الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المجالس بلا لغو ومعصية.. إصلاح للفرد والمجتمع

8 يوليو 2014 00:23
الإنسان اجتماعي بطبعه، لا مفر له من مخالطة الناس والاجتماع بهم، ومن ثم تأتي الحاجة للمجالس، وقد شرع الإسلام لها عدة آداب، جاء بها ورغب فيها وحث على التخلق بها، وينبغي للمسلم أن يراعيها ففيها إصلاح الفرد وإصلاح المجتمع وتقوية العلاقة بين أفراد الأمة المسلمة، وتعود هذه الآداب على الفرد بصلاح قلبه وأعماله وتعود على المجتمع بارتباطه واجتماعه. ومن خلال الآيات والسنة المطهرة وضع العلماء والمفسرون هذه الآداب وأولها الاستئذان، فعلى من يريد الحضور الحرص عليه حتى لا يكون متطفلاً على المجلس وأهله، فإن أذنوا له دخل وإلا انصرف، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، «سورة النور: الآيتين 27 - 28»، فإذا دخل بعد إلقاء التحية، فإن كان للمجلس ترتيب سابق، ونسق محدد، جلس حيث رغب صاحب المجلس، أو حيث يقتضي النظام، وإن لم يكن الأمر كذلك، فإن عليه أن يجلس حيث ينتهي به المجلس، ولا يترك المكان الخالي ليزاحم الجالسين في أماكنهم، وقد عود النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الجلوس دون تخطي الرقاب أو قصد صدر المجلس، وإن كان الجلوس متحلقين على شكل دائرة، فإنه لا يجوز لأحد أن يأخذ وسطها، وقد ورد في الحديث النهي عن ذلك. باب الاحترام أما قيام الجالسين لمن يدخل المجلس فهو من باب الاحترام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار لما جاء سعد بن معاذ رضي الله عنه: «قوموا إلى سيدكم»، فالقيام الذي فيه الاحترام والتقدير ليس فيه بأس، فإذا قدم إنسان من أهل العلم ينبغي على صاحب البيت أن يضعه في المكان الذي يليق به وهذا من السنة لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «أنزلوا الناس منازلهم»، وعندما قدم وفد عبد قيس على النبي، رحب بهم وأوسع لهم وقرب زعيمهم المنذر بن عائد وأقعده عن يمينه، بعد أن رحب به، قال ابن الجوزي وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لا يقومون له لما يعرفون من كراهته لذلك. ليس لأحد جلس في مكانه أن يقوم منه لأجل غيره، وكذلك ليس لمن دخل أن يقيم غيره ليقعد مكانه، احتراما لمن سبق، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به». فإن كان المجلس ضيقا فالسنة أن يتفسح أهل المجلس، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ...)، «سورة المجادلة: الآية 11»، يقول العلامة المفسر عبدالرحمن بن سعدي، هذا أدب من الله لعباده إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم واحتاج بعضهم للتفسح، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود، وليس ذلك بضار للفاسح، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه والجزاء من جنس العمل؛ لأن الله قال: «يفسحِ الله لكم» ما دمت قد فسحت لأخيك فالله يجازيك بنفس الجزاء والفعل وهذا يدل على فضل الله عز وجل. ويجب أن لا يطيل من في المجلس بأكثر من المعتاد، ليفسح لغيره، وذلك في مثل التعزية وعيادة المريض والأعياد ونحوها، بل يفسح لغيره بالانصراف بعد انتهاء القصد من المجلس. نهي نبوي وقد نهى الإسلام أن يجلس الرجل بين اثنين متجاورين يتناجيان، لما في ذلك من التطفل عليهما وإيذائهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما»، وفي مقابل هذا الأدب فقد جاء النهي النبوي عن أن يلجأ اثنان في مجلس فيه ثالث إلى النجوى سراً، فإن في ذلك إشعارا بقطيعة الثالث أو إهماله، أو ربما وسوس إليه الشيطان أنهما يتكلمان عليه أو ينالان منه. ومن آداب المجلس في الإسلام ألا يخلو من ذكر الله سبحانه، كالتسبيح أو التهليل أو التحميد أو الاستغفار، وإن كان المجلس لأمر دنيوي كأن كان يبحث أمراً اقتصادياً أو سياسياً أو حسابياً أو نحو ذلك فليفتتح بشيء من ذكر الله، وليختم كذلك بمثله حتى لا يستحوذ عليه الشيطان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم ترة «أي نقص وتبعة»، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم»، ومن هذا الأدب النبوي الرفيع ما كان يعلم النبي أصحابه أن يختموا مجالسهم به، مما يسمى كفارة المجلس. والحوار يكون بأدب فلا نقاطع المتكلم وإنما ننصت له، ولا نتكلم فيما لا نعلم، ونختار من الكلام ما يناسب المجلس، ونجعله بحدود فلا نزيد ونطيل حتى لا يمل السامع، والمجالس بالأمانات، فعلى من حضر مجلساً أن يحفظ أسراره ولا ينقل أخباره، وإلا كان ذلك غيبة أو نميمة، قال الإمام المناوي إن المجالس الحسنة، إنما هي المصحوبة بالأمانة أي كتمان ما يقع فيها من التفاوض في الأسرار فلا يحل لأحد من أهل المجلس أن يفشي على صاحبه ما يكره إفشاؤه. القاهرة (الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©