السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصيد في الشتاء رزق وفير لا يخلو من المخاطر

الصيد في الشتاء رزق وفير لا يخلو من المخاطر
27 سبتمبر 2010 21:17
يحاول معظم الصيادين في الإمارات إقناع أنفسهم بأن سكان الإمارات قد ازداد عددهم، لذلك لم تعد كمية الأسماك التي يتم صيدها كافية لتغطية السوق، وهم في المقابل يجاهدون في سبيل البقاء في المهنة بسبب زيادة الأعباء المعيشية وزيادة أسعار احتياجات الصيد، ورغم أن الصيد لا بد أن يتواصل كل يوم من أجل تأمين حياتهم المعيشية ومن أجل توفير السمك للمستهلك، إلا أن هناك مواسم يتعرض فيها الصياد للخطر من أجل تحقيق تلك الاحتياجات. خلال موسم الشتاء تكثر الأسماك وهناك أسباب لذلك التواجد الكبير، ولكن إلى أي مدى يتعرض الصياد للمخاطر؟، وماهي الظروف التي يعيشها من أجل تحقيق قوت يومه وتأمين أنواع الأسماك للسوق المحلي؟، ولأجل الإجابة على تلك الأسئلة أجرينا حوارات مع قدماء الصيادين الذين لهم باع كبير كصيادي أسماك محترفين، وقد تحدثنا مع عتيق خميس المهيري، فقال إنه اعتاد ركوب المخاطر ومكابدة الصعاب من أجل مواصلة مسيرة الأجداد، فهو وارث لهذه المهنة، ولأن غالب الأسر الإماراتية تتناول السمك في أكثر وجباتها. يكمل عتيق المهيري قائلا: إن غالب أبناء الساحل صيادون بالفطرة، لأن كل صغير يشب ويكبر وهو يشاهد والده أو الجد وهو يخرج إلى البحر، ولا يقاوم الطفل الرغبة في الخروج مع الكبار، وهكذا يعتاد على الخطر وعلى الصعب، وعلى ملوحة البحر وحرارة الشمس، حتى تصبح جلودهم حمراء مسمرة بسبب ذلك، وكل صياد يعرف أن الصيد في الشتاء أفضل، لأن الأسماك تعود إلى المياه الإقليمية بعد رحلتها إلى أماكن أخرى أعمق، وذلك يعود إلى أن حرارة الشمس ترفع حرارة المياه في البحر، ولذلك لا تتحمل الأسماك ذلك وتهرب، ولذلك تقل الكميات التي يمكن أن تعلق في أقفاص الصيد "القراقير". قديما- وكما يقول عتيق، كان يخرج الصياد للصيد وهو في معية الرحمن، حيث لا يوجد لديه مكتب أرصاد جوية ولا خفر سواحل حتي يتم تحذيره من إذا كان هناك أية عواصف ورياح أو أعاصير يمكن أن تعصف وتهب لتعرض حياة الصياد للخطر، ولذلك كانت تحدث الكثير من الحوادث، لكن الصياد لم يتوقف يوما عن الخروج لصيد السمك. وفيما يتعلق بالرياح التي تكون سبب قطع رحلة الصيد أو منع الصيد، فإن منها النعشي وهو خطير بالنسبة لأهل البحر، حيث يمكن أن يحول الحال إلى محال، ويمكن لهذا النوع من الرياح أن تقلب قارب الصيد وسط بحر متلاطم الأمواج. رياح النعشي سالم بن جمعة الروم، أيضا أحد أشهر الصيادين في إمارة دبي، أوضح أن من أكثر المخاطر التي يتعرض لها الصياد في موسم الصيد في الشتاء، أن تهب رياح النعشي والأحيمر، فكان الصيادون الذين يتواجدون قرب غناضة ودون منطقة غنتوت يذهبون لتلك المناطق بحثا عن أسماك شتوية مثل التبان والجرفاء والدردمان والجد والصافي وأيضا القابط، وكانت الأسماك رخيصة الثمن ومتوفرة، ولكن اليوم يوجد خلل كبير وخطر أكبر من خطر الرياح، وهو شح الأسماك وارتفاع أسعارها مقابل ارتفاع أسعار مستلزمات الصيد التي من أجلها يقتطع الكثير من رزق الصياد. توجد