الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

10 مليارات طن الطلب العالمي على الفحم بحلول 2030

10 مليارات طن الطلب العالمي على الفحم بحلول 2030
24 سبتمبر 2010 21:47
قدر خبراء بوكالة الطاقة الدولية في باريس حجم الطلب على الفحم بحلول عام 2030 بنحو 10 مليارات طن سنويا تقريبا ارتفاعا من 6.7 مليار طن في السنة حاليا، ليكون الطلب عليه الأسرع نموا بين مصادر الطاقة خلال العقدين المقبلين، باستثناء طاقتي الرياح والشمس. ويشهد قطاع الفحم عودة قوية مع ارتفاع معدلات طلبه في كل مكان الآن مما يجعله يحل ثانيا بعد النفط كأهم مصدر من مصادر الطاقة في العالم، كما يعتمد مليارات الناس عليه في الحصول على إمدادات الكهرباء. وتعزى النهضة التي شهدها قطاع الفحم الى حد كبير الى الصين والهند اللتين يمثلان اكثر من نصف طلب العالم منه. ووفقا للوكالة سيزيد استهلاكهما بحلول 2030 لأكثر من الضعف حيث انه يمثل مصدر الكهرباء التي تعتمد عليها تلك البلدان في صناعاتها وتطورها. وفي الصين تم فتح محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم مرة في الأسبوع حيث يساعد الفحم هناك على دوران الأليات واضاءة المنازل والتدفئة وتشغيل القطارات عالية السرعة. كما ستظل المواد الخام التي قامت عليها النهضة الصناعية في القرن التاسع عشر، عاملا أساسيا في تحديث حياة القرن الواحد وعشرين. ويمكن لساسة العالم أن يقولوا ما يحلو لهم حول الفوائد الممكنة لمصادر الطاقة المتجددة، لكن تبقى حقيقة أن مستقبل طاقة العالم يكمن في ذلك اللون الأسود. وبوجود هذه البدائل ما هو المصدر الذي يمكن أن يحل محل الفحم؟ ويشعر الكثير من الناس بالخطورة التي تحيط باستخدامات الطاقة النووية، بينما تزداد أسعار النفط الخام وتكاليف استخراجه يوما بعد يوم، كما يعتمد الغاز الطبيعي على مزاج الموردين المتقلب، أما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمائية، فلم يتم تطويرها بالطريقة الكافية لتشكل النسبة المطلوبة في توفير الطاقة. وهنا يبقى الفحم وبكمياته الضخمة المتوفرة واحتياطاته التي ستستمر لأجيال عديدة، لا يضاهيه مصدر وقود احفوري اخر. كما لا يقدر مصدر على منافسته ايضا من حيث رخص أسعاره حيث لايزيد توليد كيلواط/ساعة من كهرباء الفحم عن 6 سنتات من الدولار مقارنة مع 40 سنتاً من تلك المولدة عبر الطاقة الشمسية. ولا يوجد مصدر آخر بنفس القدر من الشيوع والانتشار الذي يتمتع به الفحم حيث تملك كل قارة من القارات قدرا كافياً من الاحتياطات وبعكس النفط توجد هذه الاحتياطيات في الأقاليم التي تتميز بنوع من الاستقرار الجيولوجي مثل اميركا الشمالية واوروبا واستراليا. لكن وفي الجانب الآخر لا يوجد مصدر آخر من مصادر الطاقة يتميز بنفس الأضرار البيئية التي يتميز بها الفحم عند استخدامه. ويعتبر الفحم من اكثر المصادر ضرراً للمناخ. ويذكر أن توليد كيلو واط/ساعة من الكهرباء بالفحم الاسود، يقابله كيلو جرام من الكربون الذي ينبعث في الهواء بيد أن اللينجنيت “الفحم البني” يفوقه في الانبعاثات الكربونية. وبالمقارنة، تبعث محطة حديثة تعمل بالغاز نحو 350 جراما من الكربون مقابل توليد واحد كيلو واط/ساعة من الكهرباء، بينما تبعث اخرى تعمل بالطاقة النووية 30 جراما فقط. وبعبارة اخرى، ليست الجيولوجيا هي المسؤولة عن وضع حدود النمو، وبدلا عن ذلك أدت المخاوف البيئية الى الشكوك بخصوص مستقبل صلاحية الوقود. ويقول أوتمار إيدينهوفر الاقتصادي في معهد بوتس دام لأبحاث تأثيرات التغير المناخي بألمانيا “يشكل الفحم مشكلة القرن الواحد وعشرون البيئية”. ويحذر العاملون في قطاع الفحم من فجوة محتملة في إمدادات الطاقة في حالة فشل المزيد من المشاريع. وتقدر وكالة الطاقة الالمانية انه وبحلول العام 2020، ستفقد المانيا نحو 13,000 ميجا واط من سعة الطاقة المولدة التي تساوي نحو 10 محطات للفحم. ويتهم نقاد القطاع، قطاع الطاقة بخلق هذه الفجوة. وتشهد مناطق الفحم حول العالم نهضة كبيرة حيث تقود روسيا واستراليا ركب الشحن وكذلك كولومبيا التي أصبحت رابع اكبر مصدر للفحم في العالم. وتتنافس شركات عالمية كبيرة مثل بي أتش بي بيليتون وريو تينتو واكستراتا وغيرها في الفوز بالتراخيص للتنقيب عن الفحم في افضل مناطق انتاجه