السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الفقراء صنعوا دولة الكرة البرازيلية!

9 يونيو 2006

'كدت أن أصبح جامعا للقمامة·· فمقر شركة كوملورب المتعهدة بنظافة شوارع ريو دي جانيرو كان يقع تماما في مقابل المنزل الذي أعيش فيه مع عائلتي· كان تفكيري اليومي ينحصر في أنه إذا لم أنجح في مجال كرة القدم فعلي أن أجد عملا هناك'··لكن كوملورب كانت مجبرة على البحث عن شخص آخر في مكان آخر لتضمه إلى فريق العمل بها لان مسيرة جورجينيو مع كرة القدم نجحت·ولم يكن الظهير الايمن للمنتخب البرازيلي الذي فاز بكأس العالم للمرة الرابعة عام 1994 في الولايات إلا هذا الشاب الصغير·
وكما هو الحال مع الكثير من اللاعبين في البرازيل فإن كرة القدم تعني لجورجينيو وسيلة للعيش في راحة وبحبوحة حيث انتشلته من الظل الذي كان يعيش فيه أسرته في فقر مدقع في بلدته وحولته إلى نموذج يحتذي به الشباب·
والآن يعمل اللاعب الدولي السابق على استثمار مكانته في مساعدة الاطفال الذين كان في يوم من الايام مثلهم لا يملك شيئا أكثر من أن يتقبل العمل في وظيفة متواضعة وأن يتقاضى مبلغا زهيدا وأن يعيش حياته في الظل·
وتعمل مؤسسة 'جول دي ليترا' التي يديرها جورجينيو وزميله لاعب خط الوسط السابق راي الذي شاركه الفوز بكأس العالم عام 1994 على مساعدة الاطفال المعوزين والمحتاجين بتعليمهم الاصول الفنية لكرة القدم إلى جانب المناهج التعليمية المختلفة··كما يمنحونهم الامل في أن يرتقوا في مجتمعاتهم·
وقال جورجينيو لوكالة الانباء الالمانية 'ليس كل الاطفال من الموهوبين في لعبة كرة القدم·· في الواقع قليل منهم فقط يمكنهم النجاح فيها'·لكنه أضاف 'ولهذا السبب نساعدهم في استكمال دراستهم ونؤكد لهم أنه ببذل الجهد يمكنهم أن يحققوا نجاحا كبيرا حتى خارج عالم الرياضة'·وبالنسبة للقلة المحظوظة التي استطاعت أن تلمع تحت أضواء الملاعب فإن كرة القدم تظل الطريق الافضل لصعود درجات سلم المجتمع في البرازيل·
وتزداد هذه النزعة بعد 122 عاما من دخول كرة القدم إلى البرازيل بواسطة تشارلز ميلر إبن إحدى العائلات الانجليزية الثرية في عام 1894 حيث كان يأمل بتحويل هذه الرياضة إلى وسيلة براقة للتسلية· ووفقا لما قاله روبرتو دا ماتا مؤلف العديد من الكتب حول هذا الموضوع فإن كرة القدم جاءت من الخارج بواسطة أطفال أثرياء هم أبناء أصحاب أحد المصانع الذين تعلموا في مدارس راقية في إنجلترا وعادوا بها إلى البرازيل· ويؤكد دا ماتا أنه في خلال أعوام قليلة تغير المشهد العام ولم تعد كرة القدم قاصرة على الاثرياء بل تسربت الى رجل الشارع العادي وخصوصا هؤلاء الفقراء والمعدمين·· هؤلاء الذين يقبعون في قاع السلم الاجتماعي البرازيلي·وأضاف 'هؤلاء الناس سرقوا كرة القدم وجعلوا منها ما هي عليه اليوم مما جعل البرازيل مركزا لكرة القدم الدولية والدولة الاكثر تصديرا للاعبين والبلد الاكثر إبداعا وواحدة من الدول التي ساهمت في 'تصنيع' الرياضة· وفي بداية القرن الماضي صارت كرة القدم وسيلة لضمان عتق الاطفال والجدود الذين كانوا يطالبوا بحرياتهم من العبودية منذ عام 1888 وأكد كتاب نشر في عام 1947 للكاتب الروائي ماريو فيليو تحت اسم 'ماراكانا' نسبة إلى اسم الملعب الشهير الموجود في ريو دي جانيرو أنه في بداية القرن العشرين كانت كرة القدم أفضل وسيلة
لاصحاب البشرة السمراء والاجناس المخلطة للارتقاء في التصنيف الطبقي البرازيلي·ووفقا لدي ماتا فإن عناصر كثيرة ساهمت في انتشار شعبية كرة القدم سريعا في البرازيل· فهي رياضة من السهل جدا ممارساتها لانها لا تتطلب معدات باهظة التكاليف أو صفات جسمانية معينة· كما أن قواعدها بسيطة وواضحة ويمكن أن تلعب كل يوم وفي أي وقت من العام في البرازيل التي تتسم بمناخ صيفي في كل أيام السنة·
والنجاح الكبير الذي تحقق بفضل هذه الرياضة كان أول وأكبر خطوة حاسمة لتحويل كرة القدم إلى شغف ورمز وطني للبرازيليين·وعلق المدرب كارلوس ألبرتو باريرا على هذا الامر ذات مرة بقوله: 'عندما شاركت البرازيل في الالعاب الاولمبية شاركت بـ27 لعبة ومذهب واحد هو كرة القدم '· واتفق الفيلسوف خوان مازورسكي الذي يشجع فريق كورينثاينز مع باريرا بل وذهب خطوة أبعد فقال 'كرة القدم هي لغة البرازيل· إنها ليست رياضة تحضر مبارياتها لمجرد الاستمتاع بإحدى لحظاتها ثم تنصرف إلى حالك· اللعبة تمثل الشعيرة الاساسية في هذه اللغة والجماهير تتمسك بهذه اللغة يوما بعد يوم'·وأضاف 'إنها تمتد إلى اليوم الذي يلي المباراة وإلى طاولات الحانات ومجموعة الاصدقاء ونكات العمل وحتى الحديث مع الصديقات'·
ولهذا السبب يعتبر نجوم كرة القدم هناك اعلى نجوم المجتمع وتكد البلد طويلا من أجل أن تتوقف عن العمل مرة كل أربع سنوات لتتابع نهائيات كأس العالم·
كل هذا يمثل البرهان القاطع بأن البرازيل بحاجة إلى تثبيت هذا المفهوم لانها على الرغم من المشاكل العميقة والفقر المدقع وفساد الحكومة وفضائحها والرواتب المنخفضة والبطالة تبقى زعيمة العالم في كرة القدم·ويقول دا ماتا: 'بناء على بعض العناصر البعيدة عن كل أنواع الرياضة ربما تكون كرة القدم هى الاولى التي تملك حيزا عالميا يجعل من البرازيليين في غاية الفخر ببلادنا·· نحن البرازيليون ندرك تماما أن خسارة كأس العالم تكون أشد بأسا علينا من خسارة ثلث أراضي البلاد'·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©