السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبهات حول اغتيال «أبو جهاد»

شبهات حول اغتيال «أبو جهاد»
22 يونيو 2011 20:22
خصص المؤلف الطاهر بن يوسف، وهو ضابط أمن متقاعد، جزءاً كبيراً من كتابه: “الممارسات الشيطانية لبن علي” لسرد وتحليل الدور الإسرائيلي في تونس خلال عهد الرئيس السابق، مؤكدا أن جهاز الموساد والحكومة في إسرائيل تابعوا الوضع في تونس لحظة بلحظة أثناء قيام الثورة، ففي الوقت الذي كانت الأحداث تتسارع يوم الجمعة 14 يناير2011، وعندما كانت وكالات الأنباء تعلن في مساء اليوم ذاته عن هروب الرئيس بن علي فإن تل أبيب ـ وفق ما جاء في الكتاب ـ كانت متخوفة على مصير 20 من خبراء الأمن الإسرائيلي الذين كانوا في تونس في إطار مهمة سرية تتعلق بما يسمى بـ”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. كشف الكتاب أن الاسرائيليين تحركوا بسرعة لإجلاء أولئك الخبراء حتى لا ينكشف وجودهم، وبالتالي تجنيبهم كلّ المخاطر التي قد تحدق بهم؛ خاصة وأن الثورة في تونس متأجّجة؛ ومن اجل ذلك استنفرت أطراف عديدة بوزارتي الدفاع والخارجية الإسرائيليتين إضافة إلى جهاز الموساد، وانطلقت الاتصالات والتنسيق مع مصالح أخرى خارجية رسمية إيطالية وفرنسية ومكتبي الموساد بهذين البلدين والفريق الأمني الصهيوني المتواجد بتونس. وكشف المؤلف انه وبعد سويعات فقط حطت يوم 15 يناير 2011 طائرة مدنية إيطالية بتونس (نشر الكتاب صورتها) وأخذت معها كامل الفريق الأمني الإسرائيلي باتجاه مطار أورلي الفرنسي حيث وجد في انتظاره طائرة تابعة لشركة “العال” الاسرائيلية أقلته مباشرة إلى مطار بن غوريون بتل أبيب. وإثر وصول أولئك الخبراء الأمنيين مباشرة أدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية “يوسي ليفي” بتصريح قال فيه: “إن المصالح الأمنية أرهقت نتيجة العملية”، مضيفاً أنّ “المسألة انتهت بسلام وتطلبت مجهودات إنقاذ ودقة وسرعة، وقد شاركت فيها وزارة الخارجية الإسرائيلية وأطراف أخرى” دون أن يسميها. ويؤكد المؤلف ان هذه الحادثة تظهر مدى التخوف الشديد الذي كان سائدا في إسرائيل على مصير هؤلاء الأشخاص الذين لو كانوا سياحا عاديين ـ مثلما روجت لذلك اسرائيل ـ لما بذلت كل تلك المجهودات والدقة والسرعة التي تحدث عنها “يوسي ليفي”. وقد تناولت عملية الإجلاء عدة محطات إذاعية إسرائيلية، وكذلك إذاعة “شالوم” بباريس لصاحبها اليهودي المغربي رجل الأعمال “روبير الصراف” والموقع الالكتروني “JSS News” الذي أورد بتاريخ 16 يناير2011 مقالاً في نفس الغرض تعرض فيه إلى تصريح المسؤول الإسرائيلي المذكور. وتؤكد مصادر أخرى أن أغلب أولئك العناصر كانوا يحملون جوازات سفر أوروبية مثلما حصل في عملية اغتيال القيادي الفلسطيني في حماس محمود المبحوح في دبي. استياء إسرائيلي وجاء في الكتاب ان سقوط بن علي اثار موجة من الاستياء لدى المسؤولين الإسرائيليين حتى ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو ترأس يوم الأحد 16 يناير2011 اجتماع ما يسمى في “إسرائيل” “المكتب الأمني” خصص لتقييم الوضع في تونس، وأكد خلاله أنه من الضروري استخلاص الدروس من هذا الحدث. وفي نفس السياق أدلى سيلفان شالوم وزير التنمية الجهوية في الحكومة الإسرائيلية في ذات اليوم (16 يناير2011) بتصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي عبّر فيه عن أمله في أن تبقى تونس دولة معتدلة، وأبدى في نفس الوقت تخوفاته من عودة قوية محتملة للحركات الإسلامية، وتوجه سياسيون إسرائيليون آخرون من أحزاب مختلفة باللوم للولايات المتحدة الأميركية على عدم وقوفها مع الرئيس المخلوع حتى يحافظ على السلطة في تونس. اغتيال ابو جهاد هذه الحادثة جعلها المؤلف مقدمة لاستعراض دور إسرائيل في تونس، وقد استعرض الكاتب خفايا عملية اغتيال القيادي الفلسطيني “أبو جهاد” خلال الليلة الفاصلة بين 16 و17 أبريل 1988 بتونس وما أثارته تلك الحادثة حول تواطؤ محتمل للرئيس المخلوع في إنجاح العملية. وفي هذا الصدد فإنّ اتهامات صريحة وجهت لـ بن علي مفادها أنه كان على علم بعملية الاغتيال ولعب دورا في الموضوع مما سهل لإسرائيل تنفيذ مهمتها بنجاح. وأورد المؤلف بعض القرائن التي تؤيد هذه القناعة بتورط الرئيس المخلوع ومن بينها: ? إجراء حملة أمنية بمنطقة “سيدي بو سعيد” (وهي المنطقة الذي يسكنها أبو جهاد) قبل تنفيذ عملية الاغتيال ببعض الوقت حتى تبقى شوارع البلدة خالية لتسهيل عمل الفريق الإسرائيلي. ? قطع التيار الكهربائي قبل تنفيذ عملية الاغتيال ببعض الوقت. ? عدم نشر نتيجة التحقيق الذي وعد به رئيس الدولة. ? تأكيد صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ضمن عددها الصادر في 4 يوليو 1997 بأن الفريق الإسرائيلي نفذ عمليته بتواطؤ مع موظفين سامين تونسيين في ذلك الوقت دون تسميتهم. ? عدم تحول بن علي إلى منزل أبو جهاد القريب من القصر الرئاسي بقرطاج عندما بلغه الخبر للإطلاع وتقديم التعزية إلى زوجته وابنته. مع العلم أن الرئيس المخلوع قام على إثر اغتيال أبو جهاد بإقالة المديرين العامين للأمن والحرس الوطنيين وأنشأ خمس إدارات عامة أمنية جديدة، حتى يوحي للرأي العام بأن قوات الأمن تتحمل قسطاً من المسؤولية في نجاح العملية الاسرائيلية. ويتساءل المؤلف: هل هي الصدفة أن تتم عمليتا ضرب مقر القيادة الفلسطينية بـ”حمام الشط” في 1 أكتوبر 1985 واغتيال أبو جهاد يوم 16 أبريل 1988 بكل نجاح وبن علي كان مديرا عاما للامن الوطني خلال العملية الأولى، ويرأس الجمهورية التونسية أثناء تنفيذ العملية الثانية؟. اختراق كمبيوتر بن علي ومن بين أسرار كثيرة كشف عنها مؤلف الكتاب جريمة ارتكبت سنة 1989 وتتمثل في اغتيال البوليس التونسي للشاب مروان بن زينب، واعتبر أن إماطة اللثام عن اسرار هذه الجريمة وكشف خيوطها يمثل دليلا على مدى التعامل المفضوح للرئيس المخلوع مع أجهزة “الموساد”. ومروان الذي كان شابا يافعا لم يبلغ الثلاثين كان موهوبا في مجال الابحار عبر شبكة “الانترنت” وقد نجح صدفة في اختراق لنظام الإعلامية الخاص برئيس الدولة واكتشافه لعلاقة بن علي بالموساد الإسرائيلي واطلاعه ـ في كمبيوتر بن علي الشخصي ـ على قائمة الاسرائيليين الذين يعملون بالتنسيق مع النظام البائد، وقد ذكرت فدوى بن زينب شقيقة الهالك ان اخيها أسر بالمعلومات التي اكتشفها إلى العائلة مبديا تخوفه على حياته التي أصبحت مهددة بعدما وشى به احدهم (تمت مجازاته بتعيينه وزيرا) الى الرئيس المخلوع، وفعلا تم اغتيال الشاب من طرف البوليس السياسي وعثر على جثة مروان بعد 10 أيام من اختفائه ببيت الأموات بمستشفى “شارل نيكول” بتونس، وكانت جثته مسجلة باسم شخص آخر للتمويه لقبه “القارصي”. وجاء في سبب الوفاة ان الميت تعرض إلى حادث مرور قاتل يتمثل في اصطدامه بالقطار؟. وتذكر شقيقة الشاب فدوى أنه تم تهديد والدها بتصفيته جسديا في حال تسرب خبر فقدان ابنه في ظروف مشبوهة، مؤكدة أنه (أي الوالد) أصيب إثر ذلك بجلطة دماغية جعلت منه إنسانا مقعدا وبقي على تلك الحالة سنتين ثم توفي. هذا ويؤكد شقيقه عدنان أنه يتذكر جيدا كيف جلب جثة مروان في صندوق بحضور عدد من رجال الأمن وطلب منهم عدم فتحه والتعجيل بعملية الدفن. وقد أجمع أفراد العائلة على أن المتوفي كان مصابا بفتحة كبيرة على مستوى الجمجمة مما يدل على انه تعرض للتعذيب. ومما يزيد في اقتناعهم بذلك هو رفض المطلب الذي كانوا تقدموا به في ذلك الوقت في خصوص تشريح الجثة. وقد تم بعد الثورة فتح تحقيق قضائي حتى يقع كشف الجناة وكل من يقف وراءهم لينالوا جزاءهم. مكتب اتصال اسرائيلي ويشير المؤلف إلى أن المفاوضات السرية التي جمعت بتونس بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وشخصيات