الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفاقم كابوس ليبرمان

15 فبراير 2009 01:44
الراهن أن إسرائيل في طريقها إلى أن تصبح بلداً يمينياً· تلك هي أهم خلاصة يمكن استخلاصها من نتائج انتخابات يوم الثلاثاء الماضي التي اختارت خلالها أغلبية واضحة من الإسرائيليين أحزاب اليمين مرة أخرى· فخلال الحملة الانتخابية لم يتبن أحد شعارات رابين، ولا حتى مرشح حزب ''العمل'' إيهود باراك، لأن جميع المرشحين الرئيسيين كانوا يدعمون حرب غزة الأخيرة· وقد تأتت النتائج المرتفعة التي حققها زعيم حزب ''الليكود'' بنيامين نتانياهو بفعل آرائه التي يرى فيها أن الحرب، وإن كانت محل ترحيب، إلا أنها لم تكن كافية وجاءت متأخرة· وبعبارة أخرى، لم تكن ديباجات الحملة الانتخابية لهذا العام مختلفة كثيراً عن حملات انتخابية أخرى سابقة: التعصب القومي، الشعبوية، إشاعة الخوف (حول الفلسطينيين ومشاعر معاداة السامية في العالم)؛ غير أن الانتخابات عرفت عنصراً جديداً واحداً ألا وهو ترشح أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب ''إسرائيل بيتنا'' وفوزه بـ16 مقعداً في الكنيست· فقد أدار ليبرمان حملة عنصرية صريحة وواضحة في معاداتها للعرب، حيث رفع شعار ''لا جنسية بدون ولاء'' ووعد بتطبيق هذا المبدأ عبر مطالبة العرب الذين يعيشون في إسرائيل بتوقيع التزام بالولاء للدولة اليهودية· والواقع أنه لا أحد يعرف كم من العرب سيقبلون بتوقيع مثل هذه الوثيقة، ولكن أن يكون الفلسطيني مواطناً إسرائيلياً مسالماً ومنتجاً شيء، وأن تتوقع منه أن يوقع وثيقة تنص على الولاء لإسرائيل كدولة يهودية شيء آخر مختلف تماماً· وعلاوة على ذلك، فهو أمر مهين، مثلما هو مقصود منه أن يكون أصلاً· ثم هناك مسألة ما سيحدث للعرب الذين لن يقبلوا التوقيع· نظرياً يمكن سحب جنسياتهم ليفقدوا بذلك حق التصويت، إلى جانب مزايا أخرى تكفلها الجنسية، مما يجعلهم مقيمين أجانب في أرض أسلافهم· غير أن الخبر السار يتمثل في أنه لن يتم تبني مخطط ليبرمان، في هذا الوقت الذي يساور فيه القلق إسرائيل بخصوص مستوى تعاطف الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الدولة اليهودية· وعلاوة على ذلك، فمن الصعب تخيل قبول أغلبية الإسرائيليين بقانون عنصري واضح من هذا القبيل· ومع ذلك، فإنه أمر مثير للقلق أن هذا المخطط هو الذي أكسب ليبرمان كل تلك الأصوات الإسرائيلية التي حصل عليها إلى درجة أن حزبه بات اليوم يتوفر على مقاعد أكثر من حزب ''العمل'' الذي قاد البلاد خلال العقود الثلاثة الأولى لنشأتها· ولكن لابد من التنبيه إلى أن سياسات ليبرمان ليست كلها يمينية، فهو يؤيد فصل الكنيس عن الدولة مثلًا، ووعد بتبني الزواج المدني ونهاية الاحتكار الأرثوذكسي للسيطرة على كل المسائل المتعلقة بالديانة اليهودية· بل إنه يؤيد حل الدولتين الذي ينظر إليه كوسيلة للحفاظ على النقاء العرقي أكثر منه كوسيلة لصنع السلام· فهو مستعد لقبول دولة صغيرة طالما أنها يهودية· بيد أن آراءه ومواقفه المناوئة للعرب هي التي أكسبته هذا العدد الكبير من الأصوات· فناخبوه معجبون على ما يبدو بتعهده بمعاملة الأعضاء العرب في الكنيست كـ''متعاونين'' ينبغي التعامل معهم على النحو الذي تم التعامل به مع من تعاونوا مع النازيين· كما أنهم معجبون بتعهده بـ''فصل الدولتين وقيام بلدين متجانسين''، ويتفقون على أن ''أكبر مشكلة في القرن الحادي والعشرين تكمن في كيفية التعامل مع الأقليات؛ ففي كل بلد حيث توجد لغتان ودينان وعرقان، يوجد نزاع''· وباختصار، يمكن القول إن ليبرمان هو المعادل الإسرائيلي ليورج هايدر النمساوي أو جان ماري لوبين الفرنسي؛ ومن شبه المؤكد أنه سيكون جزءاً من الحكومة المقبلة· غير أن ذلك قد لا يؤثر على عملية السلام على اعتبار أن مصير هذه الأخيرة لا يعتمد على تشكيلة الحكومة الإسرائيلية المقبلة بقدر ما يعتمد على مستوى تصميم أوباما وعزمه· وقد سبق لأوباما أن أشار إلى أنه يريد أن تلعب الولايات المتحدة دور ''الوسيط الصادق'' بين الإسرائيليين والفلسطينيين بدلًا من الاستمرار في التصرف كـ''محام لإسرائيل''، مثلما وصف المبعوث السابق إلى الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر الموقف الأميركي في عهد إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش الابن· إم· جي· روزنبرج كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©