الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سُقطرى.. جزيرة فريدة تدخل منعطفاً تاريخياً

سُقطرى.. جزيرة فريدة تدخل منعطفاً تاريخياً
20 يناير 2014 19:53
بإعلانها محافظة مستقلة في اليمن من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، خلال زيارته لها في عيد الأضحى المبارك، ودعوته رجال الأعمال إلى الاستثمار وتقديم التسهيلات اللازمة فيها لما تتمتع به من مزايا سياحية وتنوع حيوي وبيئي فريد، تدخل جزر أرخبيل سُقطرى منعطفاً تاريخياً جديداً ينطلق نحو الاستقلالية والاهتمام والاستثمار، بعد أن عاشت هذه الجزيرة، الفريدة من نوعها، سنوات من الإهمال، على الرغم من مخزونها الأثري والطبيعي الذي لا يقدر بثمن، ما جعل الكل يتهافتون عليها تارة للاستثمار، وتارة أخرى للاستفادة من كنوزها المتعددة. دبي (الاتحاد)- تحظى جزيرة سُقطرى اليمنية، باهتمام إماراتي رفيع المستوى، تجلى في زيارة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان الإنسانية العلمية، للجزيرة واستماعه لشرح مفصل عنها والتركيبة الجغرافية والسكانية، وقيامه بجولات في الجزيرة التقى بالعديد من أهالي الجزيرة واطلع على مشكلاتهم واحتياجاتهم، حيث أمر سموه بتنفيذ عدد من المشاريع التنموية بالجزيرة في مجالات التعليم والصحة والمياه، كما أمر ببناء عدد من المساجد في مناطق مختلفة من الجزيرة. أغرب الجزر قامت مؤسسة خليفة الإنسانية ببناء مستشفى مركزي على أرقى المواصفات والمعايير في جزيرة سُقطرى لمساعدة أهالي الجزيرة، البالغ عددهم أكثر من مائة ألف نسمة تقريباً. ويتهافت مئات السياح على زيارة هذه الجزيرة، الفائزة بجائزة اليونسكو عام 2008 كواحدة من أغرب الجزر على وجه الأرض، فسُقطرى، الواقعة في المحيط الهندي قبالة السواحل الأفريقية، هي أرخبيل يمني مكون من أربع جزر، ينام على شواطئ خلابة، ومياه لازوردية، تزخر بأسماك ودلافين، ويزين أرضه أشجار نادرة ونباتات طبية، ومغارات عملاقة، وغروب للشمس يخطف ألباب مقيمها وزوارها من مختلف البقاع في العالم. وبنظرة فاحصة على الواقع المعاش، نجد أن هذه الجزيرة تعاني من إهمال شديد من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة في شتى الخدمات، وخاصة في جانب الحماية والصون للتنوع الحيوي الفريد الذي تمتاز به، وعندما نتحدث عن التنوع الحيوي الموجود في سُقطرى، يعني ذلك أن 37% من أنواع النباتات، من أصل 825 نوعاً، و90% من أنواع الزواحف، و95% من أنواع الحلزونيات البرية المتواجدة فيها غير موجودة في أي مناطق أخرى من العالم. غطاء نباتي بالعودة إلى كتب الرحالة والباحثين، نكتشف أن جزيرة سقطرى تتميز بغطاءٍ نباتي وفير، حيث تصل الأنواع النباتية فيها إلى نحو 750 نوعاً نباتياً بينها مجموعة من النباتات يستفاد منها في الطب الشعبي وعلاج الكثير من الأمراض، ومن هذه النباتات أشجار الصبر سُقطرى وأشجار اللبان والمر ودم الأخوين بالإضافة إلى نباتات طبية أخرى شائعة الاستعمال في الجزيرة مثل الجراز والأيفوربيا وغيرها، كما يوجد في الجزيرة نباتات نادرة أخرى ومما يلفت نظر الزائر انتشار شجرة “ألأمته”، بالإضافة إلى غابات أشجار النخيل الكثيفة المنتشرة في أماكن كثيرة أهمها ضفاف الوديان الجارية فيها المياه على مدار العام حيث تشكل بساطاً سندسياً أخضر مع زرقة البحر المحيط بالجزيرة لوحة فنية رائعة. أما الأشجار والنباتات العجيبة لها قصص أسطورية، فشجرة “دم الأخوين”، من أندر الأشجار والنباتات المستوطنة في سُقطرى، اقترن اسمها باسم الجزيرة لشهرتها منذ أقدم العصور، تنمو في أعالي الجبال، ويتراوح ارتفاعها من 6 إلى 9 أمتار، ويشق السُقطريون ساقها فتسيل منها مادة لزجة حمراء اللون تترك حتى تجف ثم تجمع وتستخدم كعلاج لعدد من الأمراض، وعلى الرغم من الأعداد الهائلة للحشرات والعناكب والزواحف، إلا أن الجزيرة تخلو بشكل تام من أي حشرات سامة أو حيوانات مفترسة. بيئة متنوعة تحتضن سماء الجزيرة طيوراً مختلفة ومتنوعة، تشكل أحد معالم بيئة التنوع في الطبيعة، ومشاهدة أنواع الطيور ليس بالأمر الصعب فهي تطير بالقرب من الزائر وفوق الأشجار وفي مياه البحر المحيطة بالجزيرة وفي الوديان، ويسمع الزائر أصواتها الجميلة