الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

علي الشهابي: حكومات المنطقة أضاعت فرصة تفادي فقاعة الأسهم

3 يونيو 2006

حوار - عاطف فتحي:
ينتمي علي الشهابي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة 'رسملة' إلى فئة نادرة من الخبراء الماليين ممن يحبذون تدخل الحكومات لإنقاذ الأسواق المالية، وهو رغم قناعته التامة بأهمية أن تلعب قوى السوق دورها الطبيعي إلا أنه وفيما يخص بحالة الأسواق المالية الإقليمية على وجه التحديد فهو مقتنع تماماً بأن الحكومات كانت تملك الحل لتلافي أزمة السوق، وأنها تأخرت في التصدي للأزمة، ورغم اعتراف الشهابي أن البعض ربما يصف حديثه اليوم عن حلول ناجعة لأزمة السوق كان بمقدور الحكومات لو طبقتها تفادي الأزمة، بمثابة ادعاء للحكمة بأثر رجعي، إلا أنه يؤمن أيضاً أن نفس الحلول يمكن تطبيقها اليوم، بل يتشدد في ذلك ليؤكد أنه بدون مثل هذه الحلول لن تخرج الأسواق من كبوتها·
والحل باختصار من وجهة نظره هو فتح الأسواق بالكامل أمام الاستثمار الأجنبي، وتخلي الحكومات عن حصصها في الشركات المساهمة العامة بما يسهم في تنويع الفرص وزيادة سيولة الأسواق وإعطائها مزيداً من العمق·
ويبني الشهابي قناعته بأهمية تدخل الحكومات لمساندة أسواق المال ومنع انهيارها على منطق بسيط مفاده أن شراء الحكومات للأسواق - بمعنى التدخل لإنقاذها بأي ثمن - هو أرخص من (ثورة) لأن الأسهم تجاوزت ما هو اقتصادي ومالي إلى الاجتماعي والسياسي على حد قوله·
'الاتحاد' حاورت الشهابي للتعرف على رؤيته إزاء ما حدث ويحدث في أسواق الأسهم الإقليمية، حيث أشار في بداية حديثه إلى مكامن الخطأ في التجربة الصعبة التي مرت بها أسواق الأسهم في الإمارات أوالمنطقة، وقال الخطأ من وجهة نظري يكمن بداية في تركيبة الأسواق التي لم تكن مهيأة لطفرة هائلة على صعيد السيولة، فمع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإيرادات النفطية، أضف إلى ذلك أن النمو الاقتصادي الكبير أعاد جانباً من الاستثمارات الخارجية حيث رأى المستثمر المحلي أن بمقدوره تخصيص جزء من محفظته الاستثمارية للأسواق المحلية والإقليمية الأمر الذي رفع معدلات السيولة في الأسواق بدرجة غير مسبوقة، ولكن السوق لم تكن مهيأة لذلك فالقدرة الاستيعابية محدودة وهناك تركز كبير في ملكية الأسهم وخاصة بالنسبة للحكومات التي تسيطر على نسب كبيرة من الشركات المساهمة العامة تصل في أحيان كثيرة إلى أكثر من 80 بالمئة، وبالتالي تضخمت القيمة السعرية للأسهم المتاحة للتداول بصورة هائلة الأمر الذي جعل التصحيح الحاد والمؤلم تطوراً لا مفر من حدوثه·
وفي رده على سؤال حول دور الحكومات حيال تلك الأوضاع، قال الشهابي: من الطبيعي أن تباشر الحكومات في طرح حصص من ممتلكاتها في الشركات المساهمة العامة، فخطوة من هذا النوع كانت ستسهم بصورة ملحوظة في امتصاص السيولة الزائدة وفي مضاعفة حجم السوق، والحد من معدلات الارتفاع السعري للأسهم المتداولة وبالتالي احتواء ظاهرة الفقاعة، لأن معدل نمو الأسعار لو توقف عند حدود 30 بالمئة مثلاً بدلاً من 100 بالمئة لما حدث التراجع المؤلم الذي شهدناه، ورغم أن البعض يمكن أن يرى أن حديثي هذا ادعاء للحكمة بأثر رجعي إلا أنني أرى انه كانت لدى الحكومات أدوات تؤهلها لإدارة العملية بصورة سليمة، ولكن ربما إيقاع التطورات كان أسرع من تحرك الحكومات، وفي هذا يمكن التماس بعض العذر، لأن إيقاع التحرك الحكومي عادة بطيء ويحتاج إلى دراسات وإلى تأن وإلى نوع من الإجماع وكل هذا لا يسعف الحكومات للتصدي سريعاً للمشاكل، لكن هذا لا يمنع من القول إنه كان بمقدور حكومات المنطقة تفادي الفقاعة من خلال طرح حصص من أسهمها لامتصاص السيولة·
وأضاف: يرى البعض أن ملكيات الحكومات في الشركات هي حصص استراتيجية لا ينبغي التخلي عنها، وهي ملكيات ذات طبيعة استراتيجية، لكن هذا ينسحب على توقيت إطلاق تلك الشركات، فقد لعبت الحكومات دوراً مهماً في إطلاق شركات مثل الاتصالات والصناعات الثقيلة والأساسية في وقت لم يكن القطاع الخاص على استعداد للعب هذا الدور سواء بسبب كثافة الاستثمار المطلوب أو نوعية المخاطر أو حتى طول أمد الاستثمار وبدء الحصول على عائد، ولكن وبما أن الجميع يتحدث عن التخصيص فأنا أرى أن هذه كانت فرصة لإنجاز عمليات تخصيص في ظروف مواتية من حيث توفر السيولة، فكان بمقدور الحكومات لو أقدمت على ذلك حماية السوق من الفقاعة، وفي الوقت نفسه مضاعفة حجمه عدة مرات، ورغم أن البعض يجادل بأن من المهم أن تحتفظ الحكومات بحصص في شركات معينة إلا أن هؤلاء ينسون أنه حتى لو تخلت الحكومة عن حصتها فهي تملك السيادة على البلاد ككل، وبالتالي لن تحدث أشياء دون إرادتها·
وأضاف: هناك نقطة أخرى أود الإشارة إليها وهي أن خصخصة الملكيات الحكومية في الشركات المساهمة العامة يسهم أيضاً في توفير حصيلة هائلة من الموارد التي يمكن الاستفادة منها في إطلاق شركات جديدة ومصانع وغير ذلك الأمر الذي يعزز من رقعة الاقتصاد ويوفر المزيد من فرص العمل، ويحقق هـــــدف التنويع الاقتصادي أيضاً·
وفي تعليقه على فشل الحكومات في إدارة الأزمة واستيعاب السيولة من الأساس، قال الشهابي: تحتاج السياسات الحكومية إلى مزيد من الوقت لكي تتبلور، وهي تبنى في كثير من الأحيان على الإجماع وتمر عبر إجراءات وبيروقراطيات محددة، ومن ثم تكون الاستجابة أبطأ من إيقاع التطورات·
وبسؤال 'الاتحاد' حول وصفه لتدخل الحكومات في الأسواق لحمايتها بأنه أرخص من ثورة وهو ضد ما يراه غالبية الخبراء بضرورة ترك قوى السوق تلعب دورها الطبيعي، قال الشهابي: عندما خرجت الأمور عن نطاق السيطرة وتحديداً في الثلاثاء الأسود كان رأي البعض أن على الحكومات ترك السوق لمصيرها المحتوم لأن أية محاولات لن تجدي نفعاً، ولكني أرى أن حكومات المنطقة عليها دعم الأسواق ومساندتها لأسباب اجتماعية وسياسية قبل أن تكون لأسباب اقتصادية، فالظرف الذي تمر به الأسواق حساس، وأكثر من تضرروا هم صغار المستثمرين الذين دخلوا الأسواق عند أعلى المستويات السعرية، ورغم حدوث بعض المحاولات لدعم السوق إلا أنها لم تؤت ثمارها لأن الأمر مكلف، لكنني قلت إن شراء السوق أرخص من ثورة، هذا هو رأيي رغم اعترافي بأن البعض سيقول إن المحلل يقدم حلولاً نظرية لأنه ليس في موقع الحكومة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©