عابد زاهد من بني إسرائيل انصرف عن كامل الدنيا وما فيها لعبادة الله سبحانه وتعالى، فكان داخل صومعته نعم العابد المحب للرحمن الملتزم بطاعته كثير الصلاة والصوم وكل أشكال وألوان التعبد، وفي يوم ما أثناء تعبده أتته أمه كي تراه وتجالسه قليلاً. فنادته أمه أثناء صلاته، ولكنه تردد في تلبية النداء أيقطع الصلاة ويرد على أمه أم يكمل صلاته؟ وانتهى به الأمر لتكملة الصلاة وانصرفت أمه وعاودته اليوم الثاني، ولكن بقي الحال كما هو عليه فأتته في اليوم الثالث، ولكن استمر الأمر أيضاً كما هو عليه فرفعت الأم أكف الضراعة إلى الله وقالت اللهم لا تمته حتى يرى وجوه البغايا ثم انصرفت.
بنو إسرائيل كان منهم بالطبع من يكن الكراهية لهذا العابد، فتآمروا عليه واختاروا أجمل البغايا وأرسلوها له كي تراوده عن نفسها وبالفعل ذهبت لفعل هذا الأمر المشين ولكن العابد الصالح تمنع ولم يلتفت إليها نهائياً فخرجت من عنده ووجدت راعياً قرب صومعته راودته عن نفسها فقبل وبعد مدة وضعت مولودها فسألها القوم لمن هذا الطفل ردت عليهم وقالت هذا ابن العابد.
انصرف القوم عنها وذهبوا للعابد فأذاقوه كل ألوان الإهانة والذل وأتوا على صومعته فأصبحت كومة تراب وأثناء تعمدهم الإهانة لجريج مروا على بيت للبغايا فنظر جريج لإحداهن ثم ضحك لتذكره دعوة أمه حتى وصلن به للمرأة العاصية، فطلب منهن أن يتركنه ليصلي، فكان له ذلك ثم عاودهن بعد أن فرغ من الصلاة فنظر للطفل الذي بين يديها ثم طعنه بيده وسأله من أبوك فرد الطفل من المهد أبي هو الراعي، وهنا أدرك القوم براءة جريج وتعهدوا له ببناء صومعته من جديد كما يشاء فطلب أن تصنع من طين كما كانت وأن يتركوه يتعبد دون أذى.
مصطفى حامد
عدد اليوم
