السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر.. فرصة استقرار غزة

27 يونيو 2015 23:58
نقترب من الذكرى السنوية الأولى لحرب غزة عام 2014. وكانت هذه هي الحرب الثالثة بين إسرائيل و«حماس» في غضون ستة أعوام، واستمرت 51 يوماً، وأضحت الفجوات الزمنية بين الحروب أقصر، وأصبحت مدتها أطول. وإذا ظلت الأوضاع على حالها، فربما تندلع حرب أخرى، ومفتاح كسر الدائرة يكمن ليس فقط في غزة وتل أبيب، ولكن أيضاً في القاهرة ورام الله. وباعتبارها أكبر دولة عربية والجارة الجنوبية لقطاع غزة، تعتبر مصر دولة فاعلة محورية من الناحية التاريخية بالنسبة إلى «حماس»، وقد أنهى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نموذج الإهمال المصري السابق لهذه الحدود. وتتهم القاهرة «حماس»، فرع جماعة «الإخوان» في غزة، بشن هجمات قاتلة ضد المصريين، ومن ثم شنت حملة منهجية لهدم الأنفاق التي تستخدم في تهريب البضائع والأسلحة وحتى البشر من مصر إلى غزة، ولا بد أن يبدأ مع ذلك مبادرة أوسع نطاقاً. وقد بدأت «حماس»، التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، تشعر بالتضييق من قبل مصر، ذلك أن دخل التهريب الذي تدره أنفاق غزة كان عنصراً مهماً في موارد «حماس»، وتشديد مصر للإجراءات الأمنية أسهم في عجز الحركة عن دفع رواتب موظفيها، بيد أن سكان غزة الذين يعانون من وقت طويل يشعرون أيضاً بالضرر، بينما يساور المسؤولين المصريين القلق من أن حرباً أخرى يمكن أن تمثل خطراً على أمنها القومي، وكذلك إسرائيل. وأدى ذلك إلى وجود وجهة نظر مفادها ضرورة وجود طريقة لمساعدة غزة من دون معاونة «حماس»، ولا بد ألا تعتبر الإيماءات الأخيرة من قبل مصر بزيادة تدفق الأسمنت لإعادة إعمار القطاع على أنها ميل تجاه «حماس»، وإنما إشارة إلى رغبة في ضمان عدم تفجر الأوضاع داخل غزة. وقدم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الصيف الماضي صيغة تتضمن سيطرة السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وحركة «فتح» على الحدود، وتوفير 5.4 مليار دولار لإعادة الإعمار بهدف منع «حماس» من استغلال الانقسامات السياسية، بيد أن الاتفاق لم يكلل أبداً بالنجاح. والمشكلة أن عباس لا يرغب في السيطرة على نقاط العبور إلى غزة، ما لم يتم نزع سلاح 15 ألف مقاتل تابع لـ«حماس». وبحسب «خليل شقاقي» منظم استفتاءات الرأي، وهذا يضر بالحجة السياسية لعباس، فكثير من الفلسطينيين يرون أن موقفه يعكس لا مبالاة تجاه مأساة سكان غزة العاديين. وما لم توجد طريقة لتحسين الوضع الإنساني واستئناف عملية إعادة إعمار غزة، فإن «حماس» ستتولى المبادرة. وتروج الحركة لمقترحات بأنها ترغب في التفاوض على وقف إطلاق النار طويل الأمد مع إسرائيل في مقابل تدابير لرفع الحصار عن غزة، والإسرائيليون ينصتون. وقال الرئيس الإسرائيلي «رؤوفين ريفلين»، أنه لا يستبعد إجراء مثل هذه المحادثات مع الحركة، رغم تعهدها تدمير إسرائيل. وأية شرعية يمكن أن يكتسبها مثل هذا الاتفاق من شأنها أن تعزز موقف الحركة، وتضر بالحركة الوطنية الفلسطينية. ولهذا السبب فإن مصر التي تحترمها إسرائيل وتخشاها «حماس» ويحتاجها عباس في وضع جيد لتولي زمام القيادة. ومثلما فعلت في أثناء حرب غزة، على القاهرة أن تعمل مع الدول العربية التي توافقها على حرمان سيطرة حماس المسلحة على القطاع من أية شرعية، وأن تضغط على عباس. ويمكن لمصر أن تبدي رغبتها في فتح المعبر جنوب غزة إلى مصر في مدينة رفح بمجرد تولي السلطة الفلسطينية السيطرة، وكما يُدرب الأردن قوات السلطة في الضفة، يمكن لمصر أيضاً أن تدرب قوات لغزة، وستكون مصر قادرة على مطالبة إسرائيل بلعب دور في عملية إعادة الإعمار، واتخاذ خطوات مثل السماح لـ100 ألف من عمال غزة بدخول إسرائيل، كما تسمح لعدد مماثل من سكان الضفة، وأوضحت الأمم المتحدة في الماضي أن كل عامل «غزاوي» يوفر الغذاء لعشرة أفراد، وهذه هي الطريقة لوضع المال في أيدي السكان وليس «حماس». ديفيد ماكوفسكي* وغيث العمري** *مستشار سابق لوزير الخارجية الأميركية جون كيري في أثناء المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية **مستشار سابق لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©