وجهت الحكومة السورية امس تحذيرا مباشرا الى الغرب وتحديدا اوروبا من التدخل في شؤونها الداخلية والعمل على اثارة الفوضى والفتنة، مشبهة العقوبات بأنها "توازي الحرب"، ومستبعدة في الوقت نفسه أاي تدخل عسكري أجنبي او فرض منطقة حظر طيران ضدها، ومطالبة الجارة تركيا بإعادة النظر في مواقفها.
وإذ المحت على لسان وزير الخارجية وليد المعلم وللمرة الاولى الى احتمال تورط تنظيم "القاعدة" الارهابي في جانب من اعمال العنف في سوريا، نفت بشكل قاطع تلقي اي مساعدات من ايران او "حزب الله" اللبناني لمواجهة الاحتجاجات.
جاء ذلك، في وقت اتهم فيه ناشطون حقوقيون امس قوات الامن السورية بمداهمة المدينة الجامعية في دمشق، واعتقال اكثر من 100 طالب اضافة الى توقيف العشرات في دير الزور وحي ركن الدين في العاصمة وقرية الحميدية التابعة لطرطوس وقرية في ريف دمشق.
وقال المعلم تعليقا على ردود الفعل الغربية المنتقدة لخطاب الرئيس السوري بشار الاسد الاثنين "كفوا عن التدخل في الشان السوري.. لا تثيروا الفوضى ولا الفتنة"، واضاف في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون السوري "ان العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على سوريا توازي الحرب".
وانتقد المعلم اوروبا خصوصا، وقال "مع الاسف منذ اندلاع الازمة في سوريا لم يأتنا مسؤول اوروبي واحد ليناقش معنا ما يجري.. هم اعتمدوا على معلومات تصلهم من خارج سوريا وبدأوا طرح سلسلة عقوبات.. انهم يستهدفون لقمة عيش المواطن السوري وهذه توازي الحرب".
واشار الى ان دمشق تدرس تعليق عضويتها في الاتحاد من اجل المتوسط، وقال "سننسى ان اوروبا على الخارطة وسأوصي قيادتي بتجميد عضويتنا في الاتحاد من اجل المتوسط.. دمشق جمدت اتفاقية حوارنا من اجل الشراكة الاوروبية وسنتجه شرقا وجنوبا والى كل اتجاه يمد يده الى سوريا.. العالم ليس اوروبا فقط، وسوريا ستصمد كما صمدت في 2003 وكما كسرت العزلة انذاك وهي قادرة على تخطيها.. الشعب السوري بروحه الوطنية العالية قادر على صنع مستقبله بعيدا عنكم.. ليس لاحد من خارج العائلة السورية ان يملي او يطلب، ونرفض التدخل في الشأن الداخلي".
واستبعد المعلم اي تدخل عسكري أجنبي في سوريا او فرض منطقة حظر طيران فوقها، قائلا "إن سوريا ليس فيها ما يغري"، واتهم الدول المشاركة في عمليات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا بأنها ستعوض ما أنفقته في لبيبا من خلال النفط"، مستشهدا على ذلك بأن "الكونجرس يطالب العراق الآن بدفع نفقات الاجتياح".
ودعا وزير الخارجية السوري فرنسا الى التخلي عن التحريض وسياسة الاستعمار تحت ستار حقوق الانسان منتقدا بشكل خاص وزير خارجيتها آلان جوبيه، وقال "ان "افكار جوبيه قد تكون مستقاة من تاريخ فرنسا الاستعماري.. لن اتوقف كثيرا عند ما يقول جوبيه، هذا الشيء او ذاك ويوزع الشرعية على هذا الزعيم او ذاك، هذا الرجل ما زال يعيش في اوهام الحقبة الاستعمارية لفرنسا ولن يكون له تأثير في الشأن السوري اطلاقا".
