السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المضاعفات المرضية والعجز والوفاة نتائج حتمية للبدانة

المضاعفات المرضية والعجز والوفاة نتائج حتمية للبدانة
20 يونيو 2012
باتت السمنة وباء يهدد العالم، وهناك مليار نسمة ممّن يعانون من فرط الوزن، وبحسب منظمة الصحة العالمية، سيرتفع هذا العدد إلى أكثر من 1.5 مليار نسمة بحلول عام 2015 إذا لم تُتخذ أيّة إجراءات للحيلولة دون ذلك. وقد تناولنا في الجزء الأول من الموضوع فعاليات برنامج مكافحة السمنة عند الأطفال، والذي تم تنفيذه مع بداية نوفمبر 2011، في إطار الحملة التي أطلقت على نطاق واسع في المجتمع وشملت المدارس بكل مراحلها استهدفت رفع مستوى الوعي المجتمعي تجاه القضايا الصحية السائدة على الساحة العالمية والإقليمية والمحلية، وكيفية التعامل الأمثل معها بدءاً من مرحلة الوقاية وكيفية التعامل مع الكثير من الأمراض التي باتت تهدد حياة الناس، ومن ثم رفد الوعي الصحي إزاء العادات الاجتماعية المتعلقة بالنظام الغذائي اليومي وضغوط الحياة، والممارسات الغذائية الضارة وعلاقة التقدم التكنولوجي بصحة الأطفال والأسرة. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ ما حقيقة السمنة؟ وما هي مسبباتها، وما علاقتها بالغذاء والطاقة والنمط الغذائي للفرد ونشاطه اليومي؟ وكيف يمكن قياس السمنة؟ ومدى علاقتها بأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض المفاصل والأربطة والجلد؟ الدكتور قيس أبوطه، استشاري ورئيس قسم السكري والغدد الصماء بمستشفى الشيخ خليفة الطبية، زميل الجمعية البريطانية للأمراض الباطنية، يوضح حقيقة السمنة، ويقول:” ببساطة السمنة أو البدانة عبارة عن زيادة وزن الجسم عن حده الطبيعي نتيجة تراكم الدهون فيه، وهذا التراكم ينتج عن عدم التوازن بين الطاقة التي يستمدها الإنسان من تناول الطعام، والطاقة التي يستهلكها الجسم بصورة طبيعية. فأي غذاء يحتوي على كربوهيدرات، ودهون، وبروتينات، ومعادن وفيتامينات وماء، ولكل عنصر من هذه العناصر دور هام في إمداد الجسم بالطاقة. وتختلف الأغذية في محتوياتها من هذه العناصر فبعض الأغذية تحتوي على جميع العناصر الغذائية لكن بنسب متفاوتة في حين أن بعضها تحتوي على عنصر واحد أو عنصرين فقط، فمثلا الفواكه تحتوي على الكربوهيدرات أكثر من أي عنصر آخر، والخبز والحليب يحتوي على الكربوهيدرات أكثر ثم البروتينات فالدهون، واللحوم تحتوي على البروتينات أكثر ثم الدهون فالكربوهيدرات، والسكر يحتوي فقط على الكربوهيدرات. تحول الدهون يكمل الدكتور أبوطه:” إذا ما تناول الإنسان الكربوهيدرات فإنها تتحطم في جسم الإنسان إلى سكريات أحادية بسيطة “الجليكوز” ليستخدم مباشرة كوقود ليمد جسم الإنسان بالطاقة، كما يخزن جزء منه في الكبد على صورة “جلايكوجين”، وما زاد عن الحاجة بعد ذلك يتحول إلى دهون تخزن في الأنسجة الدهنية للجسم. أما البروتينات فإنها تتحلل إلى مركبات بسيطة تمتص إلى الأنسجة والعضلات أو أنها تتحول إلى جليكوز لاستخدامه كطاقة فورية، أو أنها تتحول إلى دهون تخزن في الأنسجة الدهنية لجسم الإنسان. وتحسب الطاقة بما يسمي بالسعرات الحرارية، فكل حركات جسم الإنسان الإرادية أو الغير إرادية تقاس بهذا المقياس، وهي الحرارة المطلوبة لرفع درجة حرارة واحد كيلو جرام من الماء درجة مئوية واحدة، علما بأن كل جرام واحد من الكربوهيدرات أو البروتينات يعطي حوالي أربع سعرات حرارية وكل جرام من الدهن يعطي حوالي تسع سعرات