السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العوامل المناخية والتجاذبات السياسية تحددان أسعار النفط

4 يونيو 2006

إعداد - عدنان عضيمة:
جاء في أحدث تقرير شهري صادر عن منظمة أوبيك العبارة التالية: 'إن لمن الصعوبة بمكان تفسير ظاهرة صعود أسعار النفط إلى مستوياتها الراهنة حتى بالاحتكام إلى المفاهيم السائدة حول هذا الموضوع'· وأشار التقرير أيضاً إلى أن السعر الوسطي لسلة أوبك بلغ رقماً قياسياً جديداً تجاوز 64,44 دولاراً للبرميل في شهر أبريل الماضي· ولم تنطوِ الطروحات الدفاعية التي أطلقها المنتجون لتفسير هذا الارتفاع الاستثنائي على أي جديد بالرغم من أن المستهلكين لم يجدوا أية صعوبة للاقتناع بها·
ومع بلوغ الخام الأميركي سعر 70 دولاراً للبرميل، سئل وزير الطاقة الأميركي سامويل بودمان عما إذا كان في وسع أوبك أن تفعل أي شيء للمساعدة في كبح ظاهرة ارتفاع الأسعار؛ فكان جوابه: 'أعتقد أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً في هذا الصدد'· وضخ أعضاء أوبك في السوق العالمية خلال شهر أبريل الماضي 29,6 مليون برميل يومياً· ويشير تقرير تنشره 'ميد' في عددها الذي يصدر اليوم إلى أن هذا التدفق النفطي يعد كافياً للحكم على أن السوق العالمية تحصل على كفايتها من النفط الخام؛ ومع ذلك، فلقد واصلت الأسعار ارتفاعها·
ومع تمتع المنتجين بالعوائد القياسية من هذا الارتفاع، وفي الوقت الذي أعلن فيه المستهلكون بأنهم لا حول لهم ولا قوة في شأن تخفيض الأسعار، فلقد سجل تصدّع في نظام التوازنات الذي كان قائماً في السوق العالمية للنفط· وأصبح الجدل حول هذا الموضوع هو حديث الساعة·
ويشير تقرير 'ميد' أيضاً إلى احتمال أن تلعب الظواهر المناخية دوراً كبيراً في تعميق آثار هذه المشكلة· وتوقع علماء متخصصون أن يكون العام الجاري هو عام الأعاصير المدمرة في الولايات المتحدة، مما يعزز المخاوف من حدوث انقطاع مفاجىء في التموين بكل من النفط الخام ومشتقاته بسبب انتشار المصافي وخزانات الخام في بؤرة الأعاصير في خليج المكسيك· وتوقع التقرير أن تلعب هذه المخاوف دورها في زيادة الأسعار أكثر وأكثر· وفي 22 مايو الماضي، أصدرت الإدارة الوطنية الأميركية للأرصاد الجوية تقريرها السنوي حول التنبؤ بالأعاصير المقبلة في الولايات المتحدة جاء فيه أن الصيف الجاري الذي نشهد الآن بداياته الأولى، سوف يشهد أسوأ الأعاصير التي تهدد بحدوث دمار كبير للمنشآت النفطية المقامة في خليج المكسيك وخاصة منها مصافي تكرير النفط الخام· وسوف يفوق هذا الدمار ما شهدته عندما ضربها إعصارا كاترينا وريتا العام الماضي·
وبالرغم من الأهمية التي تنطوي عليها كل هذه الأسباب المذكورة من حيث تأثيرها على أسعار النفط، فإن من الجدير أن يشار إلى أن التوتر السياسي الذي يسود مناطق إنتاج النفط أصبح يستأثر بالاهتمام الأكبر بالنسبة للمستهلكين· ومن ذلك مثلاً أن الاضطرابات التي تشهدها منطقة دلتا النيجر في نيجيريا أدت منذ شهرين إلى إغلاق آبار يبلغ إنتاجها أكثر من 500 ألف برميل في اليوم؛ وما زالت هذه الآبار حتى الآن في حالة توقف عن الإنتاج· ويبدو أن السعي لإيقاف عمليات الإنتاج النفطي مرشح للتجدد في مناطق أخرى من نيجيريا بعد أن أعلنت الميليشيات التي تقود الصراع ضد الحكومة فيها عن مطالبتها بنصيب أوفر من العوائد النفطية للسكان المحليين·
ويضاف إلى كل ذلك أن التوتر الدولي الذي نتج عن مواصلة إيران لمشروعها النووي بات يلعب دوراً كبيراً في زيادة مؤشرات التوتر التي تسود الأسواق حالياً· ويمكن للمرء أن يلاحظ كيف أن الأسعار ترتفع مع كل تصريح يصدر عن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد· ولا شك أن خطر هذه الأزمة ما زال في مراحله النظرية، وأن ضربة عسكرية مدبرة ضد إيران ما زالت بعيدة الاحتمال بسبب المشاكل التي تعاني منها الولايات المتحدة في العراق· ويمكن القول أيضاً أن فرض عقوبات اقتصادية على إيران هو أيضاً من الاحتمالات غير الواردة في الوقت الراهن· ثم إن إيران ذاتها التي يعتمد اقتصادها على العوائد النفطية، أعلنت مراراً وتكراراً عن أنها لن تلجأ إلى استخدام السلاح النفطي حتى في حالة تعرضها لعمل عسكري معادٍ أو مقاطعة اقتصادية·
وفي الناحية الأخرى من العالم، بدأت الأحداث المتعاقبة في أميركا اللاتينية بإثارة مخاوف المستهلكين من تراجع محتمل في إنتاج النفط· وفي شهر أبريل الماضي، أعلن الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز عن خطة ترمي إلى مراجعة الأسس التي تقوم عليها عقود مشاريع إنتاج النفط التي تنفذها شركات عالمية وبحيث تضمن التعديلات الجديدة المزيد من المكاسب والعوائد المالية لشركة 'بتروليوس دو فنزويلا' الحكومية· ومن الملاحظ أيضاً أن فنزويلا تميل إلى التقتير المقصود في إنتاجها النفطي؛ وهي إحدى دولتين لا ثالثة لهما في العالم أجمع تتبنى هذا السلوك الذي يرمي إلى التقنين الشديد في الإنتاج؛ والدولة الثانية هي أندونيسيا التي تحرص على أن يكون إنتاجها أقل من المستوى الذي حددته لها منظمة أوبك·
وبالرغم من هذا الارتفاع المقلق في مستوى اسعار النفط الخام، إلا أنه لم تكن له إلا تأثيرات ضئيلة فحسب على معدل النمو الذي يشهده الاقتصاد العالمي الذي بقي حتى الآن صلباً ومتماسكاً·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©