أنواع كثيرة من الأسماك المطلوبة كثيرا في الشتاء لأنها تصلح لوجبات شتوية مثل الفوقه أو ما يسمى اليوم "مجبوس" ومثل الهامور والخباط والكنعد، فهي تعطي طاقة ودفء، وكان الصيادون يخرجون مع بعضهم ولكن كل قارب يبحث في منطقة ثم ينتقل لمنطقة أخرى، وفي قديم الزمان كانت الكميات تكفي عند البيع وتتبقى كميات كبيرة أيضا توزع على الجيران، ولكن اليوم توفرت الأجهزة الأمنية التي تمنح الصياد الأمان من خطر الرياح، ولكن لا يمكن لأي صياد محترف ولا يعرف مهنة إلا الصيد أن يتوقف عن الصيد، وإن كان في موسم الشتاء الخطير. هناك أماكن كانت معروفة للصيادين على أنها غنية بالأسماك، وكانت قريبة جدا، ولكن اليوم أصبح على الصياد أن يخرج عدة أميال لوضع القراقير، مما يعرض حياتهم للخطر، وكانت المياه في الامارات مفتوحة حيث يمكن لصيادي أبوظبي أن يصلوا إلى رأس الخيمة والعكس صحيح، إلا أن اليوم أصبحت هناك قوانين يقال أنها ضابطة، ولكنها تؤثر كثيرا على الصياد وخاصة على حياته، حين يخرج لمسافات بعيدة من أجل الرزق. مخالفة القوانين عيد بن تركيه الفلاسي قال إن الصيادين كانوا يخرجون للصيد من صير بني ياس إلى سواحل أم القيوين، لصيد الخباط والكنعد والقباب والجش، حتى ربما وصلوا لأماكن قرب قطر من أجل أن يجدوا رزقا يعودون به، والبعض كان يذهب لسلطنة عمان وربما أتى البعض من سلطنة عمان للصيد قرب الإمارات وهم أهل ساحل الباطنة، وقد كان الصياد يبحث عن أسماك القيعان مثل الشعري والهامور. اليوم ربما يصل سعر المن وهو أربعة كيلوات من الصافي إلى 500 درهم، والسوق خير شاهد على ذلك، وهو يعجب من عدم وضع حد بالتلاعب في كل ما يحتاجه الصياد والمستهلك من قبل التجار، حيث لم يعد شيء يردعهم وهم لا ينفذون القوانين الخاصة بالحد من أرتفاع الأسعار. ويضيف أن الجميع اليوم يكد من أجل أن يصبح التاجر غنيا، والبقية يعاني ولولا فضل من الله ثم من مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بمنح صيادي دبي مساعدة مالية شهرية، لكان الكثير من الصيادين في وضع سيء. مخاطر الصيد يكمل بن تركيه الفلاسي قائلا إنه يخرج مع شقيق له لصيد السمك، وربما يذهب لأميال تبلغ من 20 إلى 30 ميلا في البحر، لأن مناطق كثيرة لم تعد تتوفر فيها الأسماك، وذات شتاء منذ سنين طويلة كان قد وصل مع أخيه إلى مكان قريب من ميناء راشد في دبي وكان قد حجز قرفاء وهي نوع مطلوب بشدة من قبل الأهالي، وقد شاهدوا البرق يضرب بشدة وشعروا بالهواء يتبدل فعلموا أن هناك رياح قوية على وشك أن تضرب المكان قريبا، فقاموا بالاتجاه إلى الميناء السياحي قبل أن تأتي الرياح وتسحبهم إلى أعماق البحر، ولكنهم تعرضوا لتلك الرياح وقد جذبتهم حتى كادت أن تغرقهم لولا رحمة الله. وهو يذكر أن رجالا عديدين قد فقدوا والبعض مات في الزمان البعيد، ولكن اليوم بفضل التقنيات الحديثة والتوصل مع خفر السواحل، والإنصات إلى النشرات الجوية يوفر عليهم التعرض للخطر، ولكن في النهاية يبقى الخطر كامنا في أيام الشتاء بسبب أن الصيد لم يعد في أماكن قريبة، ولذلك يضطر الصياد للذهاب إلى أماكن بعيدة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©