حرارية. وعادة ما يحتاج الإنسان العادي المتوسط الوزن حوالي 2960 سعرا حراريا”. ويضيف الدكتور أبوطه:” من المؤكد أن التهام الغذاء بسعرات حرارية عالية مع عدم صرف هذه السعرات يؤدي إلى تراكم الدهون في جسم الإنسان علما بان الدهون لها كفاءة أعلى من الكربوهيدرات والبروتينات في التكتل في أنسجة الجسم الدهنية. كذلك قلة النشاط والحركة، فلا شك أن النشاط والحركة لها فائدة كبيرة في تحسين صحة الإنسان، أيضاً العوامل النفسية، فحين يتعرضن لمشاكل نفسية قاسية ينعكس ذلك في صورة التهام الكثير من الطعام. أيضاً هناك اختلال الغدد الصماء، وهو السبب الملائم دائما في حالات السمنة، دون أن نغفل العامل الوراثي. تداعيات السمنة استشاري أمراض القلب الدكتور عبد الله النعيمي، يشير إلى أن هناك علاقة تتعلق بطبيعة ونوع الغذاء الذي يتناوله الشخص البدين، وأمراض القلب، حيث أنه يميل إلى تناول الأغذية الغنية بالدهون أو المقلية أكثر من ميله لتناول البروتينات أو الكربوهيدرات، وتناول مثل هذه الأصناف يرفع نسبة الكوليسترول في الدم وهذا هو عامل الخطورة الأول لأمراض القلب، وكثير من الدراسات تؤكد أن استمرار السمنة لمدة تزيد عن 10 سنوات تزيد نسبة التعرض لأمراض القلب والموت المفاجئ، ومما لا شك فيه أن هناك علاقة قوية بين السمنة والسكري “غير المعتمد على الأنسولين”. ويكفي القول إن نسبة ارتفاع ضغط الدم بين البدينين تصل إلى ثلاثة أضعاف نسبته بين العاديين وأن تخفيض الوزن مع التقليل من تناول ملح الطعام عند مرتفعي ضغط الدم حسن حالة ضغطهم في حدود تصل إلى 50%. كما أن السمنة تمثل حملاً زائداً أيضا على مفاصل الجسم وأربطته ويظهر ذلك في صورة آلام متعددة بالمفاصل، كما أنها تزيد كمية الانثناءات في الجلد، ويصبح الجلد أكثر عرضة للالتهابات والإصابات الفطرية والبكتيرية إلى جانب عدم تحمل الطقس الحار”. ويضيف الدكتور النعيمي:”إن اختيارات الأطفال ونُظمهم الغذائية، وعادات النشاط البدني التي يكتسبونها تتأثّر بالبيئة المحيطة بهم، ويمكن الوقاية من السمنة باتباع نظام غذائي صحي من خلال الحفاظ على وزن صحي، والحد من مأخوذ الدهون الإجمالي والتحوّل من استهلاك الدهون المشبّعة إلى الدهون غير المشبّعة، وزيادة استهلاك الفواكه والخضر والبقول والحبوب غير المنزوعة النخالة ومختلف أصناف الجوز وأخيرا الحد من مأخوذ السكر والملح. كما أن ممارسة النشاط البدني بانتظام من الأمور التي تساعد على الحفاظ على وزن صحي، حيث ينبغي للناس ممارسة قسط كاف من النشاط البدني طيلة حياتهم، ذلك إنّ ممارسة النشاط البدني بانتظام وبوتيرة معتدلة طيلة 30 دقيقة في معظم أيام الأسبوع من الأمور التي تسهم في خفض مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والسكري، وقد يقتضى التحكّم في وزن الجسم ممارسة المزيد من النشاط البدني”. الطفولة والبدانة الدكتورة هند سليمان، أخصائية الأطفال، كيف يصبح الطفل بديناً؟ وأسباب البدانة عند الأطفال، وتقول:” معظم المشاكل الصحية المزمنة، تنجم البدانة الناجمة عن تداخلات بين تأثير الجينات والبيئة والسلوك أو العادات الطعامية. وقد أظهرت دراسات كثيرة أن ليس هناك فرق كبير في كمية الأغذية التي يتناولها الطفل البدين وبين النشاط البدني الذي يمارسه وبين تلك التي تخص الطفل غير البدين من الأطفال. لكن ربما خلاف بسيط في الأكل والنشاط طوال الوقت مع استعداد وراثي قد يصل في الحقيقة إلى اكتساب الوزن. والأطفال البدينون يميلون بشكل عام إلى