الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جنوب السودان» وشبح الفظائع الجماعية

23 نوفمبر 2016 22:29
قرار إدارة أوباما بالسعي لفرض حظر أسلحة دولي وعقوبات جديدة على جنوب السودان يعكس الخلاف المدني الحاد والعنف العرقي المتصاعد في أحدث دولة في العالم. بيد أن هذا القرار ربما يكون أيضاً قراراً شخصياً. «سامنتا باور»، المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان أعلنت القرار يوم الخميس الماضي، علماً بأن «باور» انتقدت الحالات السابقة، حيث كان المجتمع المدني يعرب عن قلقه لكنه يفشل بعد ذلك في التصرف لوقف الإبادة الجماعية التي تلوح في الأفق. ومع تحذير مسؤولي الأمم المتحدة من أن الظروف أصبحت مواتية لحدوث تطهير عرقي وإبادة جماعية على نطاق واسع في هذه الدويلة التي يزيد سكانها قليلاً على 11 مليون نسمة، كانت السفيرة «باور» حريصة على قول «هذه ليست مسؤوليتي!» قبل أن تترك منصبها مع تولي إدارة ترامب الجديدة. وفي جلسة لمجلس الأمن يوم الخميس الماضي تناول فيها الأوضاع في جنوب السودان، استشهدت «باور» بالأدلة التي قدمها مسؤولو الأمم المتحدة عن تصاعد العنف العرقي، وقالت «إننا نذكر كل علامات التحذير التي غابت عن الأمم المتحدة - في أماكن مثل سربنيتشا ورواندا في تسعينيات القرن الماضي». وبالفعل، فإن مسؤولو الأمم المتحدة، بدءاً من الأمين العام «بان كي مون» يحذرون من الانزلاق تجاه وقوع «فظائع جماعية» في جنوب السودان. «كل إبادة جماعية تعد بمثابة جرس إنذار يومض ضوءاً أحمر في جنوب السودان اليوم»، بحسب ما قال «جون بريندرجاست»، المدير المؤسس لمشروع «كفى»، وهو عبارة عن مجموعة سياسية مقرها واشنطن وتعمل على منع وقوع فظائع. وأضاف «كل العناصر الكلاسيكية الدالة على الفظائع الجماعية تتكشف، بما في ذلك ارتفاع خطاب الكراهية بشكل كبير»، وحوادث القتل التي تستهدف جماعات عرقية معينة وتشكيل الميليشيات على أساس العرق. والآن، فإن إجراء الولايات المتحدة يعكس الإحباط من حكومة جنوب السودان بشأن «التأخير والتعتيم» على التوسع في قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة والتحقق من خطاب الكراهية والجرائم المتزايدة والتي أصبحت «ببساطة أكبر من تحملها»، بحسب «بريندرجاست». بيد أن وجود «باور» في مجلس الأمن ربما يكون قد لعب دوراً أيضاً. يقول «بريندرجاست»: «ربما لا يكون هذا جلياً أمام العالم الخارجي، لكن دفاعها عن حقوق الإنسان لم يتضاءل قيد أنملة بالنسبة لأي من الدول التي تشكل فيها الفظائع الجماعية تهديداً حقيقياً أو محتملاً». يذكر أن جنوب السودان تم استقبالها بضجة إعلامية، باعتبارها أحدث دولة في العالم بعد انفصالها عن السودان عام 2011. لكن التنافس السياسي بين رئيس جنوب السودان «سلفا كير» - وهو من قبيلة الدينكا - و«ريك مشار» نائب الرئيس آنذاك - من مجتمع النوير العرقي - تدهور إلى حرب مدنية في عام 2013. يذكر أن أكثر من 15 ألف شخص قد فروا من جنوب السودان إلى أوغندا المجاورة منذ شهر يوليو فقط، بينما قتل مئات آخرون. ووفقاً لتقارير تم تداولها يوم الجمعة الماضي، فإنه بالإضافة إلى حظر الأسلحة، ستسعى الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات تستهدف «مشار»، وكذلك وقائد جيش حكومة جنوب السودان ووزير الإعلام. وبالنسبة لاتفاق السلام الذي تم التوصل إليه العام الماضي، فإنه لم يُنفذ، واندلع العنف مجدداً في يوليو الماضي عندما انهار الاجتماع الذي عقد في جوبا بين الخصمين السياسيين. ومنذ ذلك الحين، تشير الأقليات العرقية إلى تصاعد موجة من أعمال القتل والاغتصاب والتشريد، تغذيها حملة لتكثيف خطاب الكراهية في وسائل الإعلام الاجتماعية. وتقوم جماعات غامضة تحمل أسماء تدل على انتمائها القبلي أو العرقي بنشر تهديدات تقشعر لها الأبدان على مواقع مثل «فيسبوك» و«واتس آب»، ويتم تنفيذ هذه التهديدات على نحو متزايد، بحسب ما ذكر خبراء حقوقيون. واستشهدت «باور» في بيانها بما نشرته جماعة تطلق على نفسها «الشباب الغاضب من بحر الغزال سابقاً» على موقع «فيسبوك»، وتستهدف به الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة الاستوائية الجنوبية، التي تعد مسرحاً للعنف العرقي المتزايد. وقالت هذه الجماعة في إعلانها «سننتقم سريعاً من الاستوائيين في أي مكان من الآن فصاعداً. سنعثر عليكم ونقتلكم». يقول خبراء إقليميون، إن خطاب الكراهية في جنوب السودان هذا والانقسامات العرقية لم تكن موجودة قبل بضع سنوات. لكنهم يضيفون: في هذه الأجزاء من جنوب السودان، حيث كان أعضاء القبائل والأقليات يعيشون في سلام والآن تمزقهم أعمال العنف المروعة. حتى وقت قريب، كانت الولايات المتحدة تعارض اللجوء إلى فرض حظر على الأسلحة. بيد أن اليأس من عدم إحراز أي تقدم في الجهود الدبلوماسية أدى إلى تغيير المواقف. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©