ماليزيون يتحدون ضراوة التماسيح ببراعة الترويض

يعيش أكثر من 3 آلاف تمساح من مختلف الأنواع والأحجام في واحدة من أكبر مزارع التماسيح في العالم، والتي تقع على بعد 32 كيلومتراً من وسط المدينة المتربعة في قلب جزيرة لانكاوي الماليزية. والميزات التي تمتلكها هذه المزرعة كثيرة، بدءاً من عدد التماسيح الكبير الموجود فيها، وندرة بعض أنواعها، والطبيعة الخضراء المحيطة بها، وجرأة العروض التي تقدمها مجموعة من التماسيح على يد مدربين مختصين لا تنقصهم الشجاعة ولا الخبرة في التعامل مع أضخم الزواحف وربما أكثرها شراسة. تعتبر جزيرة لانكاوي الماليزية واحدة من الجزر التي تهتم بصورة واضحة بتربية التماسيح، لما تتمتع به من أجواء استوائية دافئة ورطبة إلى حد ما تساهم في سرعة نموها على خلاف الأجواء الباردة التي تبطئ من عملية نموها وازدياد حجومها، إلى جانب المساحات الواسعة من البحيرات والمستنقعات التي تطفو عليها تاركة عيونها وفتحات أنوفها فوق سطح الماء تارة وتارة أخرى تتجه نحو الشواطئ التي جهزت خصيصاً لها، لتخرج وتستلقي الساعات الطوال ذاهبة في غفوة يظنها المشاهد جثياً هامدة لا حياة فيها. براعة وشجاعة مئات الزوار يقصدون المزرعة يومياً لمشاهدة العروض التي تقام في أوقات محددة من الصباح وحتى فترة ما بعد العصر، ليروا بأعينهم وعلى بعد أمتار معدودة مشاهد يصعب وصفها ونسيانها أيضاً. ويتم إطعام التماسيح عبر سماعها لصافرة المدرب الذي يحمل في يده حزماً من الأسماك الميتة ويقذف بها إلى التماسيح الضخمة التي تتلقفها وتصدر أثناء ذلك أصواتاً مخيفة مبتلعة تلك الحزمة الكبيرة في ثوان معدودة، وتزحف من الماء مسرعة نحو الشاطئ الذي يقف عليه المدرب فلا يبقى بينها وبينه سوى مسافة لا تتجاوز نصف المتر، فيبعدها عنه بحرفية وذكاء عبر إزاحتها بعصا خشبية طويلة. والمرعب في الأمر اقتراب عشرات التماسيح منه وكأنها تريد أن تلتهمه لكنه يقف صامداً ثابتاً لا يبرح مكانه، والزوار يرقبون ذلك من أعلى الجسر الممتد فوق البحيرة الممتلئة بالتماسيح الشرسة الجائعة، وهذا يعد واحداً من العروض المثيرة، حيث قدم ثلاثة مدربين عرضاً آخر أظهروا خلاله براعة الإمساك بالتمساح والتلويح به وتنظيف أسنانه والوقوف على ظهره الذي يأخذ شكل السلحفاة والاستلقاء عليه كذلك، وتقبيل فمه أو فكه الأعلى وإدخال أيديهم وإبقائها لحظات بين فكيه الحادين اللذين يحتويان على 100 ناب، ستون منها في الأعلى وأربعون في الأسفل دون خوف. وكانت التماسيح تأخذ قيلولتها وقت الظهيرة، حينما دخل المدربون الثلاثة إلى ميدان العرض المشتمل على 6 تماسيح صغيرة وكبيرة يستلقي بعضها في الماء وبعضها الآخر على الأرض بجانب مستنقع أو بركة ماء غير عميقة دون حراك، وفجأة بدأت أصوات موسيقى صاخبة تدوي في أرجاء المكان وكل من المدربين يستعين في يديه بعصا خشبية طويلة تساعده في إثارة التماسيح وتحريكها وقلبها ومداعبتها بحك ما بين أنوفها وعيونيها. عرض مثير تحفيز التمساح ليستيقظ من نومه عبر ربط فم ابنه الصغير إحدى الطرق التي اتبعها المدربون، حيث قام أحدهم بداية بقلب يدي هذا التمساح الصغير للخلف مستعيناً بالعصا، ومن ثم حك جبهته وداعبه وأمسك بذيله. وبينما بدأ يفتح فكيه أخذ يغلق فمه ويربط رباطاً مطاطياً حولهما ومن ثم حمله وألقاه في الماء ليسبح مستصرخاً بأمه النائمة لكنها لم تستجب فسحبه المدرب، وفك رباط فكيه وهذه الحيل لم تجد نفعاً لإيقاظ التمساح الكبير، فإذا بمدرب آخر يقترب منه في البحيرة ويضرب بعصاه الماء لتصدر صوتاً عالياً ويحرك جسد التمساح الضخم بالعصا أيضاً، فإذا به يستيقظ ويفتح فكه ويصدر صوتاً ينم عن شراسته فخرج المدرب من البركة وتبعه التمساح مشياً على يديه ورجليه وصار المدربان الآخران يرشقانه بالماء لينتعش وهو على الأرض المستوية التي بات يقف عليها بعد لحاقه بمن أيقظه، ومن ثم قلبت يداه للخلف بالعصا أيضاً وقام آخر بإحضار فرشاة كبيرة نظف بها أنيابه بينما ينظر التمساح إلى المدرب ويساعده بفتح فمه ومن ثم جلس مدرب على ظهره واستلقى متكئاً على يده بطريقة طريفة أضحكت الجمهور وأدهشتهم، وبعدها ساد السكون وبدأ أحد المدربين الثلاثة يتبادل نظرات عجيبة مع التمساح ويحدق به وكأنهما يتكلمان لغة خاصة، فإذا بالتمساح يغلق فمه ليقترب منه المدرب ويقبله عليه، فتدافعت كاميرات الزوار لالتقاط المشهد ليلحقه مشهد يضع فيه نفس المدرب يده بين فكي التمساح لتصل أصابعه إلى قرابة حلقه للحظات، ويسحبها لتنهال صرخات التشجيع والثناء والتصفيق. تمساح بلا أسنان من التماسيح النادرة الموجودة في المزرعة تمساح ولد هناك من غير أسنان أو أنياب، يتمتع بصحة جيدة ويكبر يوماً بعد يوم طوله 13 قدماً ووزنه 1000 باوند وعمره 28 سنة، علماً أن متوسط عمر التماسيح يصل إلى ستين عاماً، ويوجد كذلك تمساح عملاق يصل طوله إلى أكثر من 25 قدماً ويقوم بحمله 12 مدرباً أثناء أحد العروض التي يقدمونها في المزرعة. منتجات التماسيح لأن جلود التماسيح من أفخر أنواع الجلود، فقد تم صنع شنط نسائية وحقائب رجالية وأحزمة وأحذية وغيرها من المشغولات الجلدية والهدايا التذكارية لتباع في متجر يقع في نفس المزرعة، يؤكد أن منتوجاته أصلية صنعت من جلود التماسيح 100 %، وتضم المزرعة كذلك مكاناً لالتقاط الصور التذكارية مع التماسيح ومطاعم وغيرها.