تناول أنواع من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية خاصة تلك الحاوية على الدهون مثل البطاطا المقلية، والبسكويت والكيك وغيرها دون إدراك منه ومن أهله أنها تحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية. مثال على ذلك المشروبات الغازية أو غيرها من المشروبات المحلاة، التي تحتوي العبوة الواحدة منها ما يحويه نصف رغيف خبز من السعرات الحرارية. أما العامل الوراثي، فلم يتم حتى الآن العثور على مورثة حقيقية مسؤولة عن البدانة عند الأطفال. ويُرجِع العديد من الباحثين زيادة نسب البدانة في العائلة الواحدة إلى نمط التغذية الخاطئ أكثر من ربطها بالعامل الوراثي، ويكون عند الأطفال الناشئين في الأسر التي يكون فيها أحد الآباء بدينا خطر لان يكونوا بدينين. ربما كان هذا بسبب وجود مجموعه من الجينات والسلوك والعادات كما ذكرنا، ونادرا ما تكون السمنة ناجمة عن حالة صحيه خاصة و الأمراض التي يمكن أن تسبب مشاكل الغدد وبعض المتلازمات الوراثية قد تسبب البدانة. علاج البدانة من جانب آخر توضح الدكتورة هند سليمان علاج البدانة، وترى أن حتى الآن لا يوجد أي من الأدوية الجديدة يمكنها علاج السمنة ويمكن استخدامها عند الأطفال أو المراهقين لأن استخدامها يحمل الكثير من الأخطار فقد تؤثر على نمو الطفل وتسبب مضاعفات خطرة، ويبقى حجر الأساس هو تغيير عادات الطفل وعادات العائلة الغذائية، فالسمنة لا يمكن التخلص منها بين عشيه وضحاها، ولا نتوقع تغيرا كبيرا وسريعاً، إنما أفضل الطرق لعلاج السمنة قبل حدوثها هي الوقاية منها، وذلك بترسيخ عادات صحية سليمة، ويجب أن يشارك كل أفراد الأسرة في الحل، مع تشجيع النشاط البدني، وينصح بالقيام بنشاط رياضي معتدل لمدة 60 دقيقة كل يوم، ويختلف هذا البرنامج من طفل لآخر، إلى جانب العلاج السلوكي، ومنح الطفل أو المراهق مكافأة عن كل تخفيض للوزن أو تجنب طعام ما، ويجب ترك الطفل المشاركة في تحديد نوع المكافأة، وتشجيعه على انخراطه في بيئة اجتماعية تشجعه على تخفيض الوزن من الأصدقاء أو الأقارب أو مجموعة من المراهقين ممن يسعون لتخفيض الوزن”. استراتيجية منظمة الصحة العالمية تبيّن الاستراتيجية العالمية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والصحة، التي وضعتها منظمة الصحة العالمية واعتمدتها جمعية الصحة العالمية في عام 2004، الإجراءات اللازم اتخاذها لدعم اعتماد نُظم صحية وممارسة النشاط البدني بانتظام. وتناشد الاستراتيجية جميع أصحاب المصلحة اتخاذ إجراءات في هذا الشأن على الصعيد العالمي والصعيدين الإقليمي والمحلي، وترمي إلى الحد بشكل كبير من انتشار الأمراض المزمنة وعوامل الخطر الشائعة المرتبطة بها، وبخاصة النظام الغذائي غير الصحي والخمول البدني. ويدخل العمل الذي تؤديه منظمة الصحة العالمية في مجالي النظام الغذائي والنشاط البدني ضمن الإطار الإجمالي الخاص بالوقاية من الأمراض المزمنة ومكافحتها، الذي وضعته إدارة الأمراض المزمنة وتعزيز الصحة. والأغراض الاستراتيجية التي تنشدها الإدارة هي الدعوة إلى تعزيز الصحة وإلى الوقاية من الأمراض المزمنة ومكافحتها، وبخاصة صحة الفئات الفقيرة والمحرومة، والحد من تسارع الاتجاهات السلبية لعوامل الخطر الشائعة المؤدية إلى الإصابة بأمراض مزمنة، وعكس تلك الاتجاهات، وتوقّي الوفيات المبكّرة وحالات العجز التي يمكن تجنّبها والتي تحدث جرّاء الأمراض المزمنة الرئيسية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©