إسرائيلية منذ أواخر الثمانينات إلى حد سنة 1994 كانت مناسبة مهمة لربط علاقات واتصالات بين الجانبين التونسي والإسرائيلي، وتبلورت تلك العلاقات بصفة رسمية بعد توقيع “اتفاقية غزة أريحا” في سنة 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتم فتح مكتبي اتصال احدهما تونسي بتل أبيب والآخر إسرائيلي بتونس، وذلك سنة 1996. وفي نفس السنة تحولت بعض الوفود الرسمية التونسية إلى إسرائيل للتشاور والتنسيق وبحثا عن مجالات للتعاون، ويقول المؤلف: “وقد أفادني في صيف سنة 1996 عضو بالبرلمان التونسي في ذلك الوقت أنه كان سافر ضمن وفد رسمي إلى إسرائيل رفقة المسؤول عن مكتب الاتصال الإسرائيلي بتونس الذي هو من مواليد مدينة “حلق الوادي” ولقبه “كوهين” وزار الوفد التونسي في إسرائيل عدة مؤسسات فلاحية مثل ضيعات تربية أبقار ومزارع للقوارص ومعامل لمنتوجات فلاحية، ومنتجعات استشفائية تقع على البحر الميت، وغيرها... وتواصلت العلاقات والاتصالات الرسمية بين البلدين إلى حد سنة 2000 تاريخ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت شرارتها على إثر زيارة أرييل شارون الاستفزازية إلى المسجد الأقصى، حيث تم إثر ذلك غلق مكتبي الاتصال بكل من تونس وتل أبيب. وقد ساد الاعتقاد بأن العلاقات انقطعت بصفة نهائية بين الجانبين إلا أن المؤلف يجزم بأن ذلك مخالف للواقع إذ تواصلت العلاقات التجارية بدون انقطاع. وصرح في هذا الصدد رئيس معهد التصدير والتعاون الدولي الإسرائيلي “دافيد أرتزي” سنة 2006 أن تونس اقتنت من إسرائيل سنة 2005 مواد مختلفة أغلبها كيميائية بملغ قدره 1.7 مليون دينار. كما صرح نفس المسؤول بتاريخ 13 فبراير 2011 أن التبادل التجاري لدولة إسرائيل مع كل من تونس والمغرب والعراق حقيقة مبيعات، لكن لا يقع إدراج ذلك بالإحصائيات الرسمية، مضيفا أن هذه البلدان تستورد من الدولة العبرية مواد كيمائية ومنسوجات وجلود وورق وآلات متنوعة. هذا وقد كانت أفواج من السياح الإسرائيليين تتوافد على تونس وخاصة في المناسبات الدينية اليهودية ولا سيما في الاحتفالات السنوية التي تقام بالمعبد اليهودي “الغريبة” بجزيرة “جربة”. وبصفته ضابط امن فان المؤلف يؤكد انه كان شاهد عيان في صيف سنة 1997 على عديد الاحداث التي كان الاسرائليون طرفا فيها وقد اورد نماذج منها لاثبات صدقيته. وجاء في الكتاب استنادا الى مصادر موثوق بها سماها المؤلف بالاسم ان أفرادا من العائلة الحاكمة في العهد السابق انتقلوا بواسطة طائرات تونسية خاصة إلى إسرائيل لحضور حفلات زفاف هناك. كما أوردت بعض المصادر أن شركة الطيران “كارتاغو” Kathago Airlines التي كان يملكها بلحسن الطرابلسي شقيق زوجة الرئيس المخلوع (فر الى كندا) كانت تنظم حوالي 20 رحلة سنويا لنقل الحجاج اليهود من إسرائيل إلى جزيرة جربة ذهابا وإيابا. ويؤكد حسن العلاقات التي كانت موجودة بين بن علي وإسرائيل الدعوة الذي كان وجهه الرئيس المخلوع إلى أرييل شارون الوزير الأول الصهيوني سنة 2005 لحضور القمة العالمية للمعلومات التي انعقدت بتونس من 16 إلى 18 نوفمبر 2005. وقد حضر نيابة عنه “سيلفيان شالوم” الذي هو من مواليد مدينة “قابس” بالجنوب التونسي. وقد حل هذا الأخير بجزيرة “جربة” أولاً حيث زار كنيس “الغريبة” الشهير الذي يعود بناؤه إلى أكثر من 2500 سنة، يرافقه بوفد إسرائيلي يتكون من 50 شخصا من بينهم عائلته وامه بالخصوص وعضو بالكنيست ورئيسي بلديتين إسرائيليتين. وأقام الرئيس المخلوع بن علي مأدبة غذاء على شرفه، وبالمناسبة زار الوزير الإسرائيلي مدينة “قابس” مسقط رأسه حيث سلمه رئيس بلديتها شهادة “مواطن شرفي”!، واشارت مصادر وثيقة اوردها المؤلف أن الرئيس المخلوع أهدى سيلفيان شالوم مسكنا بتونس خلال تلك الزيارة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©