السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«خان الأشقر» يتوسد أكتاف مدينة صور ويعود من رحم الماضي

«خان الأشقر» يتوسد أكتاف مدينة صور ويعود من رحم الماضي
14 سبتمبر 2010 21:23
خان الأشقر من أهم المؤسسات التاريخية والسياحية في لبنان، وتحديداً في مدينة صور، لا سيما في قطاع التراث والآثار.. يجمع عراقة البناء والتطور، لجهة عراقته نرى الشموخ “المتعلق” على أكتاف المدينة البحرية، ولجهة التطور فإن خبرات ماضي الشعوب نراها مرسومة ومجسدة في كل حجر مرصوص، يحمل حقباً من الأحداث والمحطات تعود إلى ما قبل 500 عام على أقل تقدير. “ورشة” تحديث “خان الأشقر” في صور، يروي حكايته مع التاريخ والتراث، حتى يكاد هذا الصرح يعتبر إنجازاً، لخطوات حالية ولاحقة، يعتز بها كل مواطن لبناني، كيف لا وهو واحد من الأحلام التي راودت خيال أهل الجنوب منذ سنين طويلة، وكل طموحهم أن يكون “خان الأشقر” مقر استقطاب ومركز انطلاق سياحي وتراثي لبقية المؤسسات التاريخية التي تنعم بها لبنان نتيجة لحقب الماضي، وعهود الممالك والإمبراطوريات التي حدثنا عنها التاريخ. حالياً، تشهد صور “ورشة” عمران ناشطة لصروح أثرية، تحمل حقبا مهمة منذ قرون، بعد فترة نسيان وإهمال تعود لظروف طارئة سادت البلاد، منها آثار الاعتداءات الإسرائيلية التي حصلت عام 1982، وغيرها من عملية “العبث” التي عصفت ببعض المباني والقلاع الأثرية المهمة. “خان الأشقر” كما هو معروف بناه الأمير يونس المعني عام 1590، واتخذه مسكناً له نظراً لموقعه ومساحته وجغرافية المنطقة المحيطة به، ولم يبارحه إلا سنة 1633، حين اعتقله العثمانيون، وسجنوه في إحدى قلاعهم، ليحولوا “الخان” بعدها الى حامية عسكرية لضباطهم وجنودهم، ويكون في نهاية المطاف للحاكم عباس المحمد سنة 1750، الذي تولى حكم صور وضواحيها من خلال اقامته فيه. في الحرب العالمية الثانية، وبعد أن أصبح “خان الاشقر” ملكاً للآباء الفرنسيسكان، شغلته الحامية الشنغالية، احدى الفرق العسكرية التابعة للجيش الفرنسي التي بقيت فيه حتى عام 1923، ليتم استئجاره من قبل عبدو الاشقر، وليتحول بعدها الى اسم “خان الاشقر”، حيث توارثته هذه العائلة أباً عن جد. بدأنا الترميم رندى بري رئيسة الجمعية الوطنية للحفاظ على آثار التراث في الجنوب، أولت “الخان” اهتماماً فائقاً من ضمن رعايتها، لكثير من الصروح التاريخية والتراثية في الجنوب، وذلك بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية “اليونيفل”، والجيش اللبناني، فكلفت مجموعة من المهندسين وأهل الاختصاص، وخبراء في عالم الآثار والتراث، بإجراء مسح ميداني وهندسي، لتبدأ عملية ترميم “خان الاشقر”، وصيانة اقسامه واعادة الوهج الحضاري له، عبر “ورشة” ميدانية خصصت لها ميزانية ضخمة، وعملية الترميم هذه بسبب قيمته الاثرية ، والحقب التاريخية للعديد من العهود التي مرّت عليه، ولموقعه الاستراتيجي والجغرافي في مدينة صور، وتحديداً في وسطها، وما يعني ذلك من ضرورة الاستفادة من هذه الميزات والخصائص التي يتمتع بها. وتؤكد بري بأنه بعد الانتهاء من “ورشة” الترميم والصيانة، فان “خان الاشقر” سيكون من المعالم السياحية والاعلامية الفريدة من نوعها، ليس في لبنان فقط، بل في منطقة الشرق الاوسط، وسيكون له الدور الفعال بالمساهمة في انعاش “النهضة السياحية”، واستقطاب السائحين والمصطافين والزوار، مما يخلق حالة تنموية لمدينة صور والجنوب. وعن الحلة الجديدة لـ”خان الاشقر” بعد عملية الترميم والصيانة، قالت بري: من المعروف أن الخان تاريخياً، كان عبارة عن فندق مؤلف من طبقتين مبنيتين بحجارة رملية خاصة، وفيه قناطر وعقود وتقسيمات كانت من لوازم البناء في الماضي، لذلك ترى التراث في كل حجر ولبنة ومدماك، وهذه الخصوصية في المواد المستخدمة للبناء، جعلت “الخان” صامداً وصلباً وسداً، امام كل المتغيرات الجغرافية التي حصلت مثل الزلازل والفيضانات وتقلبات المناخ وعوامل اخرى متعلقة بالطقس والبيئة. وتضيف رندى: دور الجمعية التي لي شرف ترؤسها، انها استأجرت “ألخان” من أوقاف الروم الكاثوليك قبل عشر سنوات، ليتم تحويله الى مركز وصرح ثقافي وحرفي واجتماعي، اي انه يضم كل النشاطات السياحية والفنية، مثل اقامة المعارض وعروض الاشغال الحرفية والمشغولات اليدوية، لمهن لا تزال قائمة واخرى انقرضت او خف وهجها لأسباب عديدة، وايضاً تقديم الحفلات، والتعريف بالمهارات الخاصة من الحفر على الاحجار الكريمة، وصناعة الزجاج وفنون النقوش، وتدشين قاعة ثقافية وموسيقية فيها عدة اجنحة، طبعاً هذه النماذج اخرت قليلاً من انطلاقة عملية الترميم بسبب انعدام التمويل المطلوب، وبطء الميزانية المادية التي تتطلبها لاعادة الوهج والحياة لـ”خان الاشقر”. صرح ثقافي وحرفي ونحن نسعى لأن يكون التأهيل والترميم متوافقين مع خصوصية المبنى التراثي، ومتجانسين مع المتطلبات التاريخية لأن التشوهات وأيادي العبث التي عبثت به في الماضي، كانت حجر عثرة في عملية الانجاز، فإلغاء التشوهات والتخريب التي حصلت في بعض اقسامه، بحاجة الى بعض الوقت، لانهاء المشروع الذي تعمل على تحقيقه. وترى رئيسة الجمعية رندى بري، أن “خان الأشقر” سوف يلعب دوراً رئيساً ومفصلياً في مدينة صور، نظراً لموقعه الاستراتيجي، وللنشاطات التي سوف تعرض فيه، لا سيما المهن اليدوية والحرفيات، وهي من نتاجات الفئات الشابة، وأصحاب الطاقات والكفاءة الذين علينا إفساح المجال لهم لإبراز مخزونات مواهبهم. عدا ذلك فإن “الخان” سيجذب العديد من السائحين والزوار، وسوف يكون أداة تواصل بين كل شرائح المجتمع الثقافية والاجتماعية، وعامل جذب وتعاون لمختلف الهيئات والجمعيات، لتحقيق الأهداف المرجوة منه، وللتعريف عن أهمية هذا الصرح التاريخي العريق، الذي يجب ان يكون على قدر المسؤولية، لناحية إبراز قيمة وعراقة المزايا الخاصة المتعلقة به.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©