المنتشرة حول العالم مثل وادي هنتر في استراليا وحوض نهر باودر بولاية وايمونج باميركا وفي الساحل الشرقي لجزيرة كاليمنتان الاندونيسية وغيرها. ومع ذلك، يدخل طن واحد من بين كل سبعة أطنان منتجة الى الأسواق العالمية حيث تستهلك البلدان المنتجة الكبرى معظم انتاجها. وتستهلك الصين مثلا معظم انتاجها الذي ياتي من اهم حقولها في اقليم شانكسي الذي يحتوي على اكثر من 1,500 منجم يؤمها الآلاف من العمال الذين يعملون طوال اليوم بنظام الدوريات. وتشتهر المناجم الصينية بكثرة حوادثها التي نجم عنها عدد قياسي من الموتى حيث لقى نحو 3,215 شخص حتفهم في سنة 2008 فقط. كما أن محاولات الإنقاذ نادراً ما يحالفها النجاح ماعدا في ابريل الماضي عندما نجحت فرق الإنقاذ في اخراج 115 من حقل وانجيزالينج بعد ثمانية أيام من الحبس. لكن الصين ليست وحدها التي تشكل خطورة على العمال حيث تقوم شركات التعدين في ولاية كينتاكي الاميركية بنسف قمم الجبال للوصول الى الفحم. وفي جنوب افريقيا تسبب تلوث المياه المنبعثة من المناجم المهجورة في تسميم مياه الأنهار. كما تعمل شركات التعدين في كولومبيا على تهجير الاسر لزيادة مساحة حقل كاريجون اكبر حقول الفحم الاسود المفتوحة في العالم. ولا تزال المحاولات جارية لإنقاذ عمال منجم سان خوسية الثلاثة والثلاثون في شيلي والمحتجزين منذ يونيو الماضي حيث تشير التوقعات الى أن اقرب امكانية لإنقاذهم ستكون في شهر نوفمبر القادم. ووفقاً لتقديرات منظمة جرين بيس الاميركية المستقلة، تبلغ تكلفة الأضرار الناجمة عن تجارة الفحم نحو 360 مليار يورو سنوياً. ويحذر علماء البيئة من انه في حالة استمرار الانسان في مسلكه الحالي، ستشهد انبعاثات الفحم الكربونية زيادة تصل الى 60% بحلول العام 2030. وبوجود هذه الآثار الضارة التي يخلفها الفحم، هل بإمكان العالم الاستمرار في الاعتماد عليه؟ وترد شركات التعدين بالإيجاب معللة ذلك باستخدام التقنيات الحديثة مثل احتجاز الكربون وتخزينه، وتقنية الضغط التي تعمل على فصل الكربون عن الفحم ومن ثم احتجازه. ويقول تيمو هاتاكا مدير شركة فاتين فال السويدية “تصادف تقنية احتجاز الكربون وتخزينه نجاحاً ملحوظا، والفحم موعود بمستقبل خال من الانبعاثات الكربونية”، وتخطط الشركة لإنشاء محطة تجريبية لاختبار التجربة على النطاق التجاري، والأمل معقود على أن تتحول هذه التقنيات بالإضافة الى تقنيات اخرى الى مصدر من مصادر نمو الاقتصاد حيث تعمل على فتح أبعاد تجارية اخرى لشركات الصناعات الثقيلة مثل سيمينز وليند وغيرها. وتنوي كل من اميركا والصين في غضون السنوات القليلة القادمة تجربة الجيل الجديد من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، ومن الواضح أن مثل هذه التجارب تجئ على حساب تكلفة اقتصادية كبيرة حيث ان تكاليف نقل الكربون عبر الأنابيب ومن ثم ضغطه تحت الأرض يزيد من التكلفة مما يؤدي تلقائياً لزيادة أسعار الكهرباء، ويقدر الخبراء أن تطبيق هذه التقنية على نحو عالمي سيستغرق 10 سنوات على اقل تقدير، كما أن استخدام تقنية حجز الكربون وتخزينه تفقد محطات التوليد نحو 10% من كفاءتها التشغيلية وذلك لاستهلاكها كمية كبيرة من الطاقة. وبغض النظر عن التعقيدات الفنية لهذه التقنية إلا أن حل اكبر تحدياتها يظل شبه مستحيل وهو عدم موافقة السكان الذين يعيشون بالقرب من مواقع تخزين الكربون، ويجدر بالذكر انه حتى مناصرو البيئة منقسمون في آرائهم حول هذه القضية، كما يرى البعض عدم توفر بديل لهذه التقنية في المستقبل القريب خاصة في ظل عدم وجود خيار اقتصادي مناسب ليحل محل الفحم. وحتى في حالة تحقق اكثر التنبوءات تفاؤلاً وكفاية نصف حاجة العالم من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، ستكون هناك حاجة لكميات ضخمة من الوقود الاحفوري، كما انه وفي سعي العالم الجاد للخفض من الانبعاثات الكربونية، يبقى خيار احتجاز الكربون وتخزينه من الخيارات التي لا يمكن الاستغناء عنها. وحتى تصبح طاقة الرياح والماء والشمسية قادرة على توفير كميات كافية من الطاقة، يلعب الفحم “النظيف” على الأقل دورا في عملية التحول الى تقنيات الطاقة المتجددة. (عن إيكونومي واتش) ترجمة: حسونة الطيب
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©