الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا مكان إلا للنبل

لا مكان إلا للنبل
7 فبراير 2008 00:58
كان يا مكان، في قديم الزمان، كان للملك الحكيم ولدان، وفي صبيحة أحد الأيام أصيب الابن الأصغر للملك بمرض عضال واكتشفت غجرية في كنفه، فحكم عليها بالموت حرقاً، إذ اتهمت بأنها إصابته بالعين، أقسمت ابنة الغجرية ''سمر الليل'' أن تنتقم لموت أمها، فخطفت ابن الملك بغية رميه بالنار، لكنها رمت خطأ ابنها الذي لقي حتفه من دون أن يعلم بسرها أحد· وقامت بتربية ابن الملك الحكيم كما لو كان ابنها بعدما تمكنت من الهرب من ملاحقيها· ومن جهة أخرى تقوم قصة حب بين نور (هدى حداد) والأمير دحام (ايلي شويري) والفارس المجهول - الأمير بندر (سيمون عبيد)، جوزيف عازار في دور ''الأمير مشعل''، عمر كركلا في دور ''الأمير رحال'' والمطربة الجزائرية ياسمين في دور ''سمر الليل'' ويظهر في الختام أن الأمير والفارس المتنافسين على حب نور هما شقيقان· أحداث القصة تدور بين قبيلتين مختلفتين من حيث العادات، والتقاليد، لكن الشرف دائماً هو سيد القيم، والغيرة على المرأة تخلق النزاع والصراع بين فارس مجهول وأمير قاسٍ· لكن المحبة تنتصر وفي النهاية لا مكان إلا للنبل· ما سبق هو ملخص ''حكاية'' الشاعر القدير طلال حيدر للعرض الأول لفرقة كركلا ''فرسان القمر'' في لبنان بعد ثلاث سنوات من الانقطاع بسبب الأزمات السياسية والأمنية المتلاحقة· ''فرسان القمر''، كتب قصائدها طلال حيدر باللهجة العربية البدوية وأدتها ببراعة المطربة والمسرحية هدى حداد شقيقة الفنانة فيروز، مع إيلي شويري، جوزف عازار وسيمون عبيد، فيما صدحت الألحان والموسيقى لمحمد رضا عليغولي، سينوغرافيا آدزيو فريجيريو، تصميم وإضاءة آلن برت، تصميم الملابس عبد الحليم كركلا، كوريغرافيا أليسار كركلا، إخراج ايفان كركلا· وبأكثر من 150 عنصراً على الخشبة مع تقنيات كوريغرافية غاية في الدقة والإبهار والفخامة من (اليسار كركلا)· اجتمعت مع الحوارات الموسيقية والأداء الراقي لهدى حداد وايلي شويري وجوزف عازار وغيرهم، قدّم عبد الحليم كركلا هذا العرض الصارخ في روعته وجماليته وتميزه، لكأنك تشتم فيه رائحة الصحراء وسحرها وتركن إلى جمال أخاذ بين كثبانها، إلى الأجساد الراقصة المطواعة المرنة والأزياء الملونة الباهرة والموسيقى الصاخبة والأنغام البدوية العربية الصحراوية الغاية في العذوبة· سحر الصحراء وعلى مدى ساعتين أو أقل بقليل، نقل عبد الحليم كركلا وولداه إيفان وأليسار كل سحر الصحراء ودهشتها، بخيامها ورمالها وخيامها وجمالها وفرسانها وصهيل خيلها ومضاربها وطقوس الحياة والموت والنخوة والفروسية والتضحية والقوة والنبل الضارب في دفء الرمال وصقيعها، إلى ليل الصحراء وقمرها وبحرها وأهازيج البحارة ومراكب الصيادين الباحثين عن اللؤلؤ والرياح· ولعل واحداً من روائع العمل المقدم هي حين يعتلي عمر كركلا المسرح ليرقص الدبكة منفرداً، في لحظات من التألق الفريد لراقص ما زال قادراً على الاذهال على الرغم من تقدم العمر· إلا أن المشهد الذي يبقى في الذهن حاضراً ومتقداً، هو لحظة تحتمي نور بصيادي اللؤلؤ إذ تتحول الخلفية إلى مشهد مبهر لبحر تهدر أمواجه، التي تتهادى عليها المراكب، فيما يدخل مركب حقيقي إلى المسرح، تتدلى حباله ويرقص الصيادون قبل أن يغادروا اليابسة حيث تجتمع نساء البحارة المغادرين ليغنين الأغنية الخليجية الأشهر لنساء وأولاد البحارة: توب توب يا بحر أربعة والخامس شهر - ما تخاف من الله يا بحر - جيبهم يا بحر - جيبهم يا بحر - جيبهم وغطيني يا بحر· عبد الحليم كركلا المشرف العام على مسرحية ''فرسان القمر'' ومؤسس أول مسرح راقص في لبنان والعالم العربي، يرى ''أن فرسان القمر تقاطعت فيها لغة الأجساد المتحركة مع المشهدية التمثيلية والغنائية في عرض فني متكامل بلغة مسرحية مستوحاة من بيئتنا العربية وأصالة شعبنا لتعطي صورة مشرقة لوجه التراث العربي''· ويتابع: ''تمسكنا بتراثنا يشكل هاجساً أساسياً من هواجسنا، لذلك ندأب على التنقيب والبحث عن كل مواده وأرشفته، ليستكمل صورته الأساسية للتعبير عن هويتنا في إحياء الموسيقى والأزياء والتقاليد وقصص وحكايات شعبية''· وقال: العرض المسرحي في كازينو لبنان، مستمر مبدئياً حسب المخرج ايفان كركلا لنهاية شهر فبراير ولربما تمدد العروض لفترة أخرى، على أن يليها ''أوبرا الضيعة'' بطولة عاصي الحلاني وألين لحود وسنقدمها إن سمحت ظروف البلد على مسرح مهرجانات بعلبك هذا العالم''· بطاقة فنية عبد الحليم كركلا (1938) موسيقار لبناني من مواليد بعلبك، والده الشاعر عباس كركلا، ووالدته رمزة حمية· تزوج من حنينة منصور كركلا وله منها ولدان، ايفان (مخرج) وأليسار (مصممة الرقص في المسرح)· أسس فرقة كركلا في العام ،1968 مستوحياً أعماله المسرحية من ''مسيرة بدوي في الصحراء، حيث الموسيقى القطرية تنبعث من أقدام جمل أو فرس على رمال الصحراء'' على ما يقول· سطع نجمه في عالم الرياضة، إذ حاز بطولة لبنان في لعبة القفز على الزانة مرات عدة، كما برز في الألعاب الرياضية الأخرى كسباق الـ100 والـ400 متر، وأيضاً في القفز العالي والطويل· انطلاقة الفرقة الأولى كانت على أدراج معبد جوبيتير في بعلبك ومن مدينة الشمس جالت في أنحاء العالم وقدمت عروضها على أهم المسارح والمدن الثقافية في العالم مثل مركز كندي ومسرح كارنيجي في الولايات المتحدة ومسرح سادليرز ويلز في لندن ومسرح الشانزليزيه في باريس وفي دول الشرق الأوسط والأقصى· وفي العالم ،1972 سطع نجم الفرقة حين شاركت في مهرجانات أوساكا في اليابان، حيث حضر الحفل الأمير ميكازا ابن الامبراطور، الذي اراد التعرّف إلى التراث اللبناني· بعد ذلك، بدأت فرقة كركلا بجولاتها العالمية، وتحولت من فرقة شعبية إلى مسرح راقص يضم نحو 50 راقصاً وراقصة وممثل وممثلة· وأصبحت مؤسسة مسرح كركلا التي تضم: ''مركز كركلا للابحاث التراثية'' و''مدرسة كركلا للرقص''، والمدرسة تدرب مجاناً 300 طالب هم من محبّي الفرقة·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©