الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحسد» داء قديم وأول معصية

«الحسد» داء قديم وأول معصية
22 يونيو 2015 21:05
أحمد شعبان (القاهرة) الحسد من الصفات المذمومة التي نهى عنها الشرع، وهو مرض يصيب قلوب ضعفاء الإيمان فيتمنى زوال النفع والخير من الآخرين، ويكره الحاسد نعمة الله على أخيه ويحب زوالها عنه. يقول الدكتور منتصر مجاهد أستاذ التربية الإسلامية بجامعة قناة السويس: أمر الله تعالى بالاستعاذة من الحسد لخطره على الإنسان فقال سبحانه: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، «سورة الفلق»، أي ومن شر أذى كاره وباغض إذا كره وبغض الناس، وهذا يعني أن الحاسد يسعى لإلحاق الأذى بالمحسود أو بماله أو أبنائه، فالحاسد كاره لصاحب النعمة سواء تحولت الكراهية لأذى قولي أو فعلي. أهل الكتاب والحسد من صفات اليهود كما قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ...)، «سورة البقرة: الآية 109»، أي أن عدداً كبيراً من اليهود والنصارى أحبوا أن يعيدوا المسلمين، بعد إسلامهم إلى الكفر بسبب حسدهم وكرههم للإسلام، وتمنى ارتداد المسلمين، بعد أن نالوا نعمة الإسلام، وهذا التمني كان بعد معرفتهم الحق قال تعالى: (... قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ...)، «سورة آل عمران: الآية 118»، يبين الله لنا أن أهل الكتاب يحسدون ويكرهون المسلمين بسبب ما أتاهم الله من فضله ورحمته. وورد النهي عن الحسد في السنة النبوية المشرفة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً». طباع البشر قال ابن رجب: الحسد مركوز في طباع البشر وهو أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل، ثم ينقسم الناس بعد هذا إلى أقسام، فمنهم من يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل، ويسعى في نقل ذلك إلى نفسه، ومنهم من يسعى في إزالته عن المحسود فقط، وهو شرهما وأخبثهما، وهذا هو الحسد المذموم المنهي عنه، وهو ذنب إبليس حيث حسد آدم عليه السلام لما رآه قد فاق على الملائكة بأن خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه في جواره، فما زال يسعى في إخراجه من الجنة حتى أخرج منها، فالحسد داء سيئ قديم موجود منذ وجدت الإنسانية، وأول معصية بين إبليس وآدم يوم أن علمه الله الأسماء كلها ويوم أن قال للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر، وفي هذا قال إبليس رداً على سؤال الله له عن سبب عدم سجوده لآدم، قال تعالى: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)، وإبليس اعترض على تكريم آدم وفي هذا قال تعالى: (... أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ...)، «سورة الإسراء: الآية 62»، وهذا يعني أن إبليس أحس بالنقص تجاه آدم فحاول أن يجعل لنفسه مكانة أكبر وأحسن بالكلام، وقد سمى الله تعالى هذا العمل بالتكبر وفي هذا قال: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا...)، «سورة الأعراف: الآية 13»، إذا فجريمة إبليس هي التكبر الناتج عن الحسد. قسم آخر وهناك قسم آخر وهو عدم تمني الحاسد زوال نعمة المحسود بل يسعى في اكتساب مثل فضائله، ويتمنى أن يكون مثله، فإن كانت الفضائل دنيوية فلا خير في ذلك، كما قال تعالى: (... قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، «سورة القصص: الآية 79»، وإن كانت فضائل دينية فهو حسن، وقد تمنى النبي صلى الله عليه وسلم الشهادة في سبيل الله كما قال: «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار». تقوى الله ويندفع شر الحاسد عن المحسود بالتعوذ بالله من شره والتحصن واللجوء إليه، وتقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه قال تعالى: (... وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا...)، «آل عمران: الآية 120»، والإقبال على الله والإخلاص له وجعل محبته ورضاه في خواطر نفسه، وتجريد التوبة من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه، والصدقة والإحسان، فإن لذلك تأثيراً في دفع العين وشر الحاسد، وإطفاء نار الحاسد بالإحسان إليه، وعدم التفكر في الأسباب وإرجاعها إلى المسبب العزيز الحكيم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©