والمتنوعة أينما تحرك. وهناك نوع الطيور يحل بجانب الزائر إذا قرر الاستراحة في مكان ما وتناول الطعام ورمى بمخلفاته فإنه سرعان ما يلتهم تلك المخلفات ولذلك يطلق الأهالي على هذا النوع من الطيور “بالمنظف” أو “البلدية” وبالتسمية السُقطرية له يسمى سوعيده. ويعتقد أنه يوجد في الجزيرة 105 أنواع من أنواع الطيور، و30 نوعاً منها تتكاثر في الجزيرة. كما تحتوي الجزيرة على نسبة عالية من الطيور المستوطنة. وتعمل جمعية حماية الطيور باليمن إلى الإسراع بإجراء الدراسات والتغطية المسحية للجزيرة لتسهيل وضع الخرائط عن توزيع الطيور ومواقع تكاثرها بالعلاقة مع بيئاتها الطبيعية، كما تعمل على تحديد المزيد من المواقع المهمة للطيور في الجزيرة من أجل حمايتها. شهر عسل افتتن كثير من الباحثين الأجانب بسحر سقطرى، بينهم بحسب سكان محليون، الاسكتلندية ميرندا موريس، الباحثة بجامعة سينت آند روز، والتي يقول السكان إنها “تعلقت جدا بسُقطرى منذ أن رأتها عام 1988، حتى إنها أجادت اللغة السُقطرية بطلاقة، ولها العديد من المؤلفات عن الجزيرة، وكان لها اليد الطولى في المشاريع البيئية العاملة فيها”. ومؤخراً بدأ كثير من المتزوجين حديثا في اليمن يقصدون سُقطرى لقضاء شهر العسل في هدوئها الفريد وشواطئها الدافئة، رغم افتقار الجزيرة للخدمات السياحية المعتادة، حيث لا يتوفر فيها سوى 4 فنادق بسيطة. وفي منطقة دليشة، التي تبعد نحو نصف ساعة عن مركز الجزيرة، تتواجد بعض المتنزهات السياحية التي شيدها الأهالي بجهود ذاتية، بعضها يقدم الأكلات البحرية الطازجة، وفرصة ارتشاف الشاي بالقرب من الأمواج الملونة، كما تم تشييد عدد من الأكواخ الخشبية بسعف النخيل على هيئة غرف. ويتكلم السُقطريون لغة خاصة، لا يفهمها الزائر للجزيرة من أي مدينة يمنية أخرى، ولكنها لا تُدرّس في المدارس، ما يجعل أبناء الجزيرة يخشون عليها من الانقراض. شلالات متواصلة تمتاز جزيرة سقطرى بعدد من شلالات المياه الغزيرة، التي تنتشر في مواقع مختلفة، أهمها شلالات “دنجهن” في حديبو، وكذلك شلالات حالة، ومومي، وقعرة وعيهفت. ومعظم تلك الشلالات تنبع من أعالي الجبال على مدار العام. جزيرة النعيم أثمرت جهود بعثة من العلماء الروس المنقبين عن الآثار بمكتشفات يقدر عمرها بـ1,4 مليون عام، بعد بحث دام أربعة أعوام في جزيرة سُقطرى اليمنية المعروفة تاريخياً باسم “جزيرة النعيم”، وقد وجدت آثار تعود للعصر الحجري في الطبقات الرسوبية على عمق ستة أمتار، إضافة إلى أوعية من السيراميك تعود لعهود مختلفة تم جلبها من الدول الآسيوية والأوروبية. ويأمل خبراء آثار أن تجد هذه اللقى الأثرية النور، وتوسع المعلومات حول ثقافة جزيرة سوقطرى، التي تعتبر إحدى أقدم الحضارات في العالم. جينات عربية كانت جزيرة سُقطرى عاصمة للسلطنة المهرية إلى عام 1967، حيث سقطت بيد أفراد من الجبهة القومية القادمة من اليمن وانضمت إلى اليمن الجنوبي، ثم إلى اليمن الموحد، الجينات التي تم أخذها من جزيرة سُقطرى هي جينات عربية نقية لم تتأثر بأي عوامل خارجية، والسُقطريون هم من قبائل سائدة أي أن الجينات هي جينات عربية سائدة وليست فرعا، وهذا يدل على أنهم حافظوا على نسبهم العربي النقي. وتعيش فيها قبيلة المهرة وقبيلة جهينة وقبيلة الجهضمي وقبائل السادة وقبيلة مذحج وقبيلة كندة وقبائل الممالك اليمنية القديمة وعلى رأسهم قبيلة حِميَر هم سكان سُقطرى الأوائل. ويعتمد بعض سكان بادية سُقطرى على رعي المواشي الإبل والأبقار والأغنام. كهوف سكانية تنشر الكهوف المغارات في مواقع عديدة من جزيرة سُقطرى والجزر التابعة لها، وتشكلت تلك المغارات بفعل عوامل التعرية الطبيعية، وفي بعض منها تفاعلت عوامل “جيومائية” حيث عملت المياه على إذابة الكلس، وشكلت أعمدة كلسية معلقة من أعلى سطوح الكهوف، بالإضافة إلى أعمدة كلسية صاعدة من قاع الكهوف إلى الأعلى، ومعظم تلك الكهوف والمغارات مأهولة بالسكان، ومنها يمارسون حياتهم الطبيعية المعتادة، وأهمها مغارة “دي جب” في سهل نوجد حيث تعتبر أكبرها حجماً، ويتسع لعدد من الأسر، كما يمكن للسيارة التي تقل الزوار الوصول إلى جوف المغارة والتحرك بداخلها من دون عناء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©