السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تذكرة سفر للمريخ

تذكرة سفر للمريخ
21 يونيو 2013 20:56
بالتأكيد لا أذكر ذلك، فقد كنت في الصف الابتدائي الأول -ترفيع صف ثاني - لكني مذ عرفت ذلك في مرحلة المراهقة ربما، صرت واحداً من المعجبين بتلك الفتاة الرائعة التي دارت حول العالم. كان الأحد الماضي 16 يونيو، الذكرى السنوية الـ50 لتحليق أول رائدة فضاء في العالم وبطلة الاتحاد السوفييتي فالينتينا تيريشكوفا. ?نفذت تيريشكوفا 48 دورة حول الأرض على متن مركبة الفضاء «فوستوك-6» في 16 يونيو1963، وقضت ثلاثة أيام تقريباً في الفضاء الخارجي. ?وسماها كبير المصممين الفضائيين السوفييت سيرغي كوروليوف بـ»تشايكا» أي النورس. وفي لقاء بهذه المناسبة ، أعلنت تيرشكوفا (76عاما) عن استعدادها للذهاب إلى المريخ، على طريقة (ون وي تيكت) برحلة من دون عودة، من أجل المزيد من الاكتشاف. الذي لفت نظري، إضافة إلى شجاعة فالنتينا في السفر بلا عودة. شجاعتها في مجال نقد الذات، والاعتراف بالخطأ، حتى لو جاء هذا الاعتراف متأخراً نصف قرن بالكامل . قالت تيرشكوفا يوم الأحد الماضي :»إن حالة طوارئ حدثت في اليوم الأول للرحلة التاريخية وقد أبلغت الأرض عنها.وأشارت إلى أنه عند الهبوط تم وضع برنامج خطأ، أعطى أمراً بالارتفاع بدلاً من الهبوط، ثم قالت إنها أبلغت الأرض عن الخطأ «ثم وصلتني البيانات الجديدة، ووضعتها في جهاز الكمبيوتر، وتم الهبوط بنجاح» ما لفت نظري في الموضوع هو أن تيرشكوفا أخفت – كما قالت – هذه المعلومات استجابة لطلب كبير مصممي الصواريخ وتكنولوجيا الفضاء سيرغي كوروليوف. وهذا هو بيت القصيد. استدرك بأنني من الممكن أن أبرر جزئياً لرائدة الفضاء المحترمة هذا الإخفاء للمعلومة،؟ على قاعدة التنافس والصراع بين الاتحاد السوفييتي أميركا في كل المجالات آنذاك. لكن للأسف الشديد يبدو أن هذا الإخفاء.. تحول من خانة الحالات الطارئة إلى جميع الحالات في كل المجالات . العامل الفني يخفي الخطأ إذا لاحظه خلال تصنيع البرغي، ومراقب العمال يخفي الموضوع حتى لا يضطر للعمل ساعة إضافية بلا أجر، والمهندس يتجاهل الموضوع ومدير المصنع ينسى الموضوع. يذهب البرغي – وهو مثال ساذج- إلى مركبة الفضاء، يتجاهل المهندس الصغير الانحراف في البرغي وسوء مصنعيته، على أساس أنه مجرد برغي صغير في مركبة عملاقة، ويرى كبير المصممين الخطأ في البرغي، لكن العد التنازلي لرحلة المركبة يكون على وشك الشروع. وهكذا تصعد مركبة الفضاء، ويحدث أول خطأ خلال الدوران حول الكرة الأرضية، حيث تبين أن مركبة الفضاء تبتعد قليلاً عن الأرض كل دورة حولها، وهذا غير مسموح، لأن 48 دورة حول الأرض تعني الخروج من مجال الجاذبية إلى الفضاء المظلم، ويتم إصلاح هذا الخطأ بعد جهد جهيد. وعند اقتراب المركبة من منطقة الهبوط ،أعطى الكمبيوتر أمراً بالصعود بدل الهبوط، وهو خطأ فادح، لكن رائدة الفضاء تمكنت من السيطرة عليه. ولما هبطت المركبة بنجاح، طلب منها كبير المهندسين عدم التحدث حول الأخطاء مطلقاً. أطلت بلا داعي، من أجل أن أصل إلى بيت القصيد، فإن هكذا أخطاء تراكمت وتراكمت.. كتلاً من الأخطاء غير المعلن عنها، وغير المعترف بها، ألى أن غطت مساحة الاتحاد السوفييتي بأكمله، فسقط وتهاوى مثل (شمبر اللوكس). هذا البرغي الصغير دمر الاتحاد السوفييتي بعد ربع قرن ونيف، أما نحن في العالم العربي الكبير، فإننا نرتكب الأخطاء بالمجرفة، وفي كل مكان..!! نحتاج إلى شجاعة.. إلى توقف لحظة.. والتفكير لحظة.. قبل أن نتهاوى مثل شمبر اللوكس. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©