وتوجه المعلم الى الجارة تركيا معبرا عن حرص سوريا على افضل العلاقات مها، داعيا المسؤولين الاتراك الى اعادة النظر بمواقفهم. وقال "ان الاصدقاء الذين سمعوا خطاب الاسد واداروا ظهورهم له، عليهم ان يعيدوا النظر في موقفهم.. نحن حريصون على افضل العلاقات مع الجارة التركية". مشيرا الى وجود اكثر من 850 كيلومترا من الحدود المشتركة "يؤثرون عليها ونؤثر عليها"، مؤكدا "لا نريد ان نهدم سنوات من الجهد الذي قاده الاسد لاقامة علاقة مميزة استراتيجة مع تركيا.. ارجو ان يعيدوا النظر في موقفهم".
وقال المعلم "ان لديه ما يثبت ان الخيام في تركيا نصبت قبل اسبوع من دخول الجيش السوري الى مدينة جسر الشغور وان مسلحين اجبروا العائلات الى هجر مدينتهم". واضاف "ارسلنا نداء لعودتهم وقمنا بإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها المخربون واعيدت المياه والكهرباء والاتصالات".
وعبر عن الامل "في أن يعمل الاصدقاء الاتراك على التعاون لعودة هؤلاء آمنين الى بيوتهم ونحن نكفل حسن معيشتهم". ونفى ان يكون اي شخص عاد الى منزله تم اغتياله او اعتقاله او كما قيل اغتصابه"، وقال "انهم آمنون فهذه اعلى سلطة في البلاد تعطيهم الامان".
والمح المعلم للمرة الاولى الى ان مقتل بعض أفراد الأمن يشير إلى أن تنظيم "القاعدة" ربما كان وراء جانب من اعمال العنف في سوريا، وقال ردا على سؤال عن اعتقال السلطات العراقية عددا من عناصر التنظيم قادمين من سوريا "ان بعض الممارسات التي شاهدناها في بعض المحافظات من قتل لعناصر الامن وتمثيل بجثثهم يعطي مؤشرا الى ان مثل هذه الاعمال تقوم بها القاعدة.. لا انفي او اؤكد انهم يتنقلون عبر الحدود الواسعة واملي ان يكون الخبر صحيحا، وان السلطات العراقية القت القبض عليهم".
ونفى المعلم في الوقت نفسه نفيا قاطعا اي تدخل ايراني او من "حزب الله" في مواجهة المحتجين في سوريا، لكن هناك دعما سياسيا من جانبهما لتجاوز الازمة ودعم الاصلاحات، وقال ردا على سؤال حول موقف الدول العربية "لكل قطر عربي أوضاعه الداخلية بسبب رياح التغيير ولا أريد أن أقول كم الاتصالات التي جرت معنا للتعبير عن مساندة القادة العرب لنا". لكنه اتهم الأمين العام المنتهية ولايته للجامعة العربية عمرو موسى بالاهتمام بالشأن السوري لأطماعه الانتخابية، حيث ينوي الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية.
وأكد وزير الخارجية السوري أنه لا توجد أي اتصالات مع إسرائيل ووصفها بأنها هي العدو وستظل كذلك طالما الاحتلال قائم، واضاف "أقول إن شبابنا وشباب فلسطين الذين حاولوا عبور السياج الفاصل أرادوا أن يقولوا إنه ليس هناك عملية سلام.. الحقوق يجب أن تؤخذ كما سلبت.. إسرائيل ستبقى هي العدو طالما الاحتلال قائم.. إسرائيل تستغل ما يجري من أحداث وبدأت إقامة جدار عازل في الجولان تحت أنظار وسمع أولئك الذين يدعون حرصهم على سوريا".
