السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أديباري أول عمدة نيجيري في ايرلندا

أديباري أول عمدة نيجيري في ايرلندا
5 يناير 2008 01:31
''بطل من الصفر''··· لم يظلمه الايرلنديون عندما اختاروا للنيجيري الأصل ''روتيمي أديباري'' هذا اللقب، فهو بنفسه أطلقه على البرنامج الإذاعي الذي يقدمه أسبوعيا على محطة راديو محلية في ايرلندا، حيث أصبح وللمرة الأولى في تاريخ البلاد عمدة مدينة ''بورتالويس'' متغلباً على كل العقبات التي قد تقف في وجه أي لاجئ أسود أو داكن البشرة يأتي إلى البلاد التي اشتهرت بالهجرة منها، بالإضافة إلى انغلاقها على العرق الأبيض لسنوات طويلة· ما حققه ''أديباري'' لا يتلخص في كونه المواطن رقم واحد في المدينة التي بات يتولى مسؤوليتها، بل في النقلة النوعية التي استطاع أن ينجزها على صعيد الأفكار المحلية وتقبل الآخر واندماج الوافدين مع مجتمعاتهم الجديدة، والأهم أن ما وصل اليه جاء بعد سبعة أعوام من العمل بدأها منذ أن وطئ ايرلندا وعائلته كلاجئ سياسي؛ زعم ''أديباري'' أنه لم يستطع البقاء في بلاده بسبب الاشتباكات الدموية بين المسلمين والمسيحيين وأشكال الاضطهاد المتبادلة بين الجانبين، ولكن البعض يقول إنه تخلى عن إسلامه فتخلت عنه عائلته ما اضطره إلى السفر· قبل أقل من عقد كان وجود أي شخص أسود البشرة في شوارع ايرلندا مدعاة للتحديق والثرثرة وربما التهكم، لذا فإن مشهد تجول زوار أو وافدين جدد من خلفيات عرقية مختلفة في مدن البلاد كان لا يتكرر كثيرا؛ أما اليوم فنجد أن ايرلندا تستوعب أكثر من 30 ألف لاجئ ولاسيما بعد موجة اللجوء السياسي من نيجيريا اليها بعد الفورة الاقتصادية التي حققتها وربما بسبب قوانينها المتساهلة المتعلقة بالهجرة· انطلاقاً من تجربة روتيمي أديباري لا يمكن القول إن الطريق كانت مفروشة بالورود للوافدين الأفارقة إلى ايرلندا خصوصاً أن المجتمع المحلي لم يعتد تقبل الآخرين المختلفين عنه، ولكن مع الوقت والقليل من الجهد والصبر يبدو أن الأمور في طريقها إلى الحلحلة، وليس أدل على ذلك من تبوّء ''أديباري'' منصب العمدة في ''بورتالويس'' بعدما كان يشغل في السابق كرسياً في المجلس البلدي للمدينة رغم أنه لم يمض على وجوده هناك أكثر من 7 سنوات· عندما وصل ''أديباري'' إلى ايرلندا مع زوجته وطفليه في العام ،2000 حاول جاهداً الحصول على اللجوء السياسي لكن السلطات المحلية رفضت طلبه لأنه لم يستطع اثبات تعرضه لأي شكل من اشكال الاضطهاد الديني في نيجيريا، وكاد يرحّل إلى بلاده لولا القدر الذي شاء لزوجته أن تلد مولودهما الثالث على الأراضي الايرلندية، الأمر الذي يتيح لهما البقاء بناء على القانون الذي أوقف العمل به منذ العام 2004 والذي ينص على السماح للأهالي بالبقاء في ايرلندا في حال أنجبوا مولودا في البلاد، وتقتضي الإشارة إلى أن العمل بالقانون علق بعد تزايد وتيرة اللاجئين الذين يتعمدون المجيء إلى ايرلندا لتضع زوجاتهم مولوداً هناك· وحسبما يروي عمدة الأفارقة في ايرلندا، والذي سافر إلى بلاده الأم ليستلم جائزة تقديرية لتقلده منصبا خارجيا مهما، فإن مسيرته في البداية كانت مليئة بالأشواك حيث إن القانون الايرلندي لا يسمح للمتقدمين بطلب اللجوء السياسي بالعمل قبل حصولهم على الموافقة على الطلب، لذلك كان عليه أن يمضي سنته الأولى وهو يتنقل من مكان إلى آخر في ''بورتالويس'' بحثاً عن عمل علماً أنه كان يدرك جيداً أن القانون ليس السبب الوحيد لبطالته الخانقة بل السبب الأصلي هو اختلافه عن المواطنين المحليين، والدليل على ذلك أنه لطالما سمع عبارات مثل ''ليس لدينا شيء ضدك ولكننا نفضل المحليين للعمل'' أو مؤهلاتك جيدة جداً ولكن·· نحن آسفون''، أو ''لا مشكلة معك لكن قيل لنا أن نحذر من النيجيريين''، وهكذا دواليك من العبارات التي جعلته ينعزل عن المجتمع لفترة قصيرة قبل أن يقرر المواجهة بطريقة أخرى· يقول ''أديباري'' إنه وبعد تعرضه للرفض من قبل الكثيرين قرر أن يبدأ بتثقيف الناس ومحاولة التقريب بين المجتمع الايرلندي والوافدين الأفارقة، وقد ساعده على ذلك حصوله على شهادة الماجيستير في العلاقات القائمة بين ثقافتين من جامعة ''دبلن''؛ في البدء تطوع ''أديباري'' للعمل الاجتماعي في أحد الأندية قبل أن ينشئ رابطة للعاطلين عن العمل في ''بورتالويس''، ومكتباً يقدم الاستشارات للسلطات وللمجموعات الجديدة الوافدة إلى ايرلندا حول كيفية العمل معاً لتخطي العوائق والاختلافات الحضارية والثقافية، أما السبب في شهرته المحلية فكان برنامجـــه الإذاعي الذي يستضيف أسبوعيا شخصا ما تمكن من التغلب على الصعاب ومن الوصول إلى ما يبتغيه رغم أنه انطلق من الحضيض، لذلك فإن اسم البرنامج ''بطل من الصفر''· يعتبر ''أديباري'' أن ما فعله كان مجرد اصرار على رفض الانعزال والمشاركة في المجتمع الذي بات ينتمي اليه، وهو يشدد على أنه وضع نصب عينيه هدف التقريب بين اللاجئين والمواطنين المحليين بكافة الوسائل الممكنة لأنه يرى لهم مستقبلا في ايرلندا، كما أنه يطمح بايجاد مجتمع أفضل لأطفال الوافدين حتى لا يشعروا أنهم غرباء عن محيطهم عندما يكبرون بسبب اختلاف لون بشرتهم· ومن أهم ما فعله ''أديباري'' كان كسر حاجز اللغة، فقد أسس منتدى لتعليم الوافدين أصول اللغة الانجليزية ''لأنه بدون لغة كيف سنتمكن من التواصل؟''· أخيراً، تسلم أديباري جائزة ''ام اي ام اي'' الايرلندية للإعلام، وذلك حسبما أشار النقاد بسبب ''حس القيادة الذي أظهره، وأفكاره الجديدة والخلاقة للتقريب بين ثقافتين مختلفتين''؛ وبعد تقلده منصب العمدة سافر إلى نيجيريا التي هنأته بإنجازه، الأمر الذي طرح تساؤلات كثيرة عما اذا كان يستحق فعلاً اللجوء السياسي في ايرلندا لاسيما أن بلاده تستقبله وأنه لم يتعرض لأي اعتداء كما قال، كما اثيرت علامات استفهام عدة حول مصداقية ''أديباري'' خصوصاً بعدما أشارت معلومات إلى أنه كان في لندن قبل مجيئه إلى ايرلندا ولكنه تركها وجاء إلى ايرلندا لطلب اللجوء السياسي، لمعرفته بأن الأمر سهل اذا ما أنجبت زوجته مولوداً هناك· فيما تحدث آخرون عن أنه كان مسلماً ولكنه أراد اعتناق المسيحية الأمر الذي رفضه والده الحاج مما دفعه إلى السفر والارتباط بزوجة مسيحية وتحويل عائلته من عبدالباري إلى ''أديباري''، غير أن الرجل فضل عدم الرد على هذه الكلام، فهل هذا لصالحه؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©