الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

من الذات إلى التعدد

من الذات إلى التعدد
5 يوليو 2014 01:36
منيرة مبروكي * الكتابة هي طريق يبدأ من الذات، لينتهي عند الآخر المتعدّد. ومن هذا المنطلق فإنّ اللّغة بإمكانها أنْ تركب قطار الزّمن، وترحل بوعي الكاتب.. تشقّ أغوار التاريخ لتطرح تساؤلات تعيش في غياهب اللاوعي. ويمكن لهذا اللاوعي أنْ يتوقف عند محطة النص الديني بحثا عن ألم يحاكي واقعه. الكاتب وبعيدا عن الطقوس الدينية وممارساتها اليومية، هو في عملية بحث متواصل عن معنى الوجود، يريد اكتشاف سرّ الحياة ورفع الحجاب عن هذا المجهول/ اللامرئي. ومن هنا تبدأ المأساة.. مأساة حيرته التي لن تنتهي إلا بزواله، ومن المفارقات أيضا أنّ هذه المأساة هي نفسها الموّلد الأساسي لنصوصه، فهي هذا النبع الذّي لا ينضب أبدا... وبما أنّ لكلّ كاتب إرثه المعرفي، الاجتماعي والديني، ولأنّه يعيش وسط نظام لم يختره، فهو إمّا أنّه سيحاول فهم هذا الإرث وتطويعه في حياته وكتابته، أو سيقع رفضه والتمرد عليه. «كان اسمي يشبهني، يسير نحو المدى وصمت الرمال، خطوة واقفة تحمل نبوءة القادم من الصحراء، هززتُ إليّ بجذعِ المجهول، فتساقط السّراب من على الأعناق، وأكلتُ من رطب الأحلام سهوا، فجاءني المخاض بغربة الأيّام. قلتُ: أنّى يكونَ لي وطنٌ، ولم أعرف غير رصاص القلم بندقيـة؟ يا ليتني متّ بطلقةِ عشقٍ، وكنتُ لوهم الحريّة أمرا منسيّا». شذرة من روايتي: كما.. اعتمدتُ من خلال هذه المداخلة حول علاقة الأدب بالروحانيات، أنْ أضع هذه الشذرة والتي تأخذنا عمدا للنص الديني من خلال سورة مريم: الآية 23: «فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا» الآية 25: «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا» كذات كاتبة أتعامل مع النص الديني، على أنّه لغة تستحق الغوص في أغوارها، فهي تزخر بالصور التي تجعلنا نستحضر الخيال، حتى نستطيع استيعاب وفهم هذه الوقائع التاريخية. كما أنّها دعوة غير مباشرة للآخر الذّي يختلف عنّي للبحث وقراءة النص الديني. كما لو أنّي أدفع بالآخر للتعرّف عن جمالية ما، بعيدا عن واقعنا اليومي الحزين والذّي يحاصرنا، بعيدا عن تعادلية الثواب والعقاب. وأنّ النص الديني كان وسيبقى ملهم عديد الشعراء والكتّاب. يوجد في النص الديني ما لا يمكن للعقل أنْ يصدقه، لكنّه يفتح شهيتك للخيال، هذا الخيال الذّي لولاه لما استوعبتُ فكرة الخلق. أليستْ الكتابة هي فكرة متجددة لمعنى الخلق.. أليس الإنسان هو خليفة الله في الأرض؟ * أستاذة جامعية، شاعرة وكاتبة تونسية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©