في الدماغ. وقد كشف علماء لغة نفسيون (تشومسكي 1959 - 1965)، و(إرفن 1964) و(لينبرج 1967) أن في دماغ الطفل قدرة هائلة على اكتساب اللغات، وأن هذه القدرة تمكنه من كشف القواعد اللغوية كشفاً إبداعياً ذاتياً، وتطبيق هذه القواعد ومن ثمَّ إتقان لغتين أو ثلاث لغات في آنٍ واحد. والأكثر إدهاشاً أن الطفل في هذه المرحلة يعمّم القواعد بعد كشفها حتى على الكلمات التي لا تنطبق عليها ثم يصحّح تصحيحاً ذاتياً هذا التعميم الخاطئ. وقد كشف لينبرج (1967) أن هذه القدرة على اكتساب اللغات تبدأ بالضمور بعد سن السادسة، وتتغير برمجة الدماغ تغييراً بيولوجياً من تعلم اللغات إلى تعلم المعرفة، ولذلك يمكن القول إن مرحلة ما قبل السادسة مخصصة لاكتساب اللغات، وإن مرحلة ما بعد السادسة مخصصة لاكتساب المعرفة. لذلك لا عجب في أن يجد العربي صعوبة في تعلم اللغة العربية الفصحى، إذ يقع منذ طفولته في إشكالية كبيرة تكمن في أن ما يتعلمه في الكتاب المدرسي بعيد كل البعد عما تعلمه بالفطرة قبل السادسة «سن دخول المدرسة»، إذ لم يسمع الفصحى من قبل، وبالتالي تبدأ مرحلة صعبة على المعلم وعلى الطفل في آن واحد، فالمعلم مطالب بشرح المواد المختلفة باللغة الفصحى، التي هي في واد والطالب في واد آخر، والطالب الطفل لا يفهم إلا العامية التي تعلمها بفطرته. لذلك يتطلب تعلم اللغة بعد سن السادسة جهداً من المتعلم؛ لأنه يحتاج إلى معلّم يكشف له قواعد اللغة الجديدة، كما يحتاج إلى وقت طويل يبذله في التدرّب على تطبيق هذه القواعد مع تعرّضه للخطأ والتصحيح من قبل المعلم. بينما هو يقوم بهذه العملية بصورةٍ تلقائيةٍ قبل سن السادسة. هناك تجارب عربية مهمة، فردية، ومؤسساتية، في تعليم الأطفال الفصحى، منذ رياض الأطفال، وقد أثبتت نجاحها. قد يبدو غريباً أن تقوم مؤسسة في أحد الأقطار العربية باعتماد الفصحى في 300 روضة أطفال، تابعة لها. والأكثر غرابة أن من قام بهذه الخطوة اتحاد نسائي عربي. لكنني لا أرى غرابة في أن تكون المرأة هي المساهمة، فهي مهد لغة الطفولة الأول، وهي من تعلم اللغة الفطرية. بالفصيح: تحية حب وتقدير للمعلم، الشمعة التي تذوب لتنير الدرب للآخرين. إبراهيم طوقان: شوقي يـقول وما درى بمصيبتــي قـــم للمعلـــم وفّـــه التبجيـــلا اقعد فديتــك هـل يكــون مبجلاً مــن كان للنـشء الصــغار خليلا ويكاد يقلــــقني الأميـــر بقولـــه كاد المعلــم أن يكــون رســـولا لو جرّب التعليم شـــوقي ســـاعة لقضى الحيــاة شــقاوة وخمــولا حســــب المعــلم غمَّـــة وكآبـــة مـرآى الدفاتـر بكــــرة وأصيـــلا إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©