الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النغميش: الإنصات فن وعلم وفضيلة منسية

النغميش: الإنصات فن وعلم وفضيلة منسية
23 سبتمبر 2010 20:37
يعتبر الإنصات أصعب بكثير من التحدث، لأن الإنسان عندما يشعر بالضيق من أمر ما، أو يكاد يطير فرحاً لأمر ما يسارع إلى من يحسن الإنصات اليه، حتى وإن كان هناك اختلاف في الجنس أو فارق في السن والتفكير، لأن المفضل هو من يحسن الإنصات إلينا، وقد وجد الخبراء خلال تجاربهم العملية ودراساتهم أن “المرأة تقدّر الإنصات وتبحث عن المنصتين”. وقد سعى كاتب متخصص في الإدارة، ويحمل ماجستير في إدارة الأعمال هو محمد إبراهيم النغميش من دولة الكويت؛ إلى التخصص في مجال وعلم “الإنصات” وبات اليوم عضواً في “جمعية الإنصات الدولية” التي تضم أشهر الكتاب والناشطين في العالم في هذا المجال. ثمة مراكز وعلماء وخبراء في فن أو علم الإنصات، اختص بعض الخبراء في إيصال وتلقين وتدريب الناس على كيفية الإنصات، كما انضموا إلى جمعية تعنى في هذا العلم.. ويعد النغميش أول عربي ينضم إلى الجمعية. الاستماع والتحدث أجرى النغميش عدة دراسات ومنها: سلوك مقاطعة المتحدثين للمنصتين، حالة البرامج التلفزيونية الحوارية العربية، وحالة مجلس الأمة الكويتي-البرلمان. ودراسات أخرى تحت النشر. وعلى الرغم من أهمية هذا المجال في حياتنا الاجتماعية، إلا أنه خلال المحاور معه اختصر العديد من النقاط لأن موضوع “الإنصات” تتفرع عنه محاور كثيرة يجب أن تغطى على مدى حلقات لتوضح أهميته”. وجد محمد النغميش أن الدراسات تشير إلى كون “الإنسان يقضي 40 في المئة من وقته في الاستماع إلى الآخرين، في حين يقضي 35 في المائة في التحدث و16 في المئة للقراءة و9 في المئة للكتابة، وبالرغم من تفرد الإنصات بنصيب الأسد من وسائل الاتصال المتبقية، إلا أنه يندر أن نجد مقررات في المدارس العربية حول فنون الإنصات وأصوله، وربما يجد الكثير من الناس أنهم منصتون جيدون، ولكن هل هم كذلك”؟ أنواع الإنصات يجيب النغميش على تساؤله: “إن الإنصات عبارة عن التركيز بعمق فيما يقوله المتحدث وسط خضوع تام لجميع الجوارح بعيداً عن التصنع والتكلف، أما الاستماع فهو سماع التقاط الأذن لحديث ما بقصد أو من غير قصد. وبذلك نجد أن المستمع ربما يكون قد سمع مصادفة أو من غير قصد، فربما نمر بأحد الشوارع ونسمع صوت عربة قطار مسرعة، أو أحد ينادي أو طفل يبكي، والتركيز بعمق ربما لا يتوافر هنا، فالاستماع إلى المذياع أثناء قيادة السيارة أو في مقهي هو مانقصده بالاستماع”. يكمل النغميش واصفاً معنى الإنصات حيث يقول “إن الإنصات هو عزل كامل للمؤثرات المحيطة بالمنصت رغبة منه في التركيز على ما سيقوله المتحدث، وذلك للتفاعل الجدي. وقد ذكر ستيفن كوفي أحد أشهر رواد علم الإدارة في العالم في كتابه (العادات السبع للأشخاص المؤثرين) أن “هناك أربعة أنواع من الإنصات، وهي الإنصات السلبي وهو تجاهل ما يقوله المتحدث بشكل كلي وهو أسوأ على الإطلاق، ثم الإنصات المصطنع وهو الإنصات أو متابعة المتحدث وذلك بترديد عبارة مثل نعم ونعم من أجل إيهام المتحدث أنه ينصت بجدية، ثم إنصات انتقائي وهو سماع ما يريد وهو نوع ربما يظهر عند محاول البعض الإنصات للصغار والأطفال، والإنصات الفعلي والصادق وهو بنية جادة وصادقة للفهم من دون التكفير في الرد على الكلام المسموع”. المهم فالأهم فيما يخص الإنصات مع الشرود الذهني! يقول النغميش: “إنه أحد أنواع الإنصات المنتشر بكثرة في الدول العربية، وقد سماه النغميش بذلك المسمى لشرود ذهن السامع من الموضوع الرئيسي إلى التركيز على كيفية نطق مخارج حروف المتحدث أو لهجته أو نبرة صوته، وربما يكون سبب انتشاره هو الثقافة الشفهية العربية، لأن هناك لغة عربية واحدة لحوالي 22 شعباً يتحدث عشرات اللهجات حتى في القطر الواحد”. يضيف: “أما فيما يتعلق بأهمية الإنصات فإنه يعتبر أهم مهارات اللغة الأولية التي يأتي بعدها التحدث والقراءة والكتابة، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان الإنصات في العمل مهماً لأنه قد يكلف المؤسسة التجارية مبالغ متوقعة أو يضيف إليها فائدة غير متوقعة. ويعد الإنصات في التعليم من أهم المهارات لأن القراءة والكتابة تأتيان في مرحلة تعقب الإنصات لأن من لا ينصت يصعب علية كتابة تقرير أو كتابة الواجب المنزلي بالشكل المطلوب”. أسباب متعددة من خلال بحثه ودراساته وجد النغميش أن الإنصات له أسباب كثيرة ومنها: “يتعلم الإنسان شيئا جديداً، أو أن يتأكد من معلومة معينة، وأيضاً عند إظهار الاهتمام مثل محاولة حل مشكلات الناس أو تقديم المساعدة لهم لا تتم المساعدة إلا بالإنصات لهم ومن ثم محاولة المساعدة، وكذلك لأجل بناء علاقات فإن العلاقات الشخصية تكون بمثابة مفتاح للنجاح في مشروعات حياتية كثيرة، ولذلك فإن أول ما نحتاجه هو أن ننصت بجدية كمثال لزملاء العمل أو الدراسة عند تحدثهم أو شرحهم”. يسترسل مضيفاً: “من بين أسباب الإنصات الفضول الإنساني والخوف من العاقبة، وعندما يكون المنصت طرفاً وهناك علم وفنون يجب أن يتعلمها الإنسان من أجل أن يصبح منصتا جيداً، ومن النقاط المهمة للإنصات ألا نفترض ما سيقوله المتحدث، لأن ذلك ربما يدفعنا إلى إطلاق أحكام مسبقة عليه وقد تفضح المستمع تعابير وجهه، وألا نقاطع لأن الردود على المتحدث لن تتبخر من الذاكرة بل إن المستمع سيجدها فور انتهاء المتحدث من حديثه”. نصائح وإرشادات على المستمع أن ينصت إلى المتحدث بود واهتمام، يقول النغميش في ذلك ناصحاً: “لا يفترض أن ينشغل المستمع بتعابير الوجه بل بما يقال له فالإنصات الجيد يطور العلاقات ويؤلف بين القلوب. ومن الأخطاء أن نطرح موضوع ممل ولا يأنس به المستمع، أو أن ننتقد طريقة المتحدث مما يشتت إنصاته، والانشغال بنقاط الاختلاف ذهنياً أو لفظياً، فذلك لا يؤدي إلى إنصات مثالي، ويظهر ذلك ربما على تقاطيع الوجه وملامحه، وربما تسبب التصنع في تعابير الوجه عند التحدث حالة من عدم الارتياح عند المنصت، وهناك من يشرد ذهنياً عند إنصاته حين يركز على نقاط جانبية مثل ملابس المتحدث أو شعره، مما يفوت أفكاراً رئيسية تعوق الفهم الكامل للموضوع”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©