الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمّة القراءة

25 سبتمبر 2010 21:20
لا عجب في تدهور أحوال أبناء العربية أمة القراءة من جميع النواحي، الفكرية والثقافية، والتكنولوجية وغيرها، وانتقالهم من حالة الإبداع إلى حالة التخلف ومن العطاء إلى التواكل والعالة، فقد تخلوا عن القراءة وهي التي تميزوا بها عن غيرهم من الأمم الأخرى. أصبحنا أهل كلام و»أي كلام؟»، مجرد ظاهرة صوتية، وبنظرة بسيطة من كل واحد منا إلى نفسه وأفراد أسرته ومحيطه يجد أننا باختصار «لا نقرأ»، فمن منا الذي يصطحب كتاباً في إجازته السنوية أو سفره؟! ولأهمية القراءة كانت معجزة الله سبحانه في إنزال القُرآن: وهو التنزيل العزيز، وإنما قُدِّمَ على ما هو أبسط منه لشَرفه. قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ، قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً، فهو مَقْرُوءٌ. ويُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه محمد، صلى اللّه عليه وسلم، كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً، ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآناً لأنه يجمع السّوَر، فيَضمها. وقوله تعالى: إنّ علينا جَمْعه وقرآنه، أَي جَمْعَه وقِراءَته، «فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ»، أي قِراءته. وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً: جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض. قليل منا من يرافقه الكتاب، أما الصينيون واليابانيون والأوروبيون والأميركيون والهنود وغيرهم من الشعوب، فلا يكفّون عن القراءة لإدراكهم معنى ثقافة القراءة الحقيقي وفوائدها. سئل فولتير عمن سيقود الجنس البشري، فقال: الذين يعرفون كيف يقرأون ويكتبون.. وسئل أحد العلماء: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: لأن حياة واحدة لاتكفيني. ويقول مثل صيني: «إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة فانظر إلى ما يقرأه أطفالها». للقراءة تأثير كبير في بناء شخصية الفرد وتكوينه وتنمية ميوله وتعديل بعض قيمه واتجاهاته، خاصة إذا ألمّ بما يصدر من كتب ودراسات، وكلما توغل الفرد في القراءة واتسعت أمامه الآفاق وتشعبت الموضوعات، زادت معارفه وكملت ثقافته. عرف عن الجاحظ المولود في البصرة عشقه للقراءة، فما كان يدع كتاباً يصل إليه دون أن يتم قراءته، ومما يدل على شغفه بالقراءة، أنه كان يستأجر دكاكين الوراقين ويبيت فيها للاطلاع على ما فيها من كتب!. وهو أحد أئمة الأدب والشعر في العصر العباسي له العديد من الكتب، وعقله كنز زاخر بالأخبار والأشعار والأنساب، وعالم باللغة وأدواتها ويجيد استخدامها، وعلى الرغم من دمامة وجهه، وجحوظ عينيه، كان يتمتع بشخصية فكاهية انعكست في كتاباته. ذهب الجاحظ وراء العلم فانتقل من البصرة إلى بغداد ليتصل بمفكريها، فالتقى مع الأصمعي والأنصاري وأخذ اللغة عنهما، كما اتصل بالأخفش وأخذ عنه النحو، والنظام وأخذ عنه علم الكلام، واطلع على الثقافة اليونانية من خلال سلمويه وحنين بن إسحق، وارتاد البادية ليأخذ اللغة والأخبار، وزار الجاحظ كلاً من دمشق وأنطاكية، وذلك من أجل التعمق في الثقافة واللغة وقرأ آلاف المؤلفات. ومؤلفاته الجمة حيّة إلى يومنا «البيان والتبيين» «البخلاء» و»الحيوان» وغيرها والتي تعد من نفائس المؤلفات، ولم تكن لتعيش إلى أيامنا هذه لولا أنها نتاج قراءة الجاحظ لآلاف المصنفات في الأدب واللغة والنحو. مما يقوله في قيمة العلم والعلماء: يَطيبُ العَيشَ أَن تَلقى حَكيماً غَذاهُ العِلمُ وَالظَنُّ المُصيب فَيَكشِفُ عَنكَ حيرَةَ كُلِّ جَهل فَفَضلُ العِلمِ يَعرِفُهُ الأَديب سَقام الحِرصِ لَيسَ لَهُ دَواءُ وَداءُ الجَهلِ لَيسَ لَهُ طَبيب إسماعيل ديب Esmaiel.Hasan@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©