واكد المعلم ان سوريا ستقدم نموذجا ديمقراطيا غير مسبوق صنعه السوريون بأيديهم وعبر حوارهم الوطني"، واضاف "ستكون هناك عدالة اجتماعية ومساواة امام القانون ومحاسبة للمقصرين.. سنقدم نموذجا من الديمقراطية غير مسبوق في منطقتنا". وحث السوريين الراغبين في التغيير إلى المشاركة في الحوار، وقال "تعالوا للحوار وامتحنوا الإرادة والجدية السورية أما أن تجلسوا خارج قاعة الحوار وتحرضوا على التظاهر فهذا لا يخدم سوى أعداء سوريا". وأكد أن خطاب الأسد تضمن الكثير من الأشياء الهامة كتعديل الدستور. كما شدد على ضرورة أن يشارك جميع السوريين في الحوار الوطني، مشيرا إلى أن التعديلات الدستورية المقترحة التي جرى نشرها على الصفحة التشاركية الخاصة بمجلس الوزراء شارك فيها تسعة آلاف سوري في الثلاث الساعات الأولى.
إلى ذلك، ذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان قوات الامن دهمت بعنف المدينة الجامعية في دمشق واعتقلت اكثر من مئة طالب"، مشيرا الى حدوث عدة اصابات في صفوف الطلاب عندما انهال رجال قوى الامن واعضاء من اتحاد الطلبة الموالي للنظام عليهم بالضرب".
واضاف عبد الرحمن "ان قوات الامن قامت بحملات مداهمة واعتقلت عددا من الاشخاص في دير الزور (شرق)، وحي ركن الدين في دمشق وقرية الحميدية التابعة لمدينة طرطوس (غرب) وقرية حمورية (ريف دمشق)"، دون ان يتمكن من تحديد عدد المعتقلين. كما اشار الى انباء عن احراق عدد من المنازل في قرية الحميدية اثناء المداهمة، لافتا الى انه لم يتمكن من التأكد من صحة هذه المعلومة. وذكر ان قوات الامن اطلقت النار مساء الثلاثاء لترهيب متظاهرين في احياء الخالدية ودير بعلبة وبابا عمر وباب السباع والبياضة في حمص، منعا لمشاحنات بين تظاهرات مؤيدة للرئيس الاسد واخرى مناهضة له".
قوات الأمن السورية تقمع تمرداً في سجن الحسكة
دمشق (وكالات)- ذكر معارض سوري أمس أن تمرداً لسجناء وقع مساء أمس الأول داخل سجن الحسكة المركزي شمال شرق سوريا احتجاجاً على العفو الرئاسي الصادر الذي لم يشمل سوى 12 سجيناً من أصل أكثر من الفين من نزلاء السجن. ونقل عن أحد السجناء المفرج عنهم "أن السجناء كانوا قد قرروا مسبقاً بالتمرد إذا لم يشملهم العفو"، لافتاً الى أنهم كانوا بانتظاره". وقال شهود عيان "إن عملية أمنية كاملة شاركت فيها قوات الشرطة وحفظ النظام وعناصر من قوات الأمن تواصلت حتى ساعات متأخرة من الليل"، وأشاروا الى أن منطقة غويران التي يقع فيها السجن مطوقة. وأضافوا "أن قوات الأمن التي اقتحمت السجن بدأت بإطلاق النار بشكل مكثف كما أشار إلى توزع قناصة على الأبنية المجاورة للسجن". وقالوا "إن السجناء احتجزوا ضابطاً وعدداً من عناصر الشرطة كرهائن مقابل تلبية طلباتهم وشمولهم بالعفو". وأوضح أحد السجناء المفرج عنه طالباً عدم الكشف عن اسمه "أن السجناء أحرقوا أحد المهاجع الرئيسية وكسروا عدداً من الأبواب وجداراً يطل على الباحة الرئيسية". وأكد رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي "أن قوى الأمن لا تزال تحاصر السجن وتمنع أهل السجناء من الاطمئنان عليهم"، وأضاف "هناك حالة من القلق تسود عائلات السجناء حيال مصير أبنائهم الموجودين بالداخل وبخاصة في ظل تأكيد وقوع ضحايا بين قتلى وجرحى"، مشيراً الى عدم التأكد من عدد الضحايا.
عدد اليوم
