السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا أسقطت «ورقة التوت» عن أسوأ أجيال «السامبا»

ألمانيا أسقطت «ورقة التوت» عن أسوأ أجيال «السامبا»
10 يوليو 2014 02:21
أظهرت مباراة البرازيل وألمانيا لنا بكل وضوح ما الفارق بين منتخب يلعب كفريق واحد وفق منظومة منضبطة، تتكامل فيها الأدوار، وبين مجموعة لاعبين متحمسين ومتهورين، ينفذ كل واحد فيهم خطته الخاصة، ويبدو أن كلام الجمهور البرازيلي لهم بضرورة أن يكونوا جميعا نيمار، جعلهم يتخيلون أنهم جميعاً مهاجمون، فترك كل شخص منهم مركزه، وذهب ليلعب بما في رأسه، فضلاً عن أن الجيل الحالي هو الأفقر في الموهبة والأقل في القدرات من كل أجيال الكرة البرازيلية. لعب الفريقان لعبا في البداية بخطة فنية واحدة، وهي (4 - 3 - 2 - 1)، لكن شتان الفرق في التطبيق، فخطة حواكيم لوف تم تطبيقها أفضل مما كان يتمناها هو، وتصور سكولاري ذهب مع الريح مع انطلاق صافرة البداية في اللقاء، فالفريق الألماني كان صلباً متماسكاً، فلاعبوه قريبون من بعضهم بعضاً، كل شخص فيهم يلعب من أجل الفريق، بينما البرازيل أظهر فشلاً ذريعاً في التنظيم التكتيكي، والانضباط، وبحث من البداية عن رفع وتيرة السرعة إلى أقصى درجة، واندفع بكل ما يملك، فأهدر توازنه، ولعب بطريقة عشوائية، وكان كل لاعب فيهم يفكر ويلعب بطريقته الخاصة، وبإحساسه الفردي، ورؤيته الخاصة، بدليل أنه وبعد أن تلقى البرازيل الأهداف الأول والثاني والثالث لم يتحدث أحد مع زملائه لتحصين الدفاع، لإيقاف النزيف حتى تكون هناك فرصة للعودة، والتقاط الأنفاس، لتحديد رد الفعل المناسب للطوفان الألماني الجارف الذي جعلنا نتخيل أن فريقا في نزهة يسجل أهدافا تشبه التي يجري تسجيلها في حصة تدريبية، ليس في نصف نهائي كأس العالم، فظل المنتخب البرازيلي يلعب بالطريقة الخطأ نفسها، وبإسلوب الاندفاع غير العاقل للهجوم نفسه، فاستغلت الماكينات النقص العددي، وعدم التمركز الصحيح في زيادة غلة الأهداف، حتى أن اللاعب شورلي تسلم الكرة، ومشى بها، وسجل هدفاً وهو بين 4 لاعبين وكأنه منفردا، فلم يدخل عليه أحد. وكان لابد لورقة التوت أن تسقط لتكشف همجية وسطحية المنتخب البرازيلي، فهذا الفريق لم يقدم مباراة واحدة كاملة التفاصيل، ولم يقنع أحدا، حتى في حضور نيمار وتياجو سيلفا، لم يبعث برسالة إلى جمهوره وعشاق الكرة البرازيلية يؤكد فيها أنه قادر علي حصد البطولة، وحصل في تلك البطولة علي أكثر مما يستحق عندما بلغ نصف النهائي، وربما لو كان نيمار وتياجو سيلفا مشاركين لقلت نتيجة الخسارة، لكنها كانت ستحدث 100 %. وأرى أن المدرب سكولاري هو المسؤول الأول لأنه ساهم في صنع فريق يعتمد على لاعب واحد، كما أنه اختار مجموعة من أنصاف اللاعبين معدومي المواهب ووضع ثقته فيهم، وهذا كارثة بكل المقاييس، لأنه عندما تعتمد على لاعب واحد أو حتى لاعبين في فريقك، ويتوقف عطاء هذا اللاعب للإصابة مثلما حدث مع نيمار، أو للإيقاف مثلما حدث مع تياجو، يضيع الفريق، ويمكننا القول إن المنتخب البرازيلي أصيب بالشلل الكامل بعد غياب نيمار، وزادت معاناته بعد إيقاف تياجو سيلفا. وقد تحدثنا كثيرا عن المنتخب البرازيلي لكن علينا أن نعطي مساحة للحديث عن المنتخب الألماني لأنه يملك أفضل ميزة في كرة القدم، وهي الكرة الجماعية الشاملة، والتماسك والصلابة، بدليل أنه يمكنه أن يسجل عن طريق أي لاعب في الفريق، سواء كان مدافعا أو لاعب وسط أو هجوم، وعندما نستعيد شريط الأهداف نكتشف أنه لم يكن هناك أي لاعب أناني في صفوف المنتخب الألماني، حتى لو كان أمامه فرصة للتسجيل كان ينظر إلى زميله الذي يملك فرصة أفضل، ويعطيها له من دون فلسفة، فقد كان المهم هو انتصار الفريق، والعبور إلى الدور النهائي، أما الدرس الثاني الذي أعطاه المنتخب الألماني للجميع فهو عدم الاكتفاء بهدف أو أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة واللجوء للدفاع بعد ذلك، بل على العكس ظل منتخب ألمانيا يستغل أخطاء البرازيل، ويسجل منها أهدافاً حتى بلغ الهدف السابع وبعد الهدف السابع كان أوزيل ينفرد بالحارس ويسدد فيه ليسجل الثامن، وهذا يعكس أن العقلية الجمعية للمنتخب الألماني حاضرة، والجاهزية البدنية موجودة، ويمكن أن نقول أن ثلاثي الرعب في خط الوسط المكون من سامي خضيرة، وتوني كروز، وشفانشتايجر قطع أوصال فريق السامبا، وخطوط الإمداد بين الوسط والهجوم، في الوقت نفسه الذي كانوا يقومون فيه بصناعة الهجمات للماكينات، وإكمالها في المساندة الهجومية والتسجيل أيضا، فتوني كروز سجل هدفين، وسامي سجل هدفاً، وشفانشتايجر كان بديلاً لكل لاعب يتقدم للأمام». وامتاز خواكيم لوف نجح بإمتياز في إدارة المباراة من قبل أن تبدأ، فقد فاجأ سكولاري بالهجوم الضاغط من البداية، ووضع كلوزة مع مولر ليفتح له المساحات الأمامية، وأعطى الحرية لأوزيل في الحركة أحياناً في اليسار، وأحيانا في اليمين، وفي أغلب الأحيان في العمق، واحتل الوسط بالكثرة العددية المكونة من 7 لاعبين، وكان فريقه يدافع بعشرة لاعبين حتى الدقائق الأخيرة، ويهاجم بـ 8 لاعبين، وهذا دليل علي الجاهزية البدنية العالية لهذا الفريق، ويمكننا القول أن البرازيل انهارت تماماً بعد الهدف الأول في الدقيقة 11، ليحتل خواكيم لوف كل أرض السامبا نتيجة لاسلوب الصدمة والترويع الذي اعتمد عليه. وقدم المنتخب الألماني نفسه في تلك المباراة على أنه البطل الذي ينتظر التتويج، وعلى أي فريق يرغب في منافسته لابد أن يهزم البطل، خاصة في ظل تلك الجاهزية البدنية، والذكاء الخططي، والمرونة في تطبيق الاستراتيجية، ووفرة دكة البدلاء من الصعب على أي منافس أن يهزم ألمانيا في النهائي، إلا إذا اكتفى اللاعبون بما قدموه. وهذا شيء يصعب تخيله، لأن منتخب الماكينات يتطور أداؤه من مباراة لأخرى»، ويمكننا أن نقول: «إنه الوحيد بين كل المنتخبات المشاركة الذي يقدم الكرة الشاملة بحق، فلم يعد يعتمد على اللياقة البدنية والكرة المباشرة منزوعة الدسم مثلما كان عليه الأمر في السابق، بدليل أن مولر لاعب مهاري، وكذلك خضيرة، وشفانشتايجر، وفيليب لام، والأهم من المهارة الانضباط التكتيكي الناتج عن الاستقرار الفني، بدليل أن لوف مع الماكينات منذ 8 سنوات. أجمل هدف لحن كروز يطرب عشاق المتعة إذا استعرضنا أهداف المباراة الثمانية سوف نصاب بالاجهاد في اختيار الأفضل منها، إلا أنني أعتبر أن الهدف الرابع لألمانيا والثاني لتوني كروز هو الأجمل على الإطلاق لأنه يتضمن على الكثير من المهارات، أهمها مهارة قطع الكرة من المنافس «فرد» وبناء الهجمة السريعة في الثلث الهجومي بشكل نموذجي بعيدا عن أي نوع من أنواع الأنانية، فقد مرر مولر الكمرة لمسعود أوزيل، ومن أوزيل إلى كلوزه القادم من الخلف، فلما وجد كلوزه نفسه مراقبا داخل منطقة الجزاء، وخلفه توني كروز غير مراقب قفز من عليها وتركها لتوني الذي كان في وضعية رائعة، فسدد مباشرة كرة قوية في الزاوية اليمنى ليسجل الهدف الرابع، والذي يترجم مجموعة من المهارات في العمل الجماعي، وتكامل الأدوار، والتمرير الدقيق تحت الضغط، والتسديد القوي من لمسة واحدة، والذكاء من كلوزه في التهويش على الكرة لمراوغة المدافعين، حتى أن هذا الهدف يمكن اعتباره لحنا منفردا داخل سيمفونية العطاء المميز التي قدمها منتخب الماكينات في نصف النهائي، وحطم بها الكثير من الأرقام، ولا أظن أن التاريخ الذي رفع سكولاري إلى السماء في نهائي 2002 أمام ألمانيا سوف يغفر له هذه الزلة الكبيرة، وآن الأوان أن يهوى به إلى سابع أرض. موللر.. الهداف الجديد لم يكتف موللر بفتح الطريق أمام هذا الفوز العريض بالهدف الأول، لكنه ساهم في صناعة هدفين آخرين بمنتهى التجرد، والأهم من ذلك أنه كان منشغلاً بالقيام بأدواره الدفاعية أيضاً، ففي كثير من الأحيان كنا نجده في منطقة جزاء ألمانيا يدافع، وأحياناً في الجبهة اليمنى لإيقاف مارسيللو، وكان دائماً في المكان المناسب، لأنه من أفضل لاعبي العالم في التمركز السليم، فهو اللاعب الذي يظهر حينما تظن أن لا أحد موجوداً في هذا المكان، وهو اللاعب الذي يختفي من المقدمة، ويقف علي حدود منطقة الجزاء عندما ترتد الكرة من المدافعين وتبحث عن من يستغلها إما بالتسجيل عن طريق التسديد المباشر أو المرور ثم التسديد، وفي كل الأحوال فهو إن لم يكن نجم المباراة الأساسي فهو أبرز النجوم، لأن المنتخب الألماني من أصعب المنتخبات التي تبحث فيها عن النجم الأوحد، لأنه يقدم الكرة الجماعية علي أعلى مستوى، ويكفي أن شورلي البديل الدي يشارك في كل مباراة لا تفوته الفرصة في التسجيل، وترك بصمته في اللقاء على الرغم من أنه ينزل في الشوط الثاني دائماً. (أبوظبي - الاتحاد) ظاهرة الجولة خط الوسط يتصدر المشهد في المربع الذهبي إذا كان الحراس قد سحبوا الأضواء من الجميع في الأدوار الأولى من المونديال، وإذا كان المدافعون قد تصدروا المشهد في دور الثمانية عندما كانوا حلولا للتسجيل في فرقهم، فإنه حان الوقت لخط الوسط المظلوم أن يكون ظاهرة المباراة الأولي في نصف النهائي، فقد صنع خط وسط ألمانيا كل شيء في كرة القدم، دفاعا وهجوما، وتسديدا وتسجيلا، واحتفاظا بالكرة، وإفسادا لهجمات الآخرين، وكان الثنائي كروز وخضيرة على أعلى مستوى من الكفاءة، ولم يكتف أحد منهم بقطع الكرات مثلا، بل كان يمرر، ثم يجري ليتسلم، ويسجل أو يمرر لمن هو أفضل منه في فرص التسجيل، ولأجل هذا فإن خط الوسط في تلك المباراة هو الذي صنع الفارق للمانشافت، في الوقت الذي قضى فيه علي خطورة وسط وهجوم المنتخب البرازيلي، الذي ظهر بلا أنياب. (أبوظبي – الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©