الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسليح الثوار السوريين... خمس قواعد آمنة

تسليح الثوار السوريين... خمس قواعد آمنة
21 يونيو 2013 22:56
إدوارد لوتواك زميل مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن لأسباب وجيهة وقوية، لطالما قاومت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الضغوط من أجل التدخل بشكل أكبر في الحرب الأهلية السورية. فأولا، هناك تعقيد نزاع يتقاطع فيه الديني بالإثني والإقليمي بالدولي، مثلما تُبرز ذلك حقيقة أن معظم السوريين الأكثر غربنة (مثل مسيحييها) يدعمون حكومة الأسد التي تسعى الولايات المتحدة إلى إزاحتها، في حين أن أعداءها ليسوا أصدقاء أميركا بكل تأكيد، ويضمون في الواقع أخطر المتطرفين. لكن بغض النظر عن ذلك، وبعد عامين من ضبط النفس، اختارت الإدارة – التي قررت إرسال «مساعدة عسكرية مباشرة» إلى الثوار – الانحياز إلى طرف معين وهي الآن بصدد اختيار الانحياز إلى طرف داخل طرف. اليوم، وبعد محاولات فاشلة لإدارة التعقيدات في العراق وأفغانستان، على الجميع أن يدرك أن أي تدخل ناجح يقتضي القاعدة البسيطة «إذا فزتُ، فإنك خسرت». وعندما يغيب ذلك، يغيب النجاح أيضاً. ولكن في النهاية، وبغض النظر عن كلفة الجهود الأميركية من حيث الأرواح والأموال – وهي كلفة تشمل أيضاً في هذه الحالة عداء أكبر مع روسيا – فالأرجح مع ذلك أن كل الأطراف ستنحي باللائمة على «المشركين» الأميركيين الذي ستحمِّلهم مسؤولية أي شيء لا يرضيها، مثلما حدث في أفغانستان ومصر والعراق وليبيا. والواقع أن لا التعقيدات ولا الاتهام الحتمي بخبث الدوافع الأميركية (الجشع والرغبة في النفط، والحرب على الإسلام، أو كليهما) يمكن تفاديهما، ولكن إدارة أوباما خطت خطوة إلى الأمام في جميع الأحوال. وحتى إذا كانت الظروف على الأرض في سوريا تستبعد إمكانية نتيجة جيدة تقريباً، فإن اتباع خمس قواعد – مستمدة من تجربة مريرة في تسليح ثوار آخرين – يمكن أن تكون مفيدة وتساهم في تقليل الخسائر. القاعدة الأولى: اعرف من هم أصدقاؤك. إن القاعدة الأولى، سياسياً، تكمن في تحديد الأصدقاء. فعندما يقوم أوباما أخيراً بالإعلان رسمياً عن قيام واشنطن بتسليح الثوار، يجب أن يتضمن ذلك العبارات المهمة: «إننا نتحرك مع حلفائنا في المنطقة»، أو «أقرب حلفائنا في المنطقة وما وراءها». غير أنه بعدما يتم النطق بالكلمات الإجبارية، من الضروري أن يكون كل الموظفين الأميركيين على امتداد تراتبية القيادة واعين جيداً بالحقيقة المرة التي تفسر بقاء نظام بشار الأسد واستمراره: أن «حلفاء أميركا في المنطقة» غير فعالين، رغم كل المزايا الظاهرية. القاعدة الثانية: كن مستعداً للقيام بكل العمل وبالنظر إلى هؤلاء «الحلفاء»، سيتعين على الولايات المتحدة أن تقوم بالعمل الرئيسي، وليس بالجزء الصعب فحسب. ولذلك، ينبغي ألا تكون هناك أوهام فنعتقد أن أحداً سيقدم لنا مساعدة كبيرة، ربما باستثناء المال الذي يمكن أن يقدمه البعض. لكن هذا بدوره يثير مشكلة أي الأميركيين ينبغي أن يقوم بالعمل المتمثل في تقديم الأسلحة. ذلك أنه إذا كان يراد تقديم أسلحة، فمن الضروري اللجوء إلى الأميركيين الوحيدين الذين يستطيعون التمييز بين المتطرفين السنة الذين يرغبون فقط في قمع سوريين آخرين والأشرار الحقيقيين الذين حدث أنهم يخوضون جهادهم العالمي في سوريا. وبالتالي، فالمطلوب هو خبراء حقيقيون، وأشخاص يتحدثون حقاً عربية المنطقة: ضباط الجيش وسلاح مشاة البحرية الذين قاموا بنجاح برعاية ثم السيطرة على المتمردين القبليين السنة في العراق الذين هزمت «صحواتهم» الجهاديين الذين كانوا يهاجمون الجنود الأميركيين. والواقع أن بعضهم منخرط منذ بعض الوقت في دعم الثوار تحت «قيادة العمليات الخاصة المشتركة»، غير أنه إذا تم توسيع المهمة، سيكون من الجيد دعوة المتطوعين من الاحتياطيين الذين قاموا بالمهمة نفسها في العراق. القاعدة الثالثة: لا تعطوا أي شيء قد ترغبون في استرجاعه لاحقاً،وهذا يشمل الخبرات في تحديد أي أسلحة كيماوية قد تتم مواجهتها وكيفية التعاطي معها، إضافة إلى تقديم أي أسلحة محمولة مضادة للطائرات. والأرجح أن هناك عدداً كبيراً منها في سوريا أصلا، وبعضها أكثر فعالية من نموذجي 9 كي 32 (ستريلا 2) أو سام 7 القديمين اللذين استُعملا من قبل بعض الإرهابيين ضد طائرات مدنية. ومهما يحدث، فإن النظير الأميركي لهذه الأسلحة – النسخة الحالية من «فيم 92 ستينجر» – لا يمكن تقديمه على اعتبار أنه أكثر فتكاً من النسخة الأصلية التي استُعملت بنجاح كبير ضد القوات السوفييتية في أفغانستان. القاعدة الرابعة: لا تثر رداً معادلا ومعاكساً من قبل قوة عظمى أخرى. إن احتمال وقوع تصعيد جذري يحيلنا بشكل فوري إلى القاعة الرابعة، التي يمكن أن تشكل أيضاً القاعدة الأولى، أو القاعدة الأهم: ضرورة عدم القيام بأي شيء، ولا حتى تقديم أصغر الأسلحة الصغيرة، بدون جهد جدي وحقيقي للتوصل إلى نوع من التفاهم مع روسيا، التي لا يمثل الأسد بالنسبة لها حليفاً من بين مجموعة من الحلفاء، وإنما حليفها العسكري الوحيد الموجود حالياً. فبعد أن تعرضت للخداع بخصوص ليبيا، التي تم فيها تحويل منطقة حظر جوي بشكل غير قانوني إلى منطقة حرب، سيرغب الروس في تعويض ذلك في سوريا إذا ما قرروا التعاون أصلا، ومن ذلك استمرار الأسد في لعب دور، وإن كان صغيراً. وهذا أمر لن يرضي المتعصبين السنة ولكن يفترض أن يرضي واشنطن، التي لا تشكل هزيمة الثوار أو انتصارهم نتيجة ناجحة بالنسبة لها. لكن مقابل الإبقاء على الأسد، سيتعين على الروس تأمين المقابل الضروري بالنسبة لواشنطن: قطيعة واضحة ونهائية مع إيران و«حزب الله». القاعدة الخامسة والأخيرة: حددوا بعض القواعد لـ«نهاية اللعبة». وهي قاعدة تعكس تجربة أكثر مرارة: فمهما يحدث، وبالخصوص إذا انهار النظام، من الضروري التمييز جيداً بين الحكومة التي ينبغي أن تُطهر والدولة التي يجب الحفاظ عليها. وهذا يشمل مؤسسات مثل الجيش والشرطة، إضافة إلى وزارة الزراعة وغيرها. فتحت آل الأسد، أيدت عقود من الحكم البعثي صعود العلويين والمسيحيين والدروز والإسماعيليين في البيروقراطية السورية. غير أنه إذا أثبتت الأسلحة الأميركية أنها العامل الذي يمنح الثوار السنة الانتصار، وإذا استعملها السنة كلها، فإن الدولة السورية ستتفكك – مع كل النتائج الكارثية التي شاهدناها في العراق. ذلك أن الجنود وأفراد الشرطة الذين لا يتلقون رواتبهم يصبحون متمردين ورجال عصابات؛ والخدمات والمرافق العامة مثل الماء والكهرباء تتعرض للتخريب والتدمير، وتزدهر الفوضى والطائفية. والحقيقة أن واقع الحال اليوم يشير إلى أن سوريا قد تتفكك إلى دويلات إثنية بعد الأسد؛ غير أنه إذا حلت أجهزة الدولة، فإن الفوضى التي ستعقب ذلك ستكون بئيسة بشكل خاص وعنيفة على نحو لا يمكن السيطرة عليه، مع الكثير من العواقب الكارثية بالنسبة للجميع. والأكيد أن آخر ما يحتاجه الشرق الأوسط هو صومال آخر. ولهذا، يجب أن يقال للثوار منذ البداية إنهم إذا شرعوا في تسريح موظفي الدولة بشكل جماعي (مثلما حدث في العراق وأفغانستان)، فإن كل المساعدات ستُقطع. لقد أظهرت إدارة أوباما حذراً وضبطاً للنفس في التعاطي مع سوريا حتى الآن. وبعد النجاحات التي حققها النظام في مواجهة الثوار مؤخراً، فإنها تستطيع أن تجادل على نحو مقنع بضرورة تقديم بعض المساعدة للثوار من أجل الحؤول دون تحقيق إيران و«حزب الله» النصر. لكن حتى قي تلك الحالة، فإن المرء يأمل أن تحافظ على حذرها وتأخذ هذه القواعد الخمس في عين